طرابلس اليوم

السبت، 14 أكتوبر 2017

في خضم المبادرات الانتخابية.. ليبيا تعيش وقع معركة جديدة نحو الفوز بالرئاسة

,

طرحت في الآونة الأخيرة على الساحة السياسية في ليبيا مبادرات عدة للخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة، وقد تضمنت معظم هذه المبادرات إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة مطلع العام المقبل.

وبعد انسداد كل الطرق التي تؤدي إلى حل الأزمة الليبية، يرى بعض المراقبون أن الحل للأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد وألقت بكاهلها على المواطنين يكمن في إجراء انتخابات مبكرة لإنهاء الانقسام المؤسسي في البلاد، للتخفيف من معاناة المواطن.

مبادرة السراج ولقاء باريس

وكانت بداية هذه المبادرات للخروج من الأزمة الحالية، خارطة الطريق التي طرحها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج في منتصف يوليو الماضي، والتي تتضمن تسعة بنود أهمها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس القادم؛ رغم ما واجهته الخارطة معارضة من بعض أطراف الأزمة السياسية.

وبعد مبادرة السراج، احتضنت العاصمة الفرنسية باريس في 25 من الشهر ذاته، لقاء بارزا ضم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج واللواء المتقاعد خليفة حفتر، في مساع للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرونلإيجاد حل للأزمة الليبية، وتعهد الطرفين على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في مارس 2018 بدعم وإشراف الأمم المتحدة.

خطة سلامة

وتوالت مبادرات التي تطرح من أجل الخروج بليبيا إلى بر الأمان، وأعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة في 20 سبتمبر الماضي، عن خارطة طريق لحل الأزمة في البلاد، خلال انعقاد جلسة للأمم المتحدة حول ليبيا في نيويورك برئاسة الأمين العام أنطونيو غوتيريس، وتتكون هذه الخطة من ثلاث مراحل.

وتبدأ المرحلة الأولى من “خطة العمل من أجل ليبيا” التي أعلنها سلامة، بتعديل الاتفاق السياسي الليبي، وعقد مؤتمر وطني شامل تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة، وتنتهي بانتخابات رئيسية وبرلمانية وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور في غضون سنة من الآن.

حملات انتخابات

تعيش ليبيا في الوقت الراهن على وقع معركة جديدة، تضاف إلى سلسلة المواجهات الميدانية التي تشهدها البلاد والتطورات الدبلوماسية التي شملت مختلف الأطراف المتداخلة في قلب الصراع الليبي.

ومع هذه المبادرات والخطط من أجل إيجاد مخرج للأزمة الليبية التي تؤكد على ضرورة إجراء انتخابات لإنهاء الصراع، تسارع الطرفين الأبرز في الصراع السياسي في البلاد فائز السراج وخليفة حفتر إلى إجراء حملات انتخابية غير معلنة لكسب ولاء أكبر عدد من ممكن من الشعب وثقتهم، وبناء قاعدة شعبية تفسح المجال أمامهما لخوض العملية الانتخابية في أجواء مطمئنة للفوز برئاسة البلاد.

قرارات للسراج

وبدأ رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج الذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقرا له، في الآونة الأخيرة اتخاذ قرارات عاجلة بشأن صرف مبالغ مالية لبعض البلديات والجهات الخدمية في مختلف المناطق لتحسين الوضع المعيشي والخدمي للمواطنين، “تمهد له الطريق نحو الانتخابات”، بحسب ما رأى مراقبون.

وخصص السراج خلال شهر أكتوبر الجاري ثلاثة ملايين دينار لصالح المجلس البلدي كاباو بالجبل الغربي “جبل نفوسة”، لاستكمال صيانة غرف العمليات والإنعاش والعناية الفائقة بمستشفى المدينة، وللمضخات الغاطسة والمضخات السطحية الدافعة وخدمات المياه في كاباو.

وأصدر السراج أيضا قرارا نصّ على تخصيص مليون دينار لصالح مركز الأمراض السارية والمناعة ببنغازي، ليتم صرف هذا المبلغ على علاج الأطفال المصابين بنقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

وقرر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، تخصيص مليون دينار لصالح بلدية السائح لغرض معالجة المشاكل التي تواجهها البلدية بخصوص المياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى تحوير وصيانة العديد من المرافق العامة داخل البلدية.

وبعد زيارة فائز السراج إلى مدينة صبراتة، الأربعاء الماضي، لتفقد المدينة والوقوف على احتياجاتها الأمنية والخدمية، عقب الاشتباكات التي شهدتها المدينة الفترة الماضية، قرر السراج، تشكيل لجنة لحصر كافة الأضرار المادية التي خلفتها اشتباكات صبراتة، برئاسة وكيل وزارة حكم المحلي بحكومة الوفاق.

صرف علاوة للمعلمين

وبأوامر من فائز السراج، أعلن وزير التعليم المفوض بحكومة الوفاق الوطني عثمان عبدالجليل، دعم المعلمين بقيمة 12 دينار على كل حصة في مرحلة التعليم الأساسي، و15 دينار على كل حصة في مرحلة التعليم الثانوي، بداية من شهر نوفمبر المقبل.

وأكد عبدالجليل، خلال مؤتمر صحفي عقده الخميس الماضي عقب لقائه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووزير المالية المفوض بحكومة الوفاق، الاتفاق على البدء في تنفيذ برنامج التأمين الصحي لشريحة المعلمين.

وناقش السراج، الخميس، قضايا التعليم وما يواجهه القطاع من مختنقات في اجتماع حضره وزير التعليم المفوض عثمان عبد الجليل، ووزير المالية المفوض أسامة حماد، ووكيل وزارة التعليم عادل جمعة، مع مديرو الإدارات ومراقبو التعليم بالبلديات وعدد من ممثلي نقابات المعلمين.

دعم أندية الشرق

وفي إطار الحملات الدعائية والمساعي المبذولة من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج للاهتمام بالرياضة المحلية، التقى في الرابع من أكتوبر الجاري بمقر المجلس بطرابلس، رئيس مجلس إدارة نادي أهلي ببنغازي خالد السعيطي، وعضو اللجنة الإدارية بنادي الهلال عمر السعيطي، وعضو اللجنة الإدارية بالنادي الأخضر بمدينة البيضاء حمدي محمد الداعوب.

وفي السابع من الشهر ذاته، استقبل السراج بمقره في العاصمة رؤساء بعض الأندية بالمنطقة الشرقية من بينها، رئيسا ناديي نجوم إجدابيا والتعاون من مدينة إجدابيا، ورئيس نادي الأندلس من مساعد، ورئيس دارنس من مدينة درنة.

ورحب السراج، بوفد الممثلين عن بعض الأندية الرياضية بالمنطقة الشرقية، مشيدا بالدور الذي تلعبه هذه الأندية في مجتمعها كمنارات رياضية واجتماعية وثقافية والدور الوطني التاريخي الذي تضطلع به كافة الأندية الليبية في لم الشمل في هذا الظرف وإصلاح ما أفسدته السياسة وما نتج عنها من انقسامات، بحسب ما نشرت إدارة التواصل والإعلام برئاسة مجلس الوزراء.

وعبر السراج، عن استعداد حكومته لتلبية الاحتياجات العاجلة لكافة الأندية التي يعتبرها مؤسسات رياضية لها دور تربوي اجتماعي وثقافي، وفقا للإمكانيات المتاحة دون إهمال، وتقديم كل ما تحتاجه منشآتها من تطوير وتحديث يتطلب وقت ومخصصات غير متاحة حاليا، وفق قوله.

وأصدر السيد الرئيس تعليماته الفورية لجهات الاختصاص بتوفير ما عرضه أعضاء الوفد لاجتياز الظرف الصعب الحالي وبما يمكنها من مواصلة أنشطتها وأداء رسالتها السامية، مشيدا بالرياضيين الذين يسهمون في تأكيد وحدة البلاد وترابط شعبها.

واقترح رئيس المجلس الرئاسي، إقامة أنشطة ودورات رياضية في مختلف الألعاب في عدة مدن، وتتكفل الدولة برعايتها وتوفير المواصلات والإقامة للفرق المشاركة بها، مجددا تأكيده على أنه يعول على الرياضة في تجاوز واقع الفرقة والتشتت، على حد تعبيره.

وأشاد أعضاء الوفد، بالجهود التي يبذلها فائز السراج في توحيد الصف ودعم الرياضة، مستعرضين الأعباء الكبيرة التي تواجه أنديتهم نتيجة للظروف الصعبة الحالية التي يمر بها الوطن ووجود عدد من المنشآت في المواقع التي شهدت اشتباكات في بنغازي.

وبعد هذه الاجتماعات، أعلن نادي أهلي بنغازي على صفحته الرسمية في “الفيسبوك”، عن تلقيه دعما ماليا من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، يقدر بأربعة ملايين دينار ونصف، وتسلمه حافلة حديثة ومدرجات لملاعب النادي، أضافة إلى تنفيذ عدة مشاريع إنشائية داخل أروقة نادي أهلي بنغازي.

حملة حفتر

في الجهة المقابلة، ينتهج قائد قوات الجيش في شرق البلاد اللواء المتقاعد خليفة حفتر، نهج غريمه فائز السراج واتخذ في الفترة الأخيرة قرارات عديدة بشأن حل بعض الأزمات التي تعاني منها المدن الشرقية التي تعتبر منطقة نفوذه وتخضع تحت سيطرته، في إطار سعيه لتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين أيضا.

ويعتزم حفتر في خضم هذه المعركة الانتخابية الجديدة، التركيز على النهوض بالبنية التحتية في مدينة بنغازي أكبر مدن المنطقة الشرقية وأكثرها تعدادا للسكان والاهتمام ببعض مدن الشرق، فضلاً عن تحسين الوضع الاقتصادي وتنشيط الصناعات النفطية في المنطقة.

وقد نجح حفتر في بسط سيطرته العسكرية والأمنية على معظم أجزاء المنطقة الشرقية “إقليم برقة”، وبعض أجزاء من مدن الجنوب “إقليم فزان”، ودحر المجموعات المسلحة المنافسة له في المنطقة وهزيمتها والزج بها في سلة الإرهاب، بهدف بسط نفوذه لتوفير الأمن والاستقرار الذي يبحث عنه المواطن الليبي بعد ثورة 17 فبراير في ظل انتشار السلاح.

كما عمل خليفة حفتر على تهيئة المنشآت الحيوية في بنغازي، وأشرف على إعادة فتح مطار بنينا الدولي في مايو الماضي بعد إغلاقه لقرابة ثلاثة سنوات، وإعلان عن افتتاح ميناء بنغازي في بداية الشهر الجاري وتشغيله بشكل أفضل وإعادته إلى سابق عهده، وسيساعدان هذين المنشأين الحيويين في بنغازي على تحسين الوضع المعيشي والخدمي للمواطنين وإنهاء أزمات نقص الوقود والغاز في المدينة.

أهداف دعائية

ويرى محللون محليون، أن افتتاح مطار بنينا وميناء بنغازي سيكون لهما تأثيرا مزدوجا على اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وسيوظف ذلك لأهداف دعائية مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة في البلاد، ويسعى حفتر من خلالها أيضا إلى تعزيز نفوذه في ليبيا والتفوق على حكومة السراج في الغرب.

ويرغب حفتر في إظهار مدى قدرته على إعادة الأمور إلى نصابها، فضلا عن إصلاح وترميم المنشآت الحيوية التي تستند عليها البلاد، أمام الشعب الليبي والدول الأجنبية، بالإضافة إلى ذلك يحاول حفتر أن يؤكد للجميع أنه تمكن من تحقيق إنجازات فعلية في بنغازي، بغض النظر عن الحالة الأمنية غير المستقرة بالمدينة في حقيقة الأمر.

ومع مرور الوقت، ربما قد نشاهد في الفترات المقبلة متسابقين أخرين يدخلون في غمار السابق على الفوز برئاسة البلاد من خلال الانتخابات وإجراء حملات انتخابية، على غرر ما فعله المترشح السابق لرئاسة الوزراء والرجل الأعمال الليبي عبدالباسط أقطيط في شهر سبتمبر الماضي.

منطقة المرفقات

التدوينة في خضم المبادرات الانتخابية.. ليبيا تعيش وقع معركة جديدة نحو الفوز بالرئاسة ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “في خضم المبادرات الانتخابية.. ليبيا تعيش وقع معركة جديدة نحو الفوز بالرئاسة”

إرسال تعليق