طرابلس اليوم

الثلاثاء، 17 أكتوبر 2017

من يحكم الجنوب الليبي.. السيارات المعتمة أم الجيش؟

,

عبد المنعم الجهيمي/ كاتب وصحفي من سبها

كانت كلمات آمر منطقة سبها العسكرية العميد رمضان البرعصي،  لأهل سبها في اجتماعهم به قبل أيام صادمة بكل المقاييس، توجت هذه الكلمات فترة الضعف والارتباك والفلتان الأمني الذي صار قدرا للمدينة عليها أن تعيشه على الدوام.

البرعصي قال، إن الجيش في الجنوب “عوده طريّ “، وهو أمر يجعله أي الجيش غير قادر على ضبظ الأمور بالمدينة، وبالتالي يقف متفرجا على أعمال السلب والنهب والحرابة والسطو على مؤسسات الدولة، ويجعله يقف متفرجا على قوافل المهاجرين وتجار البشر، متفرجا على الاستهتار بقوت المواطن من وقود وغذاء وغيرها، بهذا يكون الجيش طريا وسيبقى طريا إلى ماشاء الله.

البرعصي قال إن هناك كتائب محلية داخل سبها تمنع الجيش من الدخول للمدينة والسيطرة عليها وتأمينها، وبهذا يقبع في مقره خارج المدينة وهو ينظر إليها تحترق كل يوم بنار الحقد والكراهية، ينظر إليها وهي ترزح تحت ذلٍ تسومها إياها تلك السيارات المعتمة، وذلك بسبب عجز الجيش -الذي حارب وحارب وحارب- عن تأديب مجموعات محلية مسلحة، وصار ينتظر موافقتها حتى تسمح له بالقيام بواجبه المنوط به تجاه عاصمة الجنوب.

قال البرعصي إن الجيش في الجنوب بلا إمكانيات، وهذا لا يوفر له القدرة على التحرك والقيام بمهامه، واقع يبرر فشل الجيش في أبسط مهامه وهو تأمين المدينة، تلك المدينة التي خرج أهلها مرارا وتكرارا حالمين ومطالبين بخروج القوة الثالثة ودخول الجيش، هاهم يعيشون نفس الواقع مع تغير الأجسام المسيطرة.

يقول البرعصي إنه يتألم من تلك المقارنات التي يعقدها أهل المدينة بين جيشه والقوة الثالثة، مذكرا بأنه مؤسسة عسكرية لها ضوابظ؛ في حين أن القوة الثالثة مليشيا، حديثٌ يتناقض مع دعوته لما أسماها بالمليشيات المحلية للانضمام لجيشه، في محاولة لمغازلتها ودفعها باتجاه قبول وجود جيشه داخل المدينة.

ولا يتورع الرجل القادم من أقصى الشرق، عن إلقاء اللوم على أهل المدينة الذين اجتمعوا ليشتكوا إليه ضعف قوتهم وقلة حيلتهم، فيراهم سلبيين مع الجيش ولم يقدموا له شئ، يرى البرعصي أن عليهم أن يقمعوا المليشيات المحلية ويجبروها على الإذعان لجيشه، ويرى أن الأهالي عليهم أن يقدموا مايستطيعونه لدعم جيشه، وأن الأهالي عليهم إجبار أبناءهم على الالتحاق بجيشه، وأنه عليهم أن يفرضوا الأمن في المدينة، كل هذا يقع على عاتق أهل المدينة، الذين لم يسمعوا من حديثه إلا الشكوى والتذمر وطلب المساعدات.

أهل سبها لا يملكون تلك القدرات الخرافية التي ينتظرها منهم البرعصي، ولو كانوا يملكونها لما كانوا بحاجته؛ ولما جلسوا معه بانتظار أن يقدم لهم حلولا، خرجوا سلميا للمطالبة بدخول الجيش للجنوب إبان حكم القوة الثالثة، وشاءت الظروف والأقدار والحسابات المحلية والمصالح المعقدة أن تخرج الأخيرة من المشهد، وليس بإرادة شعبية كما يظن البعض، ولكن المشهد ظل كما هو ولا يبدو أنه سيتغير، فبعد أن جلس الأهالي مع آمر منطقتهم العسكرية ظهر عجزه المضاف لعجزهم، المحصلة هنا صفر، بذلك تتجه الأنظار صوب السيارات المعتمة الحاكم الحقيقي في سبها، وإلى تلك المليشيات المحلية التي نحجت في إبقاء المدينة على ماهي عليه دون تغيير يُذْكر.

ومع انعدام سبل إيجاد حل لهذه المعضلة المعقدة وشديدة الحساسية يتوارد إلى أذهاننا تساؤل عن دور القيادة العامة للجيش في الشرق، والتي تنشغل دائما بمد نفوذها وبسط سيطرتها على العديد من المناطق، لما لا تتحرك بشكل جدي لحسم الأمر طالما تشعر بأن القاعدة الشعبية في الجنوب تؤيدها أو بمعنى آخر تريد أن ينتهي هذا المشهد على يد أي كان!!!؟ الأمر قد يكون سهلا فتوفير الإمكانيات والدفع بالقوات وحسم الأمر بتأديب المليشيات والكتائب المحلية غير المنضوية لن يُكلف كثيرا، ولكن يبدو أن الجنوب يقع في أخر الحسابات، فالهدف هنا طرابلس، وفي سبيل الحصول عليها لأ بأس من التواجد في الجنوب إسما لا فعلا والتفرج على مآساة ساكنيه.

التدوينة من يحكم الجنوب الليبي.. السيارات المعتمة أم الجيش؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “من يحكم الجنوب الليبي.. السيارات المعتمة أم الجيش؟”

إرسال تعليق