طرابلس اليوم

الاثنين، 11 ديسمبر 2017

صدق الفلاح وخاب جيفارا…

,

عبد السلام الراجحي/ كاتب ليبي

الثورة إن لم تنقذ المواطن من براثن الفقر والجوع والحرمان فهي ثورة فاشلة ومنتهية الصلاحية بغض النظر عن شعاراتها الجميلة و مبادئها الصحيحة وأهدافها المشروعة.

لا أحد ينتظر من المواطن أي تأييد إلا في حالتين:

الأولى أن يقتنع المواطن بقضية الحرية أكثر من مستوى المعيشة، والحالة الثانية أن يلمس المواطن تغييرا أفضل في مستوى المعيشة يترافق مع شعار الحرية الذي ترفعه الثورات.

نحن في ليبيا اقتنعنا في البداية بقضية الحرية وجرى ربطها من قبل دعاة ثورة فبراير بمستوى المعيشة المتدهور، وأن الثورة سوف تأتي بالحرية وبرفع مستوى المعيشة بتوزيع الثروة بشكل صحيح ومكافحة الفساد و و و.. إلخ

وصدق الشعب الليبي كل ذلك من ثوار فبراير، ثم ما الذي حصل؟..

غابت بوصلة الثورة ونسي الثوار وعودهم برفع المعيشة!!!

واتجه بعض الثوار إلى الثراء عن طريق ما أصطلح عليه بالتمشيط، وتحول التكبير إلى تكبير على نهب الأملاك العامة للدولة والأملاك الخاصة برجال النظام السابق ومؤيديه.

وبعض الثوار اتجه إلى المناصب ووجد ضالته في منظومة الفساد السابقة ومارس فسادا لم يخطر ببال أكثر أصحاب المناصب فسادا في النظام السابق.

وبعض الثوار سيطر على مرافق حيوية للدولة وحولها إلى مصدر ثراء وتهريب أو ابتزاز ومساومة كما حصل في عدة مطارات ومحطات كهرباء ومقار شركات وموانئ نفط بل حتى خطوط الماء والغاز والوقود لم تسلم من الغلق ثم الابتزاز.

بعض الثوار تحالف مع “الإرهابيين” أو على الأقل سكت عنهم إلى أن تفاقمت مصيبتهم وعظم شأنهم.

بعض الثوار مارس عمليات انتقام من رجال النظام السابق خارج القانون وبعيدا عن القضاء ومبادئ العدالة.

وقليل من الثوار من كان مخلصا وصادقا ونزيها وحتى هؤلاء انقسموا فيما بينهم بل وصل بهم الحال إلى التخوين في ما بينهم.

أكثر الثوار كانوا صادقين واضحين في نبذهم للإرهاب والتطرف، ولكن بعضهم اختار طريق “الإرهاب” وتكوين خلايا إرهابية استقطبتها “داعش” فيما بعد.

وأكثر الثوار كانوا رافضين للانقلاب العسكري على الدولة المدنية التي ولدت بعد الثورة – وإن كانت دولة ضعيفة مشوهة – ولكن بعضهم اختار التحالف مع ضباط انقلابيين وكل ذلك بسبب خلافات بين الثوار أنفسهم.

في الواقع انتصر الثوار المخلصين على “الإرهاب” المتمثل في “داعش” ورفض الثوار وجود ملاذ للقاعدة أو أنصار الشريعة، ولكن نتيجة الخلافات السياسية بين الثوار لم يستطيعوا تسويق هذه الانتصارات سياسيا بشكل مهني بين الليبيين ولا حتى في العالم.

وبعض دول العالم هي من بذلت جهودا كبيرة لكي تفهم الوضع في ليبيا وأنصفت الثوار واكتشفت أنهم ضد “الإرهاب” قولا وعملا.

لقد ثبت الثوار الصادقين حتى الآن في وجه محاولات عسكرة الدولة أو إعادة إنتاج الاستبداد بوجوه جديدة وقديمة، وأخفقوا في بعض المناطق نتيجة فقدانهم الحاضنة الشعبية.

هذا الثبات الأسطوري هو ما أقنع المجتمع الدولي بأن ليبيا لا يمكن أن تكون إلا دولة مدنية.

كل هذه الخريطة المعقدة مع عدم إغفال وجود ثوار يؤيدون للحل السلمي السياسي المتمثل في اتفاق الصخيرات، ووجود ثوار ضده شكلا ومضمونا مع عدم طرح أي مشاريع بديلة للاتفاق.

مع وجود كل هذه التعقيدات وغيرها، هل ننتظر من المواطن الليبي أن يؤيد ثورة فبراير أو يضحي بمعيشته من أجل أهدافها؟.

قطعا لا… فالمواطن يعاني الأمرين على جميع الأصعدة وما يراه أمامه ليس ثورة بقدر ما هو صراع على السلطة وتكالب على النفوذ والمال.

فبأي خطاب يمكن أن تقنع المواطن الليبي بأن يصبر على كل الصعاب ويضحي بمستوى معيشته وهو يرى بأم عينه كل هذا اللغط والغبار الناتج عن الصراع بشقيه المسلح والسياسي.

لقد فرح المواطن الليبي واستعاد الأمل بعد توقيع الاتفاق السياسي ثم دخول المجلس الرئاسي ولكنه الآن صار في حيرة أكثر.

لماذا يضيع الفرقاء الثوار منهم والعسكريين والسياسيين فرصة الوفاق والحل السلمي بمباركة المجتمع الدولي وتكراره التأكيد على أن الحل في ليبيا حل سلمي سياسي وليس حلا عسكريا ولا تدخلا دوليا؟.

إن لم يكن نتيجة الثورة دولة مدنية حرة ترسخ هوية الشعب الليبي وتدكن على حقوق كافة مكوناته وشرائحه فما هي الثورة إذن؟.. ولما كل هذه التضحيات؟.

 

التدوينة صدق الفلاح وخاب جيفارا… ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “صدق الفلاح وخاب جيفارا…”

إرسال تعليق