طرابلس اليوم

الاثنين، 19 مارس 2018

مبعوثون بالتتابع

,

عبد المجيد العويتي/ كاتب ليبي

تداول على ترأس البعثة الأممية إلى ليبيا شخصيات سياسية ودبلوماسية وصل عددها إلى 7 ، بدأت بالأردني عبدالإله الخطيب مروراً بالانجليزي مارتن واللبناني متري والإسباني ليون والألماني كوبلر وليس انتهاءاً على ما يبدو باللبناني سلامة .

كما في سباق التتابع في الألعاب الأولمبية تلقف كل مبعوث على استعجال مهمة المبعوث الذي يسبقه ، فبدا الأمر للمتتبع وكأن ليبيا لا تروق لهم بسياساتها وسياسييها وظلماتها ، فحظينا بالعدد الأكبر من المبعوثين عن بقية بلدان الأزمات العربية كاليمن التي حظيت بشخصيتين وسوريا الأكثر تعقيداً والتي تداول على ترأس بعثاتها إلى الآن 4 فقط بينهم مخضرمون كالغاني عنان والجزائري الابراهيمي .

مع هذا العدد الكبير من المبعوثين الأمميين إلى ليبيا لم يستطع أي منهم المضي قدماً نحو حلحلة المشاكل الأساسية التي تعاني منها البلد كالفراغ الدستوري والحالة الأمنية والأحقية التشريعية ، برغم إلمامهم الكبير كسياسيين أولاً بالأزمات عموماً ، وباعتبارهم مبعوثين خاصين إلى ليبيا ثانياً فالبتالي الإلمام بتفاصيل التفاصيل ، ولم يسعف رغم ذلك أياً منهم إلى الآن إلى وضع يده على لب الأزمة ليصل إلى الحل .

يقول مراقبون ومختصون أن أحد الأسباب التي يفشل بها في العادة المبعوثون الأمميون إلى محطات الصراع هي أنهم يقومون بدور مديري الأزمة بدل دور الباحثين عن الحلول ، فيقوم المبعوث إلى ليبيا مثلاً بتأدية مهامه كموظف له واجبات محددة مرتبطة بزمن معين يتقاضى مقابلها مرتباً ولا تتعدى مهامه التواصل والجلوس مع الخصوم واقتراح سياسات عامة وتحويل تقارير دورية إلى مجلس الأمن الدولي .

أحد الأسباب التي أراها قوية لسوء عمل المبعوثين هي الجهة التي يمثلها المبعوث ، فالمبعوث الأممي يمثل مؤسساتياً الأمم المتحدة ويترجم كما يقول ( رغبة المجتمع الدولي ) ، هذه الرغبة التي أكدت التجارب أنها ليست واحدة ، فمصطلح المجتمع الدولي مصطلح فضفاض وغير محدد فالبتالي لن يمثل رغبة واضحة ومحددة ، فرغبة فرنسا وحلفائها ستكون مغايرة عن رغبة ايطاليا ، ورؤية الولايات المتحدة للحل تتقاطع مع رؤية أخرى لروسيا ، ناهيك عن تدخلات إقليمية مختلفة توجت بتأجيج الصراع بدعم طرف على حساب الآخر ، وكذلك يفعل الآخر !! .

ومؤسساتياً فإن الأمم المتحدة لديها من المشاكل والملفات والأولويات ما يجعل الملف الليبي بعيداً عن الاهتمام فجعل أولاً التدخل الإقليمي أقوى وأكثر أريحية ، وجعل المبعوثين إلى ليبيا ثانياً مرهونين إلى خيارات أضيق تمثلها هذه الرغبات الإقليمية ، فأدى عدم الاهتمام هذا إلى فتور الرغبة الأممية للحل في ليبيا ، ولربما كان اختيار اللبناني سلامة خلفاً للألماني كوبلر هو من باب توفير مصروفات الترجمة الفورية ، ربما !! .

كما لا يمكن إهمال الحالة الليبية نفسها والتي على رأسها تعامل كثير من الشخصيات والمؤسسات المحسوبة على الصراع من الطرفين مع المبعوث الأممي على أنه المخلص المحمل بالحلول وليس موظفاً أممياً مهمته التوصل إلى حلول ناجعة توقف أتون الحرب الباردة تارة والساخنة تارات أخر .

وما أن ينتشي المبعوث الأممي حال وصوله ويضع استراتيجيات وخطط كما الحال مع المبعوث الحالي غسان سلامة الذي وضع تواريخ محددة تبدأ بالتعديل على الاتفاق السياسي مروراً بمؤتمر جامع اجتزنا موعده المسبق دون تبيان أسباب عدم إقامته وصولاً إلى انتخابات برلمانية ورئاسية ، حتى يأفل نجمه ويختفي من شريط الأخبار أي ذكر له ، ويعود للممارسة الدور الاعتيادي المنوط بالدبلوماسية الخالصة في الاستقبال واللقاء والشكر والثناء .

التدوينة مبعوثون بالتتابع ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “مبعوثون بالتتابع”

إرسال تعليق