طرابلس اليوم

الأربعاء، 14 مارس 2018

هنيئًا لرئيس ليبيا الجديد

,

عبد الفتاح الشلوي/ عضو المؤتمر الوطني العام السابق

على المستوى الشخصي صديقي لا يعنيه من يكون الرئيس القادم لبلادنا، سواء أكان مُنتخبًا أم مُقترحًا، المهم أن يُولد رئيس أيُ رئيس، طبيعي أن يفكر صديقي المُنهك بهذه الكيفية بعد أن ضربت الأنيميا السياسية طموحاته وكسرت مجاذيفه، وجردتها من خصائصها المنطقية، فليكن الرئيس القادم سبتمبريًا أو فبرايريًا، أو هجينًا بين الإثنين، ليكن متشددًا أو متطرفًا أو سَمحًا، فليكن من هو، ليس هذا فحسب وإنما يقبلُ حتى “بالدكتاتور” العادل، صديقي قال ذلك، ونسي أو تناسى بفعل الحاجة والضنك أنه مهما انقلبت قوانين الكون أو حاولوا إفساد ذمتها فمن المستحيل أن تجتمع “الدكتاتورية” والعدل، مستحيل، موستحيل — بالواو — إمعانًا  بالتأكيد، ليكن عسكريًا تتدلى نياشينه وإن لم يشارك بمناورة أو مشروع عسكري ولا يفرق بين المسدس والبندقية، فليكن فليلسوفًا، ولو كان من قومٍ يتحسسون من الفلسفة،  فليكن خبيرًا ولا خبرة له، أو مهندسًا لم يرتكز يومًا على برجل، أو طبيبًا لا يؤمن بإنسانية المهنة، وحتى معلمًا لم يتمكن من إيصال فكرة اعتصامه وإقناع محيطه بها، مرحبًا به في ظل الدستور، ومرحبًا به توافقيًا أو مُغتصبًا أو إنقلابيًا .

لا اعتراض بل قبول تام برئيسه القادم، في ظل أي صورة من الصور، انتخاب ماشي، نظامي أو منتسب لا يهم، ينجح بالإنتخابات بالدور الأول ماشي، بالدور الثاني ماشي ونص، بالترحيل مبروك، متفوق “بالماجستير والدكتوراه” ماشي، كُتبتا له أو إحداهما ماشي، لهفهما بالمخالطة والدفع برضو ماشي، المهم رئيس، هو يسعى لتنصيب رئيس، ولو فارغ المحتوى.

يريد ذلك بكل صراحة وبيان، قالها لي بالفم المليان، أقفل أمامي دروب الحوار، يريد أن يحيا بأعلى مطالب حياتة اليومية بعزة، وفي أدنى سُلم درجات البؤس والحرمان بإنكسار خفي، من خلال حصوله على علبة حليب ورغيف خبز بالسعر الذي كان، وغيرهما كماليات ومباهج يؤثم عليها، يكفيه هذا وليهنأ فخامة الرئيس بالعرش المُعتل، ولِمَ لا وصاحبي يملك كنز القناعة، كنز لا يُفنى وهو يظن أن الرئيس القادم سيحكمنا بصولجان البريق المعدني، وليس بصولجانًا ذهبيًا وقد حرّمه الله على الرجال، مالم تتقدم للعرش سيدة.

هبطت أحلام صاحبي، وانداحت مشاريعه، وتدنت أماله، بهتت أبجدية الحديث، سكت منطق الحوار وخَرُص، نسجت البندقية البساط الأحمر للساسة، وحفرت حرابها لشبابنا القبور، وانتفع بعض الجند بدانات الدمار النحاسية، راج سوق الموت وكذلك الخُردة، وتبخرت أكذوبة حياة أي حياة، يرى أن ذلك يعنى الخروج بأقل خسارة، وأفضل المكاسب .

أطرح منطق صديقي المعوج، وإن كان فيه تقاطع مع كثير من رؤى الأصدقاء، تختمر البطون المتخمة، وتقرقع البطون اليبسة والإثنان يربكان حركرة العقل وتفكير الإنسان، كَرِهَ صديقي السياسة وساستها وملعبها، يظن أنها وأنهم أفسدوا البلاد وأنهكوا العباد، لم يعد يثق بهم ولا بمشاريعهم، ويراهم بذات العين، لا فرق بينهم، تخلوا عنه وتركوه يصارع تقلبات الحياة، وتركوا الوطن تنطحه الخطوط الحدودية الجغرافية، تنهشه دول وقبائل ومتمردون .

صديقي يكره ربطة العنق، يراها تخنق مكبوتات ولؤم وتمظهر غير حقيقي، فيدس رأسه بين يديه، ويصد عند سماعهم ومشاهدتهم يتشدقون بمصطلحاتهم السياسية، ويستغشي ثيابه حال سماع تعبيراتهم اللغوية، شج سطح شاشة “التلفاز” وهو يشاهد جلسة حوارية حملت الوطن سفاحًا، ووَلدت فتنةً مُنتة، حتى من ارتدى الزي الشعبي، وتكلم وأحسن الأمثال والأشعار استغله البعض منهم لترويج مفاسدهم، والتظاهر بالغيرة على الوطن والجهة والكيان، الكل من الساسة — إلا قليلًا — ينفخ بكير صهر ركائز الوطن لإرضاء بوتقة المصلحية والجهوية والحزبية والمناطقية، يمتشقون الأغماد، ويحاربون بسيوف هادمي ليبيا من خارج حدودنا، ويصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، يا للعار، يبدو أن التاريخ يكذب بمحيانا فكيف بعد موتنا ؟

لا تتغنى بأمجاد الأجداد، ولا تنفخ ريش الماضي، فالحمد لله ألا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ( كل شاه معلقة مع كراعها) لا تلوموا من بات بسوق بيع المواقف، فكرة القدم كانت هواية يلعبها أبناء الحارة، واليوم ( على قد اغطاك مد كرعيك) كذلك المواقف، وكذلك الوطنية، وكذلك أنا، حديثي عمّن هو كذلك، واستثنائي لمن هو ليس كذلك، فيا صاحبي، مبروك عليك الرئيس، فإن رَخُصَ في عهده رغيف الخبز سأقبل جبينك وألعن كلماتي، وأبعثر أحرفي، وإن لم يرخص الرغيف فالعذر منك إن لعنت أحرفي، وبعثرت كلماتي .

وليهنأ رئيسنا الجديد.

التدوينة هنيئًا لرئيس ليبيا الجديد ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “هنيئًا لرئيس ليبيا الجديد”

إرسال تعليق