طرابلس اليوم

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

متلازمة التوحش (1 من 3)

,

صلاح الشلوي

فتاوي طرحت في المزاد، لا للتعبير عن عودة وعي غائب، ولا عن صحوة ضمير مستتر، كلاَّ؛ بل لتبرير موقف سياسي لطرف من أطراف الصراع الليبي ليبي دون سواه !!

قراءات في جراب من مغالطات في بنود وملاحق نص الاتفاق السياسي الليبي تستهدف تضليل السامعين ممن يعانون الأمية القرائية اليوم ليُقدم لهم الاتفاق السياسي كأنه ما يطلق عليه الخطبة الإبليسية للشيطان في قعر الجحيم وقد قُضِيَ الأمر .. فما هو بمصرخ من أغواهم وزين لهم فاتبعوه. وما هو مُغنٍ عنهم من الله مِن شيء، قنابل دخانية شديد الكثافة لحجب الرؤية الصحيحة !!

هكذا قُدم الاتفاق السياسي الليبي ليبي تحت عباءة الأمم المتحدة اليوم، فَشُيطِن كما لم يُشَيطِن شيء من مشهد من المشاهد وفُصِّل أو منعطف بارز من منعطفات ثورة السبعطاش من قبل !!، شيطنت الانتخابات في 7/7/2012م من قبل المتطرفين الإسلاميين ومن قبل المتحررين ممن لم تحقق لهم الانتخابات ما ظنوا أنها يجب أن تحققه لهم من سيطرة كاملة ومنفردة على زمام الحكم، فبعد أن تدخلوا وغيروا قانون الانتخاب ليقلل من فرص التيار الإسلامي انقلب السحر على الساحر وكان ذات القانون سبباً في افراز توازن سياسي إلى حد معقول!! فما الذي لم يشيطن من فصول ثورة السبعطاش؟ أكيد بدرجات متفاوتة هذا لا شك فيه، ولكن الذي ستلاحظه هنا هو النزق والتهور وعدم المبالاة بالعواقب.

لقد أفرزت العشوائيات الدينية والمدنية فكراً عدوانيا متخلفاً، عاجز كل العجز عن التعايش مع الواقع كمعيطات، ونقده من خلال منطق المقاربات !! كيف هذا؟

يبرز من يتكلم في الدين والسياسة والفكر -متخصصين وهواة – مدونين أو مغردين أو مشاركين على الشاشات بشكل يعتمد على قراءة أولية في النصوص المجردة من كل ملابسات الوقائع ومحدداتها ومتغيرات عصرهم دون اظهار أي قدرة على ضبط الكلام أو التغريد بمنهجية واضحة المعالم خاضعة للمعمول به والسائر من معايير رصينة عتيدة تُكيف تلك الإسقاطات على الزمان والمكان اليوم، بل غالبها اسقاطات ارتسمت في عصور الانحطاط الفقهي تم استنساخها كفتاوي جذعية في نسيج الذهن الليبي اليوم، فأخرجت لنا ما يمكن أن يقال عنه مسخ من الفهم ولي للقوانين الشرعية ودرب من تحريفها عن مواضعها للأسف الشديد، وهذه أخطاء تصدر من الكبار والصغار على حد سواء !.

السبب:

لا يكفي في الفقه القراءة وحفظ متون الشروح والحواشي والذيول والتقريرات والقدرة على سردها عن ظهر قلب خلف كل حادثة .. فيما ابتذل اليوم مما يطلق عليه ” تأصيل شرعي” كلاَّ هذا غير كافي! فلابد من ملكية فقهيه وحس فقهي يُقرأ به الفقه وإلاَّ صار وَبالاً على صاحبه أولاً وعلى محيطه ثانياً، بل وسلاحاً خطيراً يُشرعن سفك الدماء واستباحة الحرمات وهتك الخصوصيات تحت راية القرآن والسنة والسلف الصالح رضوان الله عليهم !! والقرآن والسنة والسلف الصالح براء من هذه الهرطقة براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام.

العجز الواضح في فهم الواقع الذي يعيشونه ومتغيراته، وقراءة تقليدية غير عصرية في نصوص الوحي واجتهادات الأئمة وتخريجات تلامذتهم تلتقي لتكون ظاهرة “الفقيه الأجوف” والفقيه الأجوف هو ذاك الشخص الذي سنحت له سانحة الدهر أن يعكف على كتب التراث دون أن تكون لديه ملكة الفقه، فيعب منها السواد دون القدرة على هضم شيء مما قيل فيها! وهنا تحدث له حالة عسر هضم فكري، فيعكر لنا صفو المناخ تطرفاً وغلوّاً وتكفيراً وتخويناً وطعناً في الأنساب وقدحاً في النوايا وهدر لفضل أصحاب الفضل، ممَّا يوجب على كل طالب علم أو عالم ضرورة الوقف قبل أن تعصف رياح الفتن بقنديل قلبه فتطفئه وتتحول دنياه إلى ظلام دامس لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلاَّ ما أشرب من هواه وهو من يناصرهم من ساسة!!

التدوينة متلازمة التوحش (1 من 3) ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “متلازمة التوحش (1 من 3)”

إرسال تعليق