يعتقد مناوئون للواء المتقاعد خليفة حفتر من غير الإسلاميين، أن حفتر يطيل أمد الحرب في بنغازي، ولا يرغب في حسم المعركة مع خصومه، التي انحسرت في “قنفودة” شمال غرب بنغازي، وحيي “الصابري” و “سوق الحوت” داخل المدينة، وذلك للاستمرار في تسويق كنفسه كمحارب للإرهاب في شرق ليبيا، وذلك في الوقت الذي ظهرت عملية البنيان المرصوص كمنافس له في الحرب على الإرهاب.
وزار اللواء المتقاعد خليفة حفتر العاصمة الروسية موسكو مرتين هذا العام، الأولى في يونيو/حزيران الماضي، والثانية في السابع والعشرين، والثامن والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، التقى فيهما، بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغي وأمين عام مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشاف، بحثا عن دعم لعملية الكرامة التي أطلقها في السادس عشر من مايو عام 2014.
كما يسعى حفتر إلى محاولة الاستفادة من الخلافات الغربية الروسية في الملفين الأوكراني والسوري، مستغلا عجز الإدارة الأمريكية عن اتخاذ قرارات مهمة في الملف الليبي، في الفترة التي سيستلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب للسلطة.
أدلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر بتصريحات مقتضبة، قال فيها: إن هدف الزيارة هو شرح موقفه من الحرب على الإرهاب في ليبيا، وإن روسيا لن تمد قواته بسلاح إلا بعد رفع حظر توريد سلاح لليبيا المفروض بقرار من مجلس الأمن الدولي.
من جانبهم لم يعلق أي مسؤول روسي سواء من وزارة الدفاع أو الخارجية على زيارة حفتر لموسكو. وذلك بسبب أن المسؤولين الروس يعلمون أن حفتر غير معترف به دوليا، وأنه يتخذ موقف رافض لاتفاق الصخيرات السياسي، وللحكومة المنبثقة عنه، المعترف بها. إضافة إلى قرار مجلس الأمن 2259 الذي طالب أعضاء المجلس برفض التعامل مع الأجسام الموازية الرافضة لاتفاق الصخيرات.
ويقول مراقبون للشأن الليبي، رغم محاولة روسيا استغلال حفتر في ملفات أخرى، إلا أنها لن تذهب في دعمه إلى مدى غير متوقع. بسبب أن موسكو على دراية كاملة أن الجنرال الذي رقاه مجلس النواب إلى رتبة مشير، هو رجل الغرب في ليبيا. ولا يخفى عليها أن حفتر أقام أكثر من خمسة عشرة سنة بالولايات المتحدة.
نجاحات حفتر
رغم عدم الاعتراف بالقوات التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلا أن سيطرته على حقول وموانئ النفط في شرق ليبيا في سبتمبر/أيلول الماضي، جعلت مركزه التفاوضي أكثر قوة من ذي قبل، إضافة إلى انحصار مناوئيه في بنغازي، سواء من مجلس شورى ثوار بنغازي، أو تنظيم أنصار الشريعة، أو تنظيم الدولة الإسلامية، في ثلاث مناطق بمدينة بنغازي، وسيطرة قوات عملية الكرامة على باقي المدينة.
ويعتمد حفتر في مناورته السياسية على حلفاء إقليميين أقوياء، مثل مصر والإمارات والسعودية والأردن، إذ أن هذه الدول تدعو في كل محفل دولي عبر سفرائها وممثليها، إلى رفع حظر توريد السلاح إلى ليبيا، وتسليم أسلحة لقوات حفتر، تحارب بها الإرهاب في ليبيا.
كما يستغل حفتر الانقسام السياسي الذي قد يتحول في أي لحظة إلى حرب أهلية في معسكر غرب ليبيا، الذي تقوض فيه أطراف عدة سلطة مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج. خاصة بعد أن استولى أعضاء من المؤتمر الوطني العام السابق، وحكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل على مقر المجلس الأعلى للدولة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وترفض من جانبها دار الإفتاء الليبية، التي يتزعمها المفتي الصادق الغرياني، ومن يدور في فلكها من جماعات، الاعتراف بحكومة الوفاق، والاتفاق السياسي، واصفة السراج بأنه يقود حكومة وصاية وعمالة للغرب، وأن الاتفاق صنيعة خمس دول كبرى، ولم يكن لليبيين فيه دور حقيقي.
ويرفع حفتر شعار الحرب ليس على جماعات الإرهاب فقط، وإنما كل من ينتمي لتيار الإسلام السياسي، وهو ما يجد قبولا لدى دول إقليمية تضع تيارات الإسلام السياسي، وتلك المتشددة في سلة واحدة.
قد لا يستطيع اللواء المتقاعد خليفة حفتر السيطرة على كامل التراب الليبي، الذي تتوزع فيه المليشيات وجماعات المصالح، بطريقة تمنع سيطرة أي طرف. إلا أنه استطاع أن يعرقل تنفيذ الاتفاق السياسي، خاصة في شرق البلاد. وجعل بعض الداعمين من الدول الكبرى لاتفاق الصخيرات، تطالب بإدماجه ضمن مؤسسات هذا الاتفاق، خاصة العسكرية.
التدوينة ما الذي سيجنيه حفتر من روسيا ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.