طرابلس اليوم

الخميس، 2 فبراير 2017

دينمائية الجماعات ( Group Dynamics ) إلى أين؟

,

صلاح الشلوي

عندما يكون الكلام عن معادلة السلم الاجتماعي، وعندما يكون الحديث عن عمق التغيير الذي حدث في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي المستبد، وعندما تتلاحق المتغيرات بخطى متسارعة لا تكاد تترك لمتنفس متسع لشهيقين متتالين إلا واعترته ” بحة وشهقة ولسعة ” يدرك المرء أن الحديث ليس على تمر يؤكل، بل على فكر عميق جدا بعمق جذور الظواهر الاجتماعية القائمة اليوم كحقائق بغض النظر عن دور الشفافية الذي يحلو للبعض القيام به حين محاولات فهمها عبر تحليلها بالأدوات البالية التي ابتدعت في بداية القرن الماضي.

عصور الانحطاط

عندما كنا صغارا كان يستفزنا مصطلح استخدم كثيرا في مدونات تاريخ الفقه الإسلامي، فكان الحديث عن تلك الحقبة المنحطة – مثل حقبة العصور المظلمة في أوروبا- كان حديثا مثيرا ومستفزا من عدة جوانب، أبرزها إثارة التساؤل في أذهاننا ما الذي انحط؟ بالتأكيد ليست نصوص الوحيين تعالى كلام الله ورسوله عن ذلك علوا كبيرا، بل الذي كنا منه على الوثيقة من الأمر هو انحطاط مخرجات القراءة في نصوص الوحيين مما نضحت به كتب الفروع والأصول كلاهما. ولكن وللأمانة أنه كان يراودنا التساؤل حول مصدر الانحطاط والذي كانت تحوم حوله الشبهات وهو ذهنية العصر !! ذهنية من قاموا بالنظر في نصوص الوحيين، وذهنية مجتمعاتهم التي لم تقبل انحطاطهم فقط بل تبعتهم فيه شبرا بشبر وذراعا بذراع حذو القذة بالقذة ودخلوا معهم جحر الضب !

انحطت ذهنية الفقهاء والأصوليين وسط مجتمعات منحطة، فانتجت ما وصف في عصور متأخرة بعصور الانحطاط. وهكذا يحدث الانحطاط وينتشر ليس مثل وباء جنون البقر كلا بل انحطاط ذهني يحرم صاحبه من معرفة ما يدور حوله فيهرف بكلام لا خطام له ولا حزام، ويسميه علم وفقه وموقف ! فعصور الانحطاط ترجمة بغيضة لانحطاط ذهنية من يصنع الفقه للمجتمعات وتعبير عن عجز تلك المجتمعات على تجنب تداعيات انحطاط ذهنية فقهاءها والمشتغلين بمباحث الفكر والعقائد فيها.

التطبيع الناعم

ليس بالضرورة أن تنتصر فكرة ما على كيان المجتمع، بل دائما وبشكل مطرد هناك جدلية اسمها جدلية الأفكار، وهي قانون التداول الفكري، فالأفكار يحل بعضها محل بعض بشكل مطرد على مر العصور، حتى التوحيد والشرك كفكرتين تداولاتا على الوجود والعدم، فأفسد الشرك الرسالات السماوية السابقة، مما تطلب تجديد الرسالات وبعض الرسل تتابع، وهذا قانون نعرفه مما قصه علينا القرآن من قصص منذ بداية الخلق حتى قيام الساعة، ما كان حديث يفترى ليكون مجرد ربعة يعلق على الجدار، بل ليكون مصدر تفوق معرفي لإداراك القانون الكوني في الأشياء التي خلقها الخالق.

من خلال نظرة سريعة في طبيعة كل رسالة واسمها وطبيعة دور كل رسول أو نبي ندرك طبيعة التطبيع الناعم التي تتنافى مع التصلب والتعصب والجمود داخل الرسالة الواحدة.

النزعة الشكلية التي تنزع بأصحابها للتمسك بالشكل والاسم تحرمهم فرص وافرة للتكيف المرن كمقدمة مستحقة لأي عملية تطبيع مرن، وعلى الرغم من ذلك يصل التطرف والتأزيم بالبعض أن يرفض فرص التطبيع عندما تنيخ بركابها ببابه بحجة الانحياز لشركاء المشروع المتوهم، على الرغم من علمه بأنهم السبب الرئيسي في مشاكله الاجتماعية والفكرية لما يصدر عنهم من فكر متشدد لا يعتبر أن الأصل في المجتمع الليبي الإيمان، ويحكم على الليبيين الذين يسيرون في الشوارع بجهالة الحال، هذا وهو يدعي أنه راجع فكره الغالي المتطرف السابق وتراجع عنه، ولكن للأسف لما هو أسوء منه.

المجازفة الباهضة

ثمن تحمل مسؤولية الموقف بدون شك باهظ، ولا شيء يعيب ذلك سوى تحمل كلفة موقف وأنت لا تعرف كيف وضعت فيه أصلا ولماذا؟

صانع القرار عندما يحاول أن يوظف موقعه لتصفية حساباته الشخصية فهو يجازف بالطيبين الذين سيتحملون مسؤولية القرار، وهو قد يفلت من العقاب بعدها كالعادة، ولكن الذي يدفع الثمن دائما أتباع طيبون، وثقوا فيه ولكنه خيب رجاءهم وأوردهم موارد التهلكة وتركهم يواجهون تداعيات قراراتها الطائشة غير المدروسة.

التدوينة دينمائية الجماعات ( Group Dynamics ) إلى أين؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “دينمائية الجماعات ( Group Dynamics ) إلى أين؟”

إرسال تعليق