إسماعيل القريتلي/ كاتب وصحفي ليبي
لا حل في ليبيا إلا وقف الحرب الأهلية والذهاب إلى الحوار بين كل الليبيين. حوار لا تكون نتائجه مثل الاتفاق السياسي.
لن تتوقف هذه الجرائم المخلة بإنسانيتنا، والتي تقابلها في ظل التحريض والتحريض المضاد.
الحرب الأهلية تصنع نموذجا وحشيا للعيش، الكل يسعى فيه لإبادة المخالف.
الإقصاء والتهميش ونفي الآخر وادعاء الحق المطلق وعدم الاعتراف بالخطأ كان المحرك ولا يزال للاحتراب في ليبيا.
لن ينفع الليبيين التخندق في جهة والاستدلال على سوء من هم في الخندق المقابل.
البوسنيون المسلمون، والصرب المسيحيون الأرثوذوكس، والكروات المسيحيون أسسوا دولة بعد أن اختاروا التعايش وطووا صفحة الماضي البغيض المليء بالقتل والاغتصاب.
السود الأكثر في جنوب افريقيا، والبيض الأقل، والهنود أسسوا دولة بعد طول احتراب وتهميش عندما قبلوا العيش وفق مبادئ العدالة والمواطنة.
بوروندي ورواندا والكونغو ولبنان وكثير من المجتمعات أسست دولها بعد طول اقتتال واحتراب عندما رضوا بالعيش المشترك بلا تهميش وإقصاء.
الصومال انقسمت واستمرت حربها الأهلية، اليمن المهددة بالجوع باتت تدار الحرب فيها من الخارج، وكذا الأمر في سوريا التي تعكس وحشية الإنسان ضد الإنسان.
اليوم نحن في ليبيا نتقاتل بسبب إصرارنا على الانقسام ورفضنا للاختلاف، وعدم قبولنا العيش وفق قواعد عادلة تتفكك فيها المركزية وتتوزع الموارد بعدالة وتطلق التنمية المكانية ويعترف فيها بالحقوق الثقافية.
الحرب اليوم تحركها حقائق منها:
التهميش
المركزية
سبتمبر
فبراير
بوادي
حضور
إسلاميين
ليبراليين
خوارج
مداخلة
عرب
أمازيغ
طوارق
تبو
طبعا مع استغلال رخيص للأطراف الخارجية لهذا الانقسام المحلي فتأسس في ليبيا أمراء وتجار حرب وصراع، تحولوا وكلاء لرعاة الحرب في ليبيا فأصبح المال والسلاح يتدفق لكل الأطراف بلا خجل وأضحت ليبيا ميدانا لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية.
لن نخرج من هذا المشهد الوحشي إلا بإعادة وعينا بعدم جدوى الحرب بيننا ولن ينفعنا التهميش والإقصاء والمركزية وعدم الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي واللغوي والمذهبي.
نحن أمام مفترق طرق إِمَّا أن نختار:
السلام والوئام من خلال حوار عميق يشارك فيه الجميع من هو في الداخل ومن هم في الخارج، المهجرون والنازحون، السجناء، المنتصرون والمنهزمون، فبراير وسبتمبر. حوار عميق لا يستثني أو يقصي أو يهمش أو يشترط.
أو
استمرار الحرب وتبريرها والدفع بشبابنا ليقتلوا فتترمل الزوجات ويتيتم الأطفال وتثكل الأمهات وتتوقف عجلة الحياة عن الدوران وتتقطع الأواصر وتتفسخ الأخلاق وتسيطر علينا إرادات الخارج المتصارعة ثم يكون نتيجة ذلك إبادة الإنسان وانهيار الدولة.
التدوينة ليبيا.. السلام مقابل الحرب ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.