صلاح الشلوي
“مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”
لماذا يا ترى وصف القرآن من حملوا التوراة، فلم يحملوها بأخلاق الربانيين ولم يتصفوا بصفاتها، أن حملهم لها لا يزيد عن حمل الحمار للأسفار، فهي مجرد أثقال وأحمال على ظهره لا تزيده علما ولا ترتقى به خلقا ! وهذا مع ماذا ؟ مع التوراة التي نسخت بعد تحريفها، فماذا يكون من حمل القرآن ثم لم يحمله ؟ ألا يمكن أن يكون وضعه إلا أكثر انحطاطا ممن حمل التوراة المحرفة من قبل ؟
من الآثام التي حصرها العلماء في باب الإثم ما ظهر منه وما بطن ” الآية يحفظها الرجل ثم ينساها” ففي حديث الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند عن عباد بن الصامت رضى الله عنه ” من حفظ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم” فالجذام أقل خطرا من ملقاة الله وأنت مثل الحمار تحمل أسفارا لم ترفع بها رأسا لا فهما ولا عملا ولا خلقا.
بالتأكيد لست أدعو الحفاظ إلى نسيان القرآن، ولكنه تحذير من مغبة حمله دون معرفة خطورة حمله، خاصة إذا كان أحدهم يتجرأ على أعواد المنابر ويمتطيها في الجمعات فيكذب على الله وفي جوفه كلامه المقدس تعالى اسمه.
فيا حملة الكتاب احملوا أهوائكم وأمزجتكم المعلولة على مقتضى القرآن ولا تحملوا القرآن على مقتضى أهوائكم وأمزجتكم المعلولة. ولست هنا انفاقكم فأقول لكم إني ناصح أمين لعلمي أنكم لا تحبون الناصحين ولكن أنا النذير العريان وستعلمون نبأه بعد حين.
أما هدايتكم قبل غرغرة أحدكم، فهي أحب إلى نفسي من حمر النعم، ولا أود على الرغم من كل ما يصدر عنكم أن يموت أحدكم على الحال التي هو عليها اليوم قبل أن يحصل له أحد أمرين لا ثالث لهما: إما أن يتوب ويقلع ويفطن، وإما أن يبتلى فينسى القرآن ويلقى ربه أجذما، فهو أقل خطرا عليه من أن يلقاه مثل الحمار يحمل أسفارا كما فعل القرون الأولى.
التدوينة آية وحكاية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.