طرابلس اليوم

الأربعاء، 1 مارس 2017

يوم في المسجد

,

الهادي بو حمرة/ عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور

يجلس ليتوضأ. يبدأ المصلون بالدخول. يكون من أوائل الحاضرين بعد رفع الآذان ذلك الشيخ الذي يبيع الخضروات المليئة بها سيارته المتهالكة.

هو شيخ في أرذل العمر، يفتح صنبور المياه برفق، ينساب منه الماء بهدوء، يبدو أنه لا يحتاج إلا لقليل من الماء لغسل أدرانه، فهو شديد الطهر، فمع أنه يعانى شظف العيش، كما يظهر من ملامحه ومن ثيابه، إلا أنك ترى منه تسامحا في البيع لا تراه من أصحاب المحلات وسيارات النقل الكبرى التي تصطف يوميا بجانبه.

عندما يزن لا يقبل أن ينزل الميزان عن الحد الذي تطلبه، ويصر على الإضافة.

تزن كليو طماطم، فيجبرك على إضافة حبة أو حبتين. تزن كيلو فلفل، فيضع يده في كومة الفلفل ويضع ملء كفه في كيسك.

إنه يخشى الميزان، وكأنه يستحضر عند كل ميزان (ويل للمطففين). كان قبل حضور الشيخ مليشاوى معروف في الحي، يجلس على مقعد الوضوء، فتح الصنبور إلى حده الاقصى، رن هاتفه استمر يتحدث والمياه تناسب بقوة وتتناثر على الجالسين بجانبه، أقفل هاتفه وعاد للوضوء.

ما سكبه من مياه يكفى لوضوء عشرات المصلين. المصلون يعرفونه جيدا، منهم من يتملقه، وكثير منهم يتجاهله. فهو من قام، يوم اندلع أخر نزاع مسلح في الحي، بحرق منزل أحد الجيران.

ها هو أحد أصحاب المحلات الكبرى في الحي يعانقه في ساحة المسجد، بعد أن يمر على بقية جيرانه فيها دون أن يكلف نفسه السلام عليهم.

عندما دخولهم للمسجد يصر المليشاوي والتاجر الكبير وغيرهم على مكان في الصف الأمامي ويتخطون الرقاب لبلوغه.

إنهم يعرفون فضل الصفوف الأولى، بينما يكتفى الشيخ الطاهر بائع الخضروات بأول مكان يسد به فجوة بين المصلين

التدوينة يوم في المسجد ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “يوم في المسجد”

إرسال تعليق