طرابلس اليوم

الخميس، 1 يونيو 2017

اقتفاء الحوار السياسي الليبي 3

,

عبد الفتاح الشلوي/ عضو المؤتمر الوطني العام السابق

علي ضوء ما تقدم تم تكليفنا بالذهاب للعاصمة التونسية، ثلاثتنا، بعضوية يوسف الأحيول، وموسى فرج، وبصفتي رئيسًا للجنة السياسية بالمؤتمر، حينها كنا نعارك الزمن، ولأجله تخطينا بعض الإجراءات المعتادة لمثل هكذا لقاء، وتجاوزنا ترتيبات “لوجستية” مهمة، كنا نود لقاء المبعوث الأممي “برلندينو ليون” قبيل مغادرته الوشيكة لمدينة ” جنيف السويسرية” حيث سيجمع الفرقاء الليبييون، أو الخصوم الليبيين بمعنى أدق، عندها كان يلملم شتاتًا مبعثرًا، ويرمم زجاجًا سياسيًا محطمًا، تجاوزنا الكثير من العراقيل، وفي يومنا التالي قابلنا المبعوث الأممي إلى ليبيا، بمقر البعثة المؤقت بالعاصمة التونسية، ورغم صغر ومحدودية المكان إلا أننا وجدناه يعج بالفاعلية، من خلال نشاط موظفيه، والحركة الدؤوبة لهم، ثمة صدفة أسعدتنا، بعد أن عرفنا وجود لجنة مكلفة من مجلس الأمن لتقييم باكورة الحوار الليبي، والوضع السياسي في ليبيا بصفة عامة، حاولنا الاستفادة من الالتقاء بهم، وكنا نتوقع الحصول على بعض الإجابات لما يدور بأذهاننا من تساؤولات وتبديد الغموض في بعص حنايا المشهد.

جالسناهم، وطرحنا عليهم رؤيتنا ومخاوفنا والخلل الذي يلوح من خلال اللمة التي ينتوي “ليون” من خلالها تفكيك معادلة الصراع في ليبيا، غير أنهم كانوا مستعمين منصفين، متفهمين لبعض النقاط من خلال الإيماء برؤوسهم تارةً، أو تقطبات وجوههم تارةً أخري، انفض اللقاء معهم بأن تركنا إحاطتنا لتأويلهم وقناعاتهم، بيد أننا لاحظنا تناغم وتوافق – لم نجمع عليه –  مع مبعوثهم ” ليون” .

مباشرةً من القاعة التي تركنا بها لجنة التقييم إلى حجرة مجاورة تصافحنا فيها والمبعوث الأممي، ومساعده ” معين شريم” ومترجمتهم المرافقة لهم.

بدأنا اللقاء كالمعتاد بالترحاب والأمنيات، واسترسلنا بما جئنا لأجله، بدا “ليون” مُصغيًا بشكل جيد، ومتابع باهتمام مبالغ فيه لكل من تحدث منا، معين شريم كان يجلس بمواجهة نافذة تطل علي باحة، وفي ظني – ولعلي أكون مُحقًا – أنه تعمّد طريقة جلوسه، وعدم اهتمامه بما يدور من حديث، طيلة الجلسة وهو يعبث بهاتفه النقال، ويطوي رجليه علي بعضهما، هذا في ظاهر المشهد، لكنه كان يستمع وينصت وأحيانًا يختلس هوجة الحديث، وفي بعض المرات القليلة رمى ببعض الجمل الاعتراضية، لكسر الحالة التي كان عليها، والتي تشير لرفضه لكل كلمة خرجت من فريقنا، ولقد قلب معصمه مرات كثيرة وهو ينظر لساعته.

طرحنا علي المبعوث عديد المخاوف التي تقلقنا، منها تركيبة أطراف الحوار، وعدم وضع آلية مسبقة له، والطريقة التي تم بها اختيار طيفه، وغيرها كثير، وفي المقابل لجأ ” ليون” للنفي غير المعلل، وطمأنة بدون موثق ولا وعود.

صار الحديث علي هذا المنوال بشكل هادئ، واحتدم بمنعطف مفاجئ حينما قاطعنا مساعد “ليون” بتساؤله عن المبرر من تخوفنا من اختيار أعضاء بعينهم، وهنا تلقى ردنا القاطع بأننا لم نتعرض لأسماء محددة بشكل مطلق، لكنه نقل الحديث لزاوية أكثر حدة، حينما قال ( يعني مثلا  انتم تقصدوا الشريف الوافي ؟؟! ) كان هذا استنباطه، قد يكون صائبًا، لكن رؤيتنا كانت أعمق مما ذهب إليه، كانا رجلي البعثة متوافقين، وأظن أن تدخل معين قد فجر المكبوت، وحطم حاجز التحفظ، فقد رد العضو موسى فرج بشيء من الحدة والصرامة عندما قال ( يا سيد ” ليون” أنت بهذا لا ولن تقدم أي حل لليبيين، ولن تحصد إلا الفشل، وسترى ذلك على أرض الواقع )

لم ينفعل المبعوث بغربيته، وحاول امتصاص غضبنا، وبطريقة ذكية نقل زاواية التبرم والوجوم إلى ركن إشراكنا بتهذيب نقصٍ لديه، فسألنا من نقترح عليه لإضافته لفريق الحوار ؟ فوزي العقاب مثلاً ، محمد يونس، العضوين بالمؤتمر الوطني، هو قال ذلك — وطلب أرقام هواتفهما، علمنا فيما بعد أن العقاب رفض المشاركة، ولم يتمكن من التواصل مع محمد يونس، افترقنا وكل مصر علي مخزونه بالخصوص.

في اليوم التالي التقينا السفير البريطاني ” مايكل أرون”  كانت جلسة مستفزة وكأننا ببرنامج الاتجاه المعاكس .

التدوينة اقتفاء الحوار السياسي الليبي 3 ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “اقتفاء الحوار السياسي الليبي 3”

إرسال تعليق