طرابلس اليوم

الجمعة، 21 يوليو 2017

العادة السنوية في الحديث عن الامتحانات الثانوية

,

محمد تنتوش/ كاتب ليبي

اعتدنا سنويا الحديث عن امتحانات الشهادة الثانوية وعن ما يجري فيها من حالات غش كبيرة أصبحت توثق اليوم دون خوف أو خجل بالصوت والصورة لتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي وأحيانا لتنشر من قبل الجناة أنفسهم في مظهر تفاخر لا يتكرر كل يوم .

لا تتفاجأ إذا وجدت أسئلة الامتحانات مسرّبة و منشورة في أحد المجموعات على الفيس بوك أو غيره من التطبيقات الإلكترونية فالجرم لا يتعلق بالعمر والصفة بقدر ما يتعلق بمدى احترام الشخص لذاته .

وحتى لا نطيل في نقد الجناة فالكلام فيهم وحولهم هو عنوان كل مجمع في هذه الأيام ، لكن ما يجب الحديث عنه هنا هو ما تثبته الكثير من الدراسات المحلية حول واقع التعليم الليبي ، فالأمر لا يتعلق فقط بظاهرة الغش بل يتعلق بمنظومة تعليمية تعاني مشاكل كبير يحتاج حلها إلى أكثر من مجرد تصريحات وزير أو تنفيذ سياسات مؤقتة قد تتغير فوق تغير الشخوص .

غياب فلسفة التعليم و المحتوى التعليمي الجيد والمناهج والوسائل التعليمية المتكاملة وضعف أداء المدرسين وغياب التخطيط في قطاع التعليم كلها علامات بارزة لحالة التعليم هذه الأيام و تحول الامتحانات إلى فلم رعب يضطر معه الأهل و الطلاب و الجميع تقريبا الى اتخاذ أقصى التدابير اللازمة للنجاح بها ولو اضطر الغش لتحقيق ذلك ؛ هذا الأمر ليس سوى مرآة عاكسة لحالة التعليم اليوم لتخبرنا أن هناك مشكلة في العملية التعليمية وفي أمانة المعلمين وفي مستوى أدائهم أيضا وفي حب الطلاب للعملية التعليمية من أساسا .

لا يهم الطالب ولا أولياء الأمور (إلا من رحم ربي) تفاصيل المرحلة المقبلة ، لكن المرحلة المقبلة قد تكون مميتة بطريقة ما ، فالفشل في المرحلة الجامعية أو ما يعادلها عادة ما يكون نصيب الكثيرين من أصحاب المستويات التعليمية السيئة في المرحلة الثانوية وقد يكون البديل في أحسن الحالات هو الجامعات والمعاهد الخاصة التي تعطي الشهائد مقابل المال ولو بعملية طويلة تعني ادعاء مرور الطالب بمرحلة تعليمية ليست بالسهلة ، وعموما فحتى حال الجامعات الحكومية ليس بذلك الحال الذي يمكن أن تطمئن على مخرجاته فالطالب يخرج بمشاكل نفسية وعصبية كما يخرج بشهادته الجامعية .

الإشكال الأكبر يتمثل في ضياع الكثير من الطاقة البشرية فالشباب الذين لا تسير أمورهم وحياتهم التعليمية بالشكل المطلوب يعني عادة أن حياتهم المهنية لن تسير بالشكل المطلوب والنتيجة تحول هؤلاء الشباب الى طاقات سلبية من شأنها أن تسبب الكثير من المشاكل لنفسها ولمحيطها وللبلاد عموما لتكتمل الخلطة بعد ذلك فالأزمة الاقتصادية كفيلة بأن تكمل الوصفة ، والنتيجة يمكن أن تراها بعينيك في السجون المملوءة بالشباب الموقوفين نتيجة أعمال السرقة والاجرام والمخدرات ، والمجموعات المسلحة تعتمد بشكل كبير أيضا على شباب من ذات العمر نتيجة احتياجاتهم المادية و ضعف تحصيلهم العلمي ، وأخشى أن يقودنا تراكم هذه المشاكل إلى ما لا يمكن السيطرة عليه مستقبلا ، فلا بلد يقوم دون تعليم .

التدوينة العادة السنوية في الحديث عن الامتحانات الثانوية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “العادة السنوية في الحديث عن الامتحانات الثانوية”

إرسال تعليق