احميد اعويدات/ كاتب من الجنوب الليبي
على ما يبدو بأن السيناريو الذي قدمه المخرج المتمثل في شخص الأمم المتحدة لم ينل الرضى الكامل لجميع الأطراف، وكما هو الحال فإن الأدوار في هذا السيناريو ستكون محدودة وستقتصر على شخصيات معينة ستستخدم للمرحلة القادمة.
في الوقت ذاته بدأت حملة التلميع لوزراء الحرب وأمراء الميليشيات شرقاً وغرباً من أجل استحقاق جديد يقرب البعض من حلمهم في كونهم القذّافي القادم على حساب أموال الشعب المغلوب على أمره.
مرحلة إعادة التعبئة إن صح وصفها والتي نمر بها الآن يبدو بأنها شارفت على النهاية، فقد أصبح الجميع أمام مفترق الطرق الذي سيحدد مستقبل البلاد، وتكرار أحداث مطار طرابلس الدولي والذي كان الأساس في الوضع المزري الذي نعيشه الآن ليست ببعيد أن تتكرّر إن لم ترضي أطراف الخفاء.
وبين هذا وذاك سيناريوهات عديدة يمكن أن تحدث كما ذكرت، أكثرها تفاؤلاً ولو كان حدوثها بدأ يتغلغل إليه الشك هي الانتخابات الجديدة، التي دعا إليها المبعوث الأممي في خارطة الأمم المتحدة المقدمة، بالإمكان من خلالها تجنيب البلاد كافة الويلات الممكن حدوثها فعلياً كما رأينا بعضها، وهذا بإبعاد كافة الأوجه المتسبّبة في الأزمة الحالية وبزوغ نجم وجوه جديدة يمكن أن تحذو حذوا من سبقوها، أو أن تبدأ مرحلة جديدة نرتقب منها خيراً.
ولكن يبقى التعنّت والمماطلة هي سيدة الموقف الحالي من بعض الأطراف، خصوصاً شخص شيخ النواب الشرق ومحاولته سد جوع التقاعد بعد كلّ ما قدمه لخدمة البلاد، ودخول المصرف المركزي على خط الصراع أيضاً مما سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية للشعب.
أركان الدولة بدأت فعلياً الآن بالانهيار ومرحلة إعادة التعبئة التي ينتظر الجميع انتهاءها من أجل شن الحرب القادمة والتي يليها لن تنتهي إلا بجعل البلاد تذهب إلى ملفّ الوصاية المباشرة لإحدى الدول الخمس الكبرى إلى أجل غير مسمّى، وهذا ما لا يراه النخبة القاصرة لدينا ربما.
ويبقى الحل الوحيد دائما هنا هو العودة إلى نقطة البداية، فلا يوجد أي شيء يمكن البناء عليه حالياً، لا دستور للبلاد ولا حتى تلك الورقات التي جرى استخراجها في العام 2011.
ونقطة الصفر تتمثل في صيغة توافقية بعيدا عن المغالبة نسعى بها لتجميع شتات أنفسنا كما فعل الآباء المُؤسّسين، فالحل ليس بأيدينا حالياً، ومن أجل بعث الحياة في حلم الدولة، لا أرى غير الحلول الأتية من المُخْرج الرئيسي خياراً، حيث يمكن وصفها بالأقرب للصيغة المحايدة والتي تشمل كل الأطراف.
وحتى ذلك الوقت، يبقى الأمر مرهوناً بنهاية المغامرة العسكرية شرقاً لخليفة حفتر وأتباعه من بوّابة التفويض، ما يرجع إلى نتيجة إفلاسه بشكل دستوري قبل أن يكون سياسي، فإن هذا الأمر لن يحقق له حلمه في الوصول إلى السلطة بل قد تسبب له عزلة سياسية تخرجه منه نهائياً، وهذا ما بدأ أتباعه حاليا في العمل عليه.
أما غربا فالواقع مغاير، ومع ذلك فإن أي خطوة خارج سياق الصراط الذي أعده غسّان سلامة فإنها سيلقي بما تبقّى من أمل لاستقرار هذه الرقعة إلى الهاوية، مما يزيد من أعباء التيار المدني المنسحب بصمت من معسكر الكرامة والذي بدأ في إحياء واجهته السياسية شرقا كما هو الحال في قبّة الكهّان غرباً.
الاتفاق السياسي والمسار الأممي إطارٌ وحيد للحوار، وحل الأزمة وأن التنازل عنه يمثل بداية فصل جديد من الفوضى، قد يصعب الخروج منها، فلن تجد دائماً شخص يرمي لك حبلاً لإخراجك من البئر.
التدوينة قراءة لسيناريوهات قادمة ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.