طرابلس اليوم

الاثنين، 2 أبريل 2018

المرأة بين الأعيان… المرأة في الطوابير

,

عبدالمنعم الجهيمي/ كاتب وصحفي ليبي

موجة استنكار واسعة عمت أوساط مدينة سبها بعد انتشار صور تظهر فيها نساء مع مجموعة من الأعيان داخل زاوية أولاد حضيري بحي الجديد وسط المدينة، كانت النساء عبارة عن امرأتين هما، فاضي الشافعي وزيرة الشئون الاجتماعية بحكومة الوفاق الوطني، ورانيا الصيد عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، وقد قدمن ضمن وفد شكله رئيس المجلس الرئاسي إلى مدينة سبها للمساعدة في فض النزاع الذي تشهده المدينة.

لا يكتسب هذا الإنكار الكثير من المصداقية في مدينة سبها والجنوب الليبي، فوجه هذا الرفض قائم على فكرة(ما دخل المرأة في صلح بين القبائل؟!)..بعيدا عن كون النساء كُنَّ ضمن وفد وزاري لا اجتماعي، فإن فكرة وجود المرأة في جوانب الحياة المختلفة صارت واردة وبشكل صادم أحيانا، فنجدها في طوابير الخبز تقف أمام الرجال من مارة وزبائن وبائعين، وأحيانا يأتي بها زوجها أو ابنها أو شقيقها ليُقلِل ساعات الانتظار؛ أو يُكْثر من كمية الخبز المسموح بها للفرد الواحد، هذا الشقيق أو الزوج قد يكون أحد الجالسين في مجالس الأعيان أو أحد مستنكري وجود المرأة في الزاوية.

تخرج المرأة إلى طوابير المصرف فتختلط بالرجال في أسوء حالاتهم وأشدها عصبية وحِدة، بعضهن يأتي بهن أزواجهن أو أشقاءهن ليُنّهِي أموره بوقت أسرع، ويهْرع بها إلى محطات الوقود إن وجدت ليقف في طابور العائلات بزوجته أو والدته، فهذا الطابور يستطيع أن يملأ الوقود بشكل أسرع.

فصارت المرأة لديه عاملا مساعدا على التقلقيل من ساعات الانتظار والحصول على كميات أكثر مما يريده، لا نذهب بعيدا ففي نفس المدينة تجد النساء يزاحمن في مراكز بيع غاز الطهي، وسط الرجال وبينهم.

هذه الصورة هي بعض مظاهر وجود المرأة مع الرجال، في أسوأ الحالات، لا يقع فيها احترام أنوثتها أو تقدير حاجتها التي اضطرتها لمزاحمة رجال نزقي الطبع، وهو حال من يقفون في الطوابير عادة، مزاحمةٌ قد يكون ثمنها سماع بذئ لكلام أو الاحتراق تحت نظرات هؤلاء وهؤلاء، عدا أخطار الأمن التي تصاحب الطريق في سبها.

عندما تقوم الحروب يصبح حظ المرأة منها العويل والبكاء وانتظار أخبار موت أبناءها أو أشقاءها أو زوجها، فإذا سقط بيتها قاست ويلات النزوح وما يجره عليها من انكشاف أمام الكلّ، هذا الواقع الجديد الذي صارت تعيشه المرأة يعتبر طبيعيا في ظل مجتمع يشهد التحول في كل شيء بلا استثناء.

ولكن يبدو أن المكان الوحيد الذي لم يستسغ البعض وجود المرأة فيه هو زاوية المناسبات الاجتاعية التي عادة ما يجتمع فيها الرجال في الافراح أو المآتم، هذا المكان ظهر أن قدسيته وأهميته تفوق المخبز والمصرف ومحطة الوقود ومركز غاز الطهي، هذا المكان الوحيد الذي تبين أن وجود المرأة فيه يُنًقِصُ من أنوثتها وينتهك حرمتها ويبهدلها، هذا المكان الوحيد الذي صار وجود المرأة فيه يُشكِلُ خطرا على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده.

ليس المكان فحسب بل الشخوص أيضا، فالأعيان بجرودهم وقبعاتهم البيضاء والحمراء والسوداء لا ينبغي لهم أن يجلسوا مع النساء، مع إن هؤلاء أو بعضهم يجلسون مع النساء ولكن وهم مرتدين لبدلة عصرية وجاكيت، في المظهر الأخير لا بأس من جلوسهم وحديثهم مع المرأة.

قد لا ينتبه بعضنا أو لا يريد لواقع جديد يمر به مجتمعنا، واقع لن تجد معه هذه الإدعاءات وسيلة لتصبح قناعات صادقة، أمامكم الكثير مما يجب أن تقدمونه للمرأة في طوابير المخبز والمصرف والغاز وأثناء الحرب والسلم؛ قبل أن تستنكروا وجودها مع أعيانكم لمحاولة حلحلة أوضاع معقدة أنتم من أوجدتموها وتكتوون بنارها ونساءكم، فلنكن أكثر مسؤولية مع المرأة فهو الأفضل والأصح والأسلم.

التدوينة المرأة بين الأعيان… المرأة في الطوابير ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “المرأة بين الأعيان… المرأة في الطوابير”

إرسال تعليق