طرابلس اليوم

الاثنين، 2 أبريل 2018

لعنة دماء الشهداء !

,

صلاح الشلوي/ كاتب ومحلل سياسي ليبي

يمكنك أن تهتف ” دم الشهداء ما يمشيش هباء” لا شك أن لا ضير في هتافك وحماسك ذاك، ولكن أن يتحول هنافك إلى مشكلة لنا، فهذا ما لا يقبله عقل عاقل ولا نظر حكيم.

نلاحظ أنك لا تفوت الفرصة كلما سنحت لك على شاشة إحدى القنوات أن تبدأ مستهلا كلامك وبمناسبة وبدون مناسبة أن تسمح لنفسك باستغلال الفرصة لتترحم على الشهداء، حتى وإن صعب على المتابعة أن يجد لك أي خيط رابط بهم طوال مرحلة معتركات التغيير التى انطلقت يوم 15 فبراير 2011 لإسقاط نظام الفرد الواحد.

؛؛؛

في أي صراع عنيف يدرك كل من ينخرط فيه أنه لا ينتهي ولا يحسم إلا وترك خلفه ضحايا يسقطون في ساحات المواجهة جراء الاقتتال، ولكن أحد منهم نادرا ما يغيير موقفه أو يتراجع، على أساس أن هناك مشكلة واقعية قائمة وصلت الأوج بالتحاكم إلى السلاح، وأنه ما من مهرب للنجاة، وأن الموت في لحظة المواجهة المسلحة هي جزء أصيل من الحل حينها، فيسط القتلى من هذا الطراف وذاك، وكل منهم يتحمل مسؤولية حل مشكلة المواجهة وحسمها لصالح الطرف الذي يقاتل معه.

؛؛؛

أحيانا يكون الطرفين على خطأ وأن الصراع والاحتراب عبثي، وأحيانا يكون أحد الأطراف يدافع عن نفسه ضد الطرف الأخر، وأحيانا يكون عند كل طرف مبرر بشكل أو بأخر، وعلى الرغم من كل شيء يسقط القتلى، فيسموا أحيانا بالقتلى، وينعتوا أحيانا بشهداء الواجب، ويطلق عليهم أحيانا أخرى الشهداء على أساس البعد الديني لمعنى ودلالة كلمة الشهيد في الدين، من هو، وما هي مكانته.

؛؛؛

غالبا لا يكون استخدام كلمة الشهيد منضبطا بالضوابط الشرعية وفق نصوص الوحيين، ولكن يكون استخدامها كأنه مجازي أكثر منه حقيقي، ولكن للزوم الحرب الإعلامية تصر المنابر الإعلامية لكل أطراف الصراع على وصف من يقتلوا في صفوفها بالشهداء.

؛؛؛

وعلى كل الأحوال وبتجاوز ما يسمى بتحرير الخلاف في دقة استخدام الكلمة، إلا أن من قتل حين قتل كان يهدف أن يكون جزاء من الحل حين قتل، وهذا هدف ديني وسياسي نبيل، ولكن المشكلة أن دمه وموته تتحول إلى جزء من المشكلة بعد ذلك، ويتحول إلى صراخ مستمر، وعائق أمام تسوية الصراع الدامي بحجة أنه تفريط في دماء من قتل، ويدعى المعرقلين أمام الهوس الجماهيري بأنهم لن يفرطوا في دماء الشهداء، وأن أي حل وسط بين الأطراف المتصارعة ما هو إلا بيع لدماء الشهداء، وتفريط في تضحياتهم، وبذلك يتمكنوا من القضاء على أي محاولة للتسوية السلمية والحلول السياسية، ويصل الأمر إلى أوجه حين يصدر مفتي الديار رأيه بالتعليق على اتفاق الصخيرات بأنه مسألة كفر وإيمان، في محاولة لإيهام الناس أن الله سيعذب الليبيين في النار بسبب الاتفاق السياسي، وبذلك تصل محاولات العرقلة والتخريب إلى مستوى عبثي خطير للغاية، ويصطف أعوان وأشياع وراء مثل هذا الشذوذ الفقهي، وانعدام البصيرة أن يقحم الشباب في صراع عبثي فيموتوا وبعد ذلك يوصفون بالشهداء، ثم يتهم كل من يحاول أن يجد مخرج من مأزق الاحتراب الداخلي، ليتوقف ويتحول المتصارعون إلى طاولة السياسة، عبر اتفاق الصخيرات فيجلب عليهم ويشوش على صوتهم، ويشغب عليهم بكل أنواع الشغب والتخريج الفقهي العليل.

؛؛؛

ويتحول بذلك دم الشهداء إلى جزء أصيل من المشكلة بعد أن كان يراد له أن يكون جزء من الحل، ويتحول إلى لعنة تلاحق أصحاب الرأي السياسي تعمل كمعول هدم وتخريب لكل مخرج سياسي يهدف إلى صنع توازن جديد بين الأطراف المتصارعة.

التدوينة لعنة دماء الشهداء ! ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “لعنة دماء الشهداء !”

إرسال تعليق