الموقع: فرانس كيلتير
الكاتب: كاميل مانيار
على امتداد 24 ساعة، ظلت حياة المئات من المهاجرين متوقفة على عجز الأوروبيين والليبيين عن التوصل إلى اتفاق بشأن تنظيم عمليات إنقاذهم من عرض البحر لتتم إعادتهم في نهاية المطاف إلى مصراتة.
“أكاد أفقد القدرة على التحدث معكم، أكاد أتجمد، ساعدونا أتوسل إليكم”. كانت هذه الرسالة الأخيرة لأحد ركاب قارب عالق في عرض البحر بين ليبيا وإيطاليا. وقد تصدرت هذه الرسالة الصفحات الأولى على صحيفتي “لا ريبوبليكا” و”كوريري ديلا سيرا” الإيطاليتين صباح يوم الإثنين الماضي.
وبعد مرور 24 ساعة على طلب المساعدة، ظل نداء الاستغاثة المرسل عن طريق نظام الإنذار الذي صمم خصيصا لتسهيل عمليات الإنقاذ في حوض البحر المتوسط، دون إجابة.
في نهاية الأسبوع الماضي، لم يكن هناك أحد على الطرف الآخر من الخط على الجانب الليبي، أو بالأحرى من قبل من يستقبل الخدمات البحرية التي تتلقى تمويلا من الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين. في المقابل، ظل الجانب الليبي يتملص من المسؤولية في انتظار تدخل الاتحاد الأوروبي.
وقد تم تحويل النداء لإدارة الميناء بمصراتة غير أنهم لم يتلقوا أي رد من الطرف الآخر. وبعد أن مرت ساعات دون حل رسمي، قرر قارب الإعانات “سيواتش 3” تغيير المسار والرجوع إلى المنطقة. لكن خطر المكوث على القارب لمدة 15 ساعة مع البرد القارص كان يهدد حياة الرجال والنساء والأطفال بالغرق الوشيك.
وأوضحت صحيفة “الكوريير” أن الوضع اقتضى اتصال المنظمة التي تدير نظام الإنذار، مباشرة عبر تويتر برئيس المجلس الإيطالي، جوزيبي كونتي، حتى يتم تجنب وقوع الأسوأ. وقد اتصل مقر الحكومة في روما بالسلطات الليبية مباشرة التي لم يكن بحوزتها قوارب نجاة متاحة.
وكملاذ أخير، كانت سفينة شحن ترفع علم “سيراليون” متواجدة في القطاع قد بلغها الأمر بالتوجه نحو المهاجرين لمساعدتهم ونقلهم على متنها وإعادتهم إلى ليبيا. وقد كتبت صحيفة “لا ريبوبليكا” كعنوان على صفحتها الأولى “كونتي وإيطاليا أجبرا ليبيا على التصرف”.
مع ذلك، لا تعد هذه الخطوة كافية نظرا لأن ليبيا في نظر المهاجرين الأفارقة ليست سوى سجن في الهواء الطلق، إن لم تكن مركزا ضخما للتعذيب وتجارة العبيد والموت. فضلا عن ذلك، يوضح ما حدث مرة أخرى النتائج الملموسة جدا لسياسة إيطاليا في تعاملها مع ملف الهجرة.
حتى في صفوف الأغلبية، هذا الموقف الصارم إزاء إغلاق الموانئ يثير الانتقادات والمعارضة الشديدة بشكل متزايد لا سيما داخل حركة النجوم الخمسة. ونقلا عن صحيفة “لا ريبوبليكا”، حاول اليساندرو دي باتيستا، النائب الإيطالي عن الجناح الأيسر من الحزب إخفاء هذه الانشقاقات من خلال مهاجمة فرنسا باعتبارها العدو المشترك للشعبويين واليمين المتطرف.
وقد قال دي باتيستا: “يتعرض بلدنا للاتهامات أكثر من أي وقت مضى بأنه مسؤول عن أزمة الهجرة بسبب موقف فرنسا الاستعماري الجديد الذي يفقر ويستغل أفريقيا. ما كنت سأفعله هو إنقاذ المهاجرين وجعلهم ينزلون في ميناء مرسيليا”. ثم ختم النائب قائلا: “طالما أننا لا نسبب حادثا دبلوماسيا مع فرنسا، لن يتم حل أي شيء في البحر الأبيض المتوسط”.
التدوينة عودة قسرية لمئات المهاجرين الذين أنقذوا في اللحظات الأخيرة إلى ليبيا ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.