طرابلس اليوم

الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

مشروع الدستور عقبات وعراقيل

,

 

عبد الفتاح الشلوي/ عضو المؤتمر الوطني العام السابق

تعلق الليبيون بكل ما من شأنه أن يُخرج البلاد من أزمتها السياسية، والتي اتسمت بالتدحرج المربك، والانتفاخ المؤلم. تزداد مع مرور الوقت، فيطغى التعقيد، ويسود الخلط، ومعه يزحف اليأس علي طلائع الأمل، ويخيم الاحباط علي بوادر الاستشراف، فتضيق الصدور، وتُحبس الأنفاس.

ومع كل ذلك ما انفك الليبيون يترقبون بارقة الأمل، في إعداد دستور للبلاد يضعها علي شاطئ الاستقرار، لتنطلق بعده مرحلة البناء والتعمير، كان ذلك منذ انتخاب المؤتمر الوطني العام في 2012.7.7م، غير أن ذلك واجه عديد المشاكل، وكثير من العراقيل، وقد حددت مهمة المؤتمر الوطني العام، في بضع مهام كان في مقدمتها اختيار هيئة تأسيسية لصياغة مشروع دستور للبلاد، وتعيين رئيس للحكومة، واختيار رؤساء المناصب السيادية في الدولة.

وقد أخفق المؤتمر في إنجاز عمودها الفقري، وطوق النجاة السياسي والدستوري، في عدم إصدار الدستور، ولعل مرد ذلك لعدة أسباب أهمها، حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، الذي أبطل تعديل الإعلان الدستوري المؤقت، الذي أصدره المجلس الانتقالي بتاريخ الخامس من شهر  يوليو 2012م والقاضي بتعيين الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ” علي غرار لجنة الستين، التي صاغت دستور المملكة الليبية، بدل انتخابها، كما ورد بالإعلان الدستوري المؤقت.

جاء التعديل استجابة لضغط أصحاب المشروع الفيدرالي، وتحاشيًا لإفشال أول عملية انتخابية عقب سقوط سلطة سبتمبر، كان ذلك قبيل انطلاق الانتخابات بيومين، بعد أن هدد الفيدراليون بعرقلة الانتخابات، بل قاموا بإغلاق الطريق الساحلي، ونصبوا الخيام بالوادي الحمر، باعتباره يشكل حدود إقليم برقة الشرقية التي تفصله عن الشطر الغربي من البلاد، واستندت المحكمة على عدم بلوغ الجلسة للنصاب القانوني. هذا الحكم فتح المجال أمام تعدد رؤى الليبيين حول كيفية تشكيل لجنة إعداد الدستور، بالانتخاب، أم بالتعيين، وطال الانقسام قاعة المؤتمر الوطني، فثمة من يطالب بالتعيين، وثمة من يرى بضرورة الانتخاب، وثمة من له مآرب أخرى، وأمام ذلك لجأ المؤتمر لتشكيل لجنة الحوار المجتمعي، من بين أعضائه، ضمت خمسة وثلاثين عضوًا، من كافة الدوائر الانتخابية، برئاسة سليمان قجم، وطلب من اللجنة التواصل مع المواطنين، والتباحث معهم، ومعرفة أفكارهم ومطالبهم، والكيفية التي يصاغ بها دستور البلاد.

 

غير أن اللجنة لم تباشر أعمالها، وتعرضت لعديد من الانتقادات، كان أبرزها تصريح نقيب المحامين عبد الرحمن الكيسة، الذي قال إن اللجنة لم تقدم شئ، وأعاقت عمل المؤتمر، فتم حل اللجنة وإلغائها بجلسة المؤتمر الوطني بتاريخ السادس من شهر فبراير 2013م، وإزاء ذلك أصدر المؤتمر القرار رقم 29 لسنة 2013م بسحب قراره رقم 24 لسنة 2013م بشأن تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، واعتباره كأن لم يكن، اتبعه القرار رقم 30 لسنة 2013م بشأن تشكيل لجنة لإعداد مشروع انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة دستور دائم للبلاد.

اُنتخبت هيئة صياغة الدستور، بتاريخ 20 فبراير 2014م، ولم يتمكن 59 مركزًا من إجراء الانتخابات لظروف أمنية في كل من، أوباري، درنة، بنغازي، الكفرة، وسبها، ولم يشارك مكون الأمازيغ بانتخاب ممثلين لهم، احتجاجا على بعض بنود قانون الهيئة، والتي اتخذت من مدينة البيضاء مقرا لها، وحددت مهمتها بأربعة أشهر تبدأ من عقد أول جلسة لها.

واجهت الهيئة عدة مشاكل، كان في مقدمتها حصول رئيسها علي الترهوني علي الجنسية الأمريكية، واُقصيَ منها بحكم المحكمة لذات السبب، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل دبت الخلافات بين أعضائها، وانتقلت الي سلطنة عُمان، وأصدرت مُسودة صلالة، وعندما دخلت علي عامها الثالث، بدأ التلويح بحلها من قبل رئيس مجلس النواب، لطول المدة وتأخرها، ولغايات أخري سيكشفها الحدث، وواجهت الهيئة ضغوطات داخلية وخارجية إزاء سوء أدائها، وكثرة خلافاتها، وأصبحت علي مقربة من إنهاء عملها، وتمكنت أخيرا من التصويت على أخر مسوداتها بثلاثة وأربعين عضوًا وتخلف آخرين محتجين، انتهت الآن من إعداد المشروع، وألقت به لمجلس النواب، الذي سيزيد من تشظيه، ويصب الزيت علي نار خلافاته المتزايدة، فركاكة أداء مجلس النواب، ستجعل من مهلة الثلاثين يوما لطرح الدستور للاستفتاء وإصدار القانون الخاص به، بالون اختبار لأخر أنفاسه .

التدوينة مشروع الدستور عقبات وعراقيل ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “مشروع الدستور عقبات وعراقيل”

إرسال تعليق