طرابلس اليوم

الأحد، 20 أغسطس 2017

بعد فشل الكرامة في تلبية احتياجاتهم.. عمداء بلديات الشرق يلجؤون إلى السراج

,

تشهد ليبيا منذ نحو الأعوام الثلاثة الماضية نزاعا سياسيا آخر عسكريا بين أطراف عدة، مما أدى انقسام السلطات التشريعية والتنفيذية بالبلاد.

هذا الانقسام أنشأ حكومتين في البلاد، الأولى هي حكومة الوفاق الوطني المدعومة دوليا برئاسة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، والتي جاءت من خلال الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، وتملك زمام الأمور في المنطقة الغربية والجنوب الغربي في ليبيا.

والحكومة الثانية هي الحكومة المؤقتة التابع لمجلس النواب بطبرق برئاسة عبدالله الثني، والتي تبسط نفوذها في المنطقة الشرقية والجنوب الشرقي من البلاد، وتتلقى أوامرها حقيقة من قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وتمارس حكومة الثني مهامها في المنطقة الشرقية منذ نهاية أكتوبر عام 2014، فيما بدأت حكومة الوفاق عملها في غرب البلاد منذ دخولها العاصمة طرابلس في نهاية مارس 2016، بعد ما تمكنت من سحب البساط من تحت أقدام خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني المنبثقة عن المؤتمر الوطني.

هذا الانقسام في السلطات التشريعية والتنفيذية أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية في معظم المدن الليبية، والذي ألقى بضلاله على كاهل المواطنين الذين أصحبوا يجدون صعوبة في الحصول على احتياجاتهم الأساسية بسبب نقص السيولة في المصارف وارتفاع الأسعار.

فشل الكرامة في تلبية الاحتياجات

مع انطلاق عملية الكرامة بقيادة حفتر في منتصف مايو 2014، وبدء مجلس النواب عقد جلساته في طبرق شرق البلاد في أغسطس من العام ذاته، وتجديد الثقة في عبدالله الثني كرئيسا للحكومة المؤقتة بدى للجميع أن الأوضاع الأمنية والمعيشية تتحسن في الشرق.

ولكن مع مرور الوقت واعتراف المجتمع الدولي والأمم المتحدة بحكومة الوفاق الوطني والمجلس الرئاسي، وتدني الوضع الاقتصادي والاجتماعي، بدأ معسكر الشرق وحكومته يخسر نفوذه شيئا فشيئا في المنطقة، إلى أن ظهر عليه التفتت وعدم استطاعته تلبية احتياجات البلديات وأهالي المنطقة الشرقية، في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وانكشفت في الآونة الأخيرة نشوب عدة خلافات سياسية بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، رغم الجهود القبلية والمصرية للإصلاح بين الطرفين، إلا أن العلاقات الحميمية بينهما لن تعود عما كانت عليه سابقا.

وسرعان ما لجأ عدد من عمداء البلديات مدن المنطقة الشرقية إلى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، الذي لم يحظى باعتراف مجلس النواب بطبرق به، وبدأ عمداء بلديات وأعيان وحكماء من المنطقة الشرقية يصلون إلى العاصمة طرابلس تبعا ويجتمعون مع فائز السراج، من أجل الحصول على مساعدات مالية.

معاناة قطاع الصحة

تعاني معظم القطاعات العامة في المنطقة الشرقية عامة ومدينة بنغازي خاصة، من تدني الخدمات والأزمات مالية وقلة الاهتمام بسبب ضعف الحكومة المؤقتة وقلة إمكانياتها، بحسب ما رأى ناشطون في الشرق.

وقد أطلقت عدة مستشفيات في المنطقة الشرقية نداء استغاثة لمرات عدة لحل مشاكلها وتقديم الدعم اللازم، وتوفير الأدوية الأساسية مثل: جرعات تطعيم الأطفال، وأدوية الأنسولين لمرضى السكري، والأدوية الخاصة بأمراض الأورام ومرضى الكلي.

وما يثبت تدني وضع القطاع الصحي في بنغازي، التسجيل المصور الذي تداوله ناشطون في منتصف يوليو الماضي على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر خروج حشر الدود من فم مريض موجود في العناية المركزة بمركز بنغازي الطبي.

وأثار هذا التسجيل الذي قامت بتصوره إحدى الممرضات بالمركز، جدلا وغضبا واسعا واستياء كبيرا لدى جميع الموطنين في بنغازي، وأثبت هذا التسجيل حقيقة أوضاع الخدمات الصحية وتردي المستشفيات العامة بالمدينة.

وعقب نشر التسجيل المصور الذي يظهر تردي الخدمات في مركز بنغازي الطبي، كشف قسم التحريات العامة بمديرية أمن بنغازي وجود إهمال وتقصير في ثلاجة حفظ الأجنة (الأطفال حديثي الوﻻدة) داخل ثلاجة المركز الطبي، بعد ورود معلومات تفيد عن انبعاث روائح كريهة من داخل الثلاجة.

وعثر عناصر قسم التحريات على جثامين لنحو 100 جنين متحفظ عليها داخل ثلاجة المركز منذ عام 2015، وتبدأ أعمارهم من شهر حتي تسعة أشهر، ومنهم 42 جثة معروفي الأم والأب ولديهم ملفات لدى المركز الطبي والباقي مجهولي الهوية وليس لديهم ملفات.

خروقات في التعليم

ويعاني التعليم أيضا كغيره من القطاعات الخدمية في بنغازي خاصة وفي المنطقة الشرقية عامة، حيث شهدت امتحانات طلبة الشهادة الثانوية بالقسم العلمي (الدور الأول)، للعام الدراسي 2017/2016، عدة خروقات وتسريب امتحانات بعض المواد، مما اضطرت وزارة التعليم التابعة لحكومة الثني إلى إيقاف الامتحانات وتأجيلها إلى موعد لاحق.

وإضافة إلى ذلك، فإن المواطن في شرق ليبيا يعاني كغيره من أزمة نقص السيولة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطبية والسلع الأساسية، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، رغم جهود السلطات في الشرق لحل هذه المشاكل التي لم تجدي نفعا.

عمداء البلديات يلجؤون للسراج

ولاجئ بعض عمداء بلديات وأعيان وحكماء قبائل المنطقة الشرقية، إلى رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أملا في إيجاد حلول لمشاكلهم بعد أن يأسوا من مجلس النواب وحكومتهم في الشرق.

ففي الأول من شهر أغسطس الجاري، استقبل السراج بمقر المجلس الرئاسي بمدينة طرابلس عميد بلدية طبرق المكلف علي الصغير لمناقشة المشاكل والمختنقات التي تواجه المرافق الخدمية بمدينة طبرق، من بينها قلة الدعم المالي وأزمة انقطاع المياه بالمدينة والمتطلبات العاجلة التي تحتاجها محطة تحلية طبرق من صيانة ومواد تشغيلية للعمل بكامل قدرتها، ومشكلة الصرف الصحي بالبلدية.

وفي منتصف الشهر الجاري اجتمع السراج بمقره بمدينة طرابلس عميد بلدية البيضاء علي حسين، للوقوف على الصعوبات التي تواجهها البلدية، وعرض الأخير المختنقات التي تعاني منها عدة مرافق في البلدية كما تطرق إلى المشاريع المتوقفة وإمكانية استئناف العمل بها والتي ستسهم في رفع المعاناة عن كاهل المواطن.

وألتقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، الثلاثاء الماضي، بمقر المجلس بالعاصمة طرابلس وفدا من مدينة درنة برأسة رئيس المجلس المحلي عوض الأعيرج الذي تحدث خلال اللقاء عن المعاناة والمختنقات في مختلف قطاعات المدينة، والمعاناة القاسية لسكان درنة بسبب الحصار المفروض على المدينة من قبل قوات عملية الكرامة.

قبائل الشرق تلتقي السراج

احتضنت العاصمة تونس في السابع من أغسطس الجاري، لقاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج ونائبه فتحي المجبري، مع وفد من قبيلة العواقير التي تعد إحدى أكبر قبائل المنطقة الشرقية، وضم الوفد شيوخًا وأعيانًا وسياسيين وشبابًا من القبيلة.

وناقش الطرفين في الاجتماع آخر مستجدات الاتفاق السياسي ومقترحات رئيس المجلس لوضع حلول وطرح مبادرات للخروج من حالة الانسداد السياسي بتعديل الاتفاق السياسي وتقديم مقترح توافقات لإنهاء الانقسام، وفق البيان الذي نشره عضو وفد قبيلة العواقير النمر صالح النمر.

واستقبل فائز السراج في التاسع من هذا الشهر، بمقر المجلس الرئاسي بالعاصمة طرابلس، وفداً يضم عددا من أعيان ووجهاء قبائل المجابرة والبراعصة والعبيدات والقطعان، للتشاور في الاتفاق السياسي والمضي قدما في حوار ومصالحة وطنية، وعبر الوفد عن دعمه لجهود السراج لتحقيق توافق بين الليبيين.

وناهيك عن كل هذه الأزمات الخدمية في المنطقة الشرقية، استمرار المعارك في بنغازي منذ منتصف أكتوبر 2014 إلى هذا اليوم، التي أرهقت كاهل المواطنين بالمدينة، وأدت إلى وقوع نحو عشرة آلاف قتيل، وتسجيل أكثر من 24 ألف معوق في صفوف قوات عملية الكرامة منذ بداية العمليات العسكرية في بنغازي، بحسب الناطق السابق باسم الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا عبدالحكيم معتوق.

التدوينة بعد فشل الكرامة في تلبية احتياجاتهم.. عمداء بلديات الشرق يلجؤون إلى السراج ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “بعد فشل الكرامة في تلبية احتياجاتهم.. عمداء بلديات الشرق يلجؤون إلى السراج”

إرسال تعليق