أبوبكر بلال لامين/ شاعر وأديب ليبي
أَنَا لَسْتُ جَدَّافًا مَعَ التَّيَّارِ
أَنَا عَازِفٌ لَكِنْ بِلَا أَوْتَارِ
أَنَا إِنْ رَأَيْتُ الشَّمْسَ يَحْجُبُ نُورَهَا
غَيْمٌ وَقَدْ غُلَّتْ عَنِ الْإِبْكَارِ
نَبَضَتْ أَنَامِلُ قَدْ رَسَمْنَ خَرِيطَةً
فِيهَا تَرَى لِلشَّمْسِ أَلْفَ سِوَارِ
وَإِذَا رَأَيْتُ النَّهْرَ يَكْدُرُ مَاؤُهُ
سَارَعْتُ أَحْجُبُهُ عَنِ الْأَكْدَارِ
رَيَّانَ يَرْجِعُ مَنْ تَأَمَّلَ سَيْبَهُ
رَيَّ الْحَبِيبِ وَخِلِّهِ فِي الْغَارِ
هَبْ أَنَّ هَذَا الْبَحْرَ قَرَّرَ مَوْجُهُ
هَدْمَ الْحُصُونِ وَدَكَّ كُلِّ مَغَارِ
لِي أَلْسُنٌ تُثْنِيهِ عَنْ عَلْيَائِهِ
وَتُصِرُّ تَفْصِلُهُ عَنِ الْإِعْصَارِ
فِي وَجْنَتَيَّ الْوَدْقُ يَخْزُنُ سَيْلَهُ
يَنْهَالُ فِي الْعَتَمَاتِ وَالْأَسْتَارِ
لَمَّا أَرَى الْأُخْدُودَ تُذْكَى نَارُهُ
مِنْ بَعْدِ أَزْمَانٍ خَلَتْ وَدِيَارِ
تُلْقَى الْأَجِنَّةُ فِيهِ تَصْلَى حَرَّهُ
وَيُعَادُ عَصْرُ تَأَلُّهِ الْفُجَّارِ
مُتَوَلِّهٌ بِالْأَرْضِ أَخْشَى بَيْعَهَا
فِي السُّوقِ يَوْمَ تَزَاحُمِ التُّجَّارِ
مَعْشُوقَتِي إِنِّي الْفَرِيدُ بِحُبِّهَا
أَخْشَى عَلَيْهَا مِنْ عُيُونِ الْجَارِ
أَنْ تَسْتَبِدَّ بِهَا.. تُشِيرُ لِأَعْجُزٍ
تَهْوِي بِهَا فِي قَاعِ جُرْفٍ هَارِ
أَوْ أَنْ يُظَلِّلَهَا بِطَرْفِ جَنَاحِهِ
فَيُحِيلَهَا وَكْرًا مِنَ الْأَوْكَارِ
لَا شَيْءَ تَعْنِي لِلْمُرِيدِ قِبَابَهُ
إِلَّا الْأكُفّ تَمَسَّحَتْ بِجِدَارِ
تَرْجُو الْجِدَارَ وَمَا الْجِدَارُ مُجِيبهَا
أَنَّى يَكُونُ الْبَوْحُ لِلْأَحْجَارِ
فِي كُلِّ شِبْرٍ لِلْكَهَانَةِ مَصْنَعٌ
قَدْ شَيَّدَتْهُ سَوَاعِدُ السُّحَّارِ
تُلْقِي الْحِبَالَ وَقَدْ غَدَوْنَ زَوَاحِفًا
فِي غَيْرِ يَوْمِ الزِّينَةِ الْبَتَّارِ
أَهْوَى تَمَاثِيلَ الْخَلِيلِ وَهَدْمَهَا
إِنَّ ابْنَ آزَرَ أُسْوَتِي وَمَسَارِي
لَكِنَّنِي عَنْ حَرْبِهَا مُسْتَنْكِفٌ
حَتَّى يَفُلَّ كَبِيرَهُمْ مِنْشَارِي
لَا ضَيْرَ أَنْ تَلْوِي السَّلَاسِلُ أَضْلُعِي
فَالْغُلُّ يَأْكُلُهُ لَهِيبُ النَّارِ
وَاللهُ آمِرُ نَارِهِ أَْن تَبْرُدِي
كُونِي سَلَامًا لِلَّذِي بِجِوَارِي
أُغْرِمْتُ بِالْأَطْوَادِ تَرْسُو فِي زَنَازِينِ
الْحَيَاةِ عَظِيمَةً وَتُبَارِي
أَشْتَقُّ مِنْهَا الدَّرْسَ أَتْبَعُ خُطْوَهَا
هِيَ قِمّتي وَأَنَا إِلَيْهَا سَارِ
يَا أَيُّهَا الْجَدَّافُ جَدِّفْ لِلْوَرَا
لَا تُثْنِيَنَّكَ سطْوة البحَّار
أَنْشَأْتُ تَيَّارًا وَبَاتَ خُلُودُهُ
لَا رَيْبَ فِيهِ.. هَلُمَّ فِي تَيَّارِي
التدوينة بِطاقة شعرية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.