أبوبكر بلال/ شاعر وكاتب ليبي
غَرِيبٌ كَيْ أُعِيدَ الْأَرْضَ خَضْرَا
وَأَفْرِشُ تُرْبَهَا وَرْدًا وَزَهْرَا
فَقَدْ زُرِعَتْ رَوَابِيهَا سُوَاعًا
وَأُنْبِتَ ظَهْرُهَا وُدًّا وَنَسْرَا
أَمَا اصْفَرَّتْ طَلَائِعُهُ يَغُوثٌ؟
وَغُصْنُ يَعُوقَ لَيْسَ عَلَيْهِ سِتْرَا!
غَرِيبٌ طَافَ مُلْتَمِسًا صَبَاحًا
لِأَطْوِيَ لَيْلِيَ الْأَبَدِيَّ قَهْرَا
أَيَا لَيْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ انْجِلَاءً
أَنَا وَالصُّبْحُ عَارَضْنَاكَ كُفْرَا
فَفِي هَدْيِ النُّجُومِ لَنَا غَنَاءٌ
وَهَذِي الشُّهْب حِينَ تَصِيرُ جَمْرَا
عَزَائِمُنَا سَنَشْحذُ مِن لظَاها
وَمِنْ أَنْوَارِهَا نَشْتَقُّ فِكْرَا
تَمَطَّى فِي مَرَابِعِهِ خَرِيفٌ
تَعِيثُ رِيَاحُهُ قَرْضًا وَنَشْرَا
وَيَأْبَى أَنْ تُبَدِّلَهُ اللَّيَالِي
كَأَنَّ الْعَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ حِكْرَا
فَلَا زَجْرُ الرُّعُودِ لَهُ خَصِيمٌ
وَلَيْسَ يَرَى جَحِيمَ الحَرِّ مَكْرَا
وَلَكِنَّ الرَّبِيعَ لَهُ مَمَاتٌ
فَمِنْ نَسَمَاتِهِ يَخْتَارُ قَبْرَا
فَذُو الْقَرْنَيْنِ صَفَّدَ مُفْسِدَيْهِ
بَنَى سَدًّا وَصَبَّ عَلَيْهِ قِطْرَا
وَفِرْعَوْنٌ قَضَى فِي الْيَمِّ ظَنًّا
بِأَنْ خَرَّتْ أَعَالِي الْمَوْجِ شُكْرَا
وَأَبْرَهَةُ الْعَظِيمُ صَرِيعَ طَيْرٍ
أَطَيْرٌ تَرْتَقِي فَتُبِيدُ قَصْرَا؟
غَرِيبٌ أَقْتَفِي آثَارَ حُسْنٍ
يَكَادُ يُلَحِّنُ الْبُسْتَانَ شِعْرَا
يُحَلِّقُ بِالْقَوَافِي فِي رُبَاهُ
وَفِي سِحْرِ الْخَمَائِلِ سَالَ نَثْرَا
أُوَطِّنُهُ بِأَرْضٍ حَلَّ فِيهَا
نَشَازٌ كَبَّ فِي الْأُذْنَيْنِ وَقْرَا
فَمَا عَادَتْ أَغَانِيهِ أَغَاني
وَلَيْسَ الذِّكْرُ وَالْأَوْرَادُ ذِكْرَا
يَخُونُ الشِّعْرُ وَالشُّعَرَاءُ فِيهِ
فَفِيهِ قَصَائِدٌ تُورِدْكَ بِئْرَا
وَفِيهِ مُقَطَّعَاتٌ لَا تُبَالِي
إِذَا لِلتَّوِّ صَيَّرْنَاكَ خُبْرَا
سَأَصْحَبُهُ رَبِيعِيَ فِي مَسَاءٍ
وَنَطْرُدُ لَيْلَنَا وَنَطِيبُ فَجْرَا
نُعِيدُ الْأُغْنِيَاتِ إِلَى صِرَاطٍ
قَوِيمٍ نَجْبُرُ الْمَكْسُورَ جَبْرَا
وَنُغْرِقُ أَرْضَنَا عَسَلًا مُصَفًّى
نُبَدِّدُ مُسْكِرًا وَنَكُبُّ خَمْرَا
التدوينة ( غريب ) ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.