طرابلس اليوم

الخميس، 25 يناير 2018

قضية بنغازي أكبر بكثير من مطلب العودة..

,

عماد المدولي/ صحفي ليبي

 تحدث رئيس المجلس الأعلى للدولة السيد “عبد الرحمن السويحلي” خلال اجتماعه بعدد من أعضاء الهيئة البنغازية وأعضاء من المجلس الأعلى الممثلين لمدينة بنغازي، تحدث عن وعود بوضع ملف عودة مُهجري المدينة ضمن أولويات عمل المجلس للعام الحالي.

وقبل الخوض في إمكانية هذه العودة من عدمها وهل هي حقاً المطلب الأساسي لمهجري بنغازي، نتساءل عن مدى قدرة المجلس الأعلى لتقديم أي حل في هذا المجال، وهل هي وعود وقتية ومجرد تطمينات مسكنة كما هو الحال في العديد من الملفات الشائكة في البلاد؟

 في الحقيقة لا يملك السيد “عبد الرحمن السويحلي” ولا المجلس الأعلى كله أي قدرة على تنفيذ مثل هذه الوعود وهو باختصار “وعد من لا يملك” فموضوع بنغازي كبير جدًا ومن المعيب -حسب تقديري- حصره في موضوع العودة فقط.

عودة النازحين والمُهجرين إلى مدينة بنغازي لم يكن ابدًا هو الهدف الأساس في القضية البنغازية، القضية أكبر من ذلك بكثير، نحن نتحدث هنا عن آلاف القتلى ومئات السجناء وعن العشرات من المنازل والأملاك المنهوبة، نتحدث عن نسيج اجتماعي دمر ومزق بشكل غير مسبوق في المنطقة الشرقية، فعن أي عودة يتحدثون؟.

في حديثي هنا عن الدماء والقتلى أشير بكل تأكيد إلى الطرفين المؤيد والمعارض لما يعرف بعملية الكرامة، هناك شرخ كبير دامي بين طرفي النزاع ، كيف سيقبل المٌهجر بالعودة بعد كل ما حدث له وكيف سيضمن سلامته، وهل سيوافق من يظن به السوء من اهالي المدينة أن يعود إلى بيته وشارعه من جديد هكذا بكل بساطة خصوصًا في ظل الفوضى الأمنية وسيطرة طرف بعينه على المدينة و مع كل عمليات القتل والتصفية خارج القانون والتي في الكثير من الأحيان تكون بسبب شكوك أو وشاية من أشخاص حاقدين دون أي دليل

الأجدى بالمجلس الأعلى للدولة وباقي المسؤولين إن كانت هذه القضية تهمهم حقاً أن يساهموا بشكل حقيقي و فعال في حل كل المشاكل العالقة لدى هؤلاء النازحين، عليهم أن يجتمعوا مع الأهالي لمناقشة مشكل السكن الذي يعاني منه الأغلبية، عن المرتبات المنقطعة عن أرباب الأسر منذ سنوات، و عن مشاكل النقل والانتداب في مؤسسات الدولة فالكثير منهم أضحى دون عمل بعد أن تم فصله من عمله في مدينة بنغازي، وغيرها الكثير من المعوقات والمشاكل اليومية التي تواجه المُهجر، هذه هي القضايا التي يجب أن تطرح ويتم التباحث فيها لإيجاد حلول سريعة تخفف من معاناة هذه الأسر.

أما الحديث عن عودة الأهالي واسترجاع الأملاك فهو أمر مستحيل في الوقت الراهن، ويحتاج إلى وقت طويل وجلسات مصالحة اجتماعية وقانونية أطول لمعالجة هذا الجرح الدامي.

 بنغازي قضية ليست ببسيطة، وتحتاج لسنوات وسنوات حتى تندمل الجراح وتختفي الأحقاد بين سكانها، ورغم صعوبة هذا الأمر إلا انني مازلت أؤمن بإمكانية تحقيقه إن صدقت النوايا بين أهلها، و تحقق جبر الضرر بين الطرفين بالقانون، مؤمن بنجاحه كل ما ابتعدنا عن سوء الظن والتهم بالشكوك، وحين نقتنع فعلاً بأن مقولة ” لي ما يدير شيء ما يجيه شيء كذبة شهيرة طالما سوق لها النظام السابق وتبناها بعده المجرمون لتبرير أفعالهم الشنيعة، حينها فقط يمكننا الحديث عن عودة المهجرين والنازحين، أما الآن فإني على يقين كامل بأن قضية العودة ليست أبداً من مطالب اهالي المدينة المنكوبين

التدوينة قضية بنغازي أكبر بكثير من مطلب العودة.. ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “قضية بنغازي أكبر بكثير من مطلب العودة..”

إرسال تعليق