احميد اعويدات/ كاتب ليبي
أسوء ما يحدث الآن هوتحول الصراع الليبي من أجل الاستقرار إلى صراع مذهبي يكرس التشرذم والشتات، والأكثر سوءاً هوتمكين دعاة هذا التخلف من حصولهم على مرادهم ، وهوما يحدث حاليا.
تلك الفئة الواهمة بالقوة والتي تحاول تصدير وزراعة نزاعاتها من نجد إلى ليبيا ، عن طريق فتاوى عابرة للحدود، لمحاولة استبعاد وإقصاء أي فكر مضاد لها أومخالف لمدرسة الكره التي تعتنقه عقيدتها ، والتي تصف كل المخالفين لها بالزندقة أوالكفر على غرار الفتوى الواهية من دار الإفتاء التابعة للحكومة المؤقتة، والتي قامت بتكفير المذهب الإباضي ووصفه بأنه فكر ضال منحرف.
بعد دخول تلك الفئة للحرب في بنغازي ضد الجماعات “المتطرفة” ، وتمكنها من السيطرة على منابر المساجد وهيئة الأوقاف عن طريق متصدري المشهد السياسي والعسكري هناك، ثم إعطائها هي وفصائلها المسلّحة ( قوات الوهابية الخاصة ) طابع الشرعية للاعتداء على الآخرين بمثل هذه الفتاوى، مع علم الجميع بأن دار الإفتاء تلك تأخذ أوامرها من بلد مُنْشئها وأبيها الروحي سليمان العتيبي بمباركة المدخلي كما ذكر تقرير الأمم المتحدة لعام 2014.
وعلى نفس السياق الداعشي يحاولون جعل عجلة التاريخ تعود بنا ألف وأربعمئة سنة للخلف، في تجاهل تام للإسلام المتأصل في ليبيا والتعايش السلمي المذهبي ما بين كل الطوائف على مر الزمان قبل أن يوجد محمد بن عبدالوهاب أوحتى ابن تيمية ، وهوشيء نادراً ما تجده في البلدان المسلمة والعربية منها تحديداً.
إحياء تلك الفتن عبر منابر المساجد أسبوعيا ، في محاولات من قبل أغرار العقول للتأثير في الناس وتمكين ثقافة الكراهية ، وسب وشتم المذاهب الأخرى كالصوفية ، متخذين مما يجب أن يكون حلقة دينية لتثقيف الناس في دينهم وحثهم على الترابط والتعايش السلمي ، دروساً في الحقد والتمييز المذهبي لدق طبول الحرب، ولكم في جزيرة العرب عبرة يا اُولي الأبصار .
أحد الأبعاد لخطورة تلك الفتاوى هوما تعيشه ليبيا من هشاشة سياسية واجتماعية وأمنية ، خصوصا مع توزع السلطة بين أكثر من حكومة ، ودخول المد التكفيري وازدياد النعرات القبلية وحروبها ، وهي عوامل امتزجت لتُنتج مشهدا قابلاً للانفجار في أي وقت إذا ما توفر قادح.
الفتاوى التكفيرية أو الإقصائية بما تحتويه من نفس كريه ، ودعواتها الدخيلة علينا التي لا تعبر عن سماحة الدين؛ ومحاولات إشعال هذا النوع من الحروب، هي ليست وليدة اللحظة بل منذ سنوات وسفهاء الأحلام يحاولون إشعال فتيل هذه الفتنة ، ولا تختلف فتوى تكفير الإباضية عن ما نستمع إليه كل جمعة من شتم وسب للمذهب الصوفي وتحريضهم على أتباعه حتى وصلت لتدمير أضرحة أوليائهم، رغم موقف المتصوفة بعدم الانجرار لهذه النزاعات ورفضهم لحمل السلاح ضد الآخرين.
ما يمكن استنتاجه هو أن طريق التخلص من ثقافة الكره وتقسيم الناس على حسب طوائفهم وأعراقهم يجب أن تكون برفض دعوات الكراهية الدينية والتي عليها أن تبدأ من علماء جميع المذاهب في ليبيا أولا، لإغلاق جميع الطرق على الكراهية الأتية من نجد، وهذا ترسيخاً لمبدأ التعايش السلمي المجتمعي بعيداً عن وهم اعتقاد أرباب تلك الفئة بأن الله قد جعلهم أوصياء على دينه ومعتنقيه ، واختارهم دون غيرهم لتطهير دينه الذي تعهد جل جلاله بحفظه.
التدوينة ليبيا…. والكَرَاهية الآتية من نجد ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.