طرابلس اليوم

السبت، 2 سبتمبر 2017

من سيصلح الخطاب الديني في المجتمع الليبي؟

,

 

محمد تنتوش/ كاتب ليبي

في كل مرة يصب فيها الاهتمام عبر مواقع التواصل الاجتماعي نحو أحد القضايا الخلافية بين المجتمع الليبي يمكن ملاحظة مجموعة من ملامح غياب المفاهيم الدينية الصحيحة بل وأسس الثقافة الاسلامية العامة في بعض الأحيان ، مؤشرات هذا الأمر يمكن ملاحظتها من خلال التعامل مع الاختلاف في الآراء وكذلك غياب المرجعيات والمبادئ الإسلامية التي يتم فيها التعامل مع القضايا المختلفة ، فتجد النقاش أحيانا يكون في قضايا معلومة في الدين من الضرورة ولا ينبغي لمسلم النقاش أو التشكيك فيها لكونها قاطعة الدلالة في القرآن الكريم ، وفي كل الأحوال لا تكاد تجد نقاشا مبنيا على أسس معرفية سليمة للدين الاسلامي فمن يدعي الدفاع عنه تجده يستخدم أحيانا ألفاظا نابية في حديثه أو في أحسن الأحوال تجده لا يفقه الكثير في الدين وفي المقابل من يزيل عباءة الدين عن جسده تجده لا يكاد يقدر على النقاش في الأمور الدينية ولا بعد فلسفي أو فكري يعتمد عليه سوى ما يتناقل اليه من الآخرين .

من ناحية أخرى نجد أن ظواهر مثل : الرشوة ، الوساطة ، المحسوبية والكذب كلها أصبحت صفات عادية لا يتعامل معها الكثيرون على أنها مناقضة لمنهج الله تعالى مهما تزينت أو تنكرت ببعض الصفات الاخرى مثل “الحداقة” “السمسرة ” أو غير ذلك .

 

كل هذه الملاحظات تأتي في إطار الحديث عن غياب الخطاب الديني السليم وغياب البناء الفكري والمنهجي السليم فيما يتعلق بدراسة الشريعة الاسلامية خاصة في المدارس ، وغيابه بشكل نهائي عن مناهج الجامعات عدا ما يتعلق ببعض الكليات المختصة أساسا بالعلوم الشرعية واللغة العربية ، أما المساجد فلا تكاد تجد حلقة للعلم الشرعي ولا تكاد تجد انتشارا لظاهرة المحاضرات الدعوية والتوعوية إلا في مداها الضيق ، هذا ما يدفعنا هنا الى السؤال عن غياب هذه الأمور رغم حجم التنافس و المساحة الكبيرة التي تشغلها الجماعات الاسلامية في الخطاب الإعلامي المؤيد والمعارض لهم و كذلك الحيز الذي تشغله على الساحة السياسية والعسكرية بالطرق المباشرة والغير المباشرة .

لا أكاد أجد تحليلا مناسبا لهذا التناقض سوى أن ضعف الخطاب الديني وغياب البناء الفكري والمعرفي السليم لعامة الناس فيما يتعلق بالعلوم الشرعية و أسس الدين الإسلامي رغم كثرة حفظة القرآن الكريم والمدارس القرآنية_ التي أقفل الكثير منها وضعف أدائها مؤخرا وقل عدد طلابها وخريجوها _ في البلاد ، كل هذا في مقابل بروز اسم الجماعات الاسلامية على الساحة السياسية والعسكرية ودخول بعض المؤسسات الدينية الرسمية في هذه الساحات ، هذا التناقض لا يمكن تفسيره سوى أن المعنيين بالدعوة والتعليم الديني و البناء الفكري والمعرفي السليم للشريعة الاسلامية والمؤتمنين عن إيصاله للناس وثقيفهم بها ، قد تناسوا في معظمهم هذا الدور مقابل التركيز في المساحة السياسية و العسكرية و أن الخلاف ما بين هذه الجماعات الإسلامية ورجال وعلماء الدين وطلبة العلم قد كلف المجتمع الكثير .

بالتالي يظل السؤال هنا ، من يفترض به أن يكون المسؤول عن ثقيف المجتمع وتعليمه لأمور دينه ومن يفترض به أن يكون المسؤول عن نشر الخطاب الديني السليم الذي يفتقده المجتمع ويحتاجه لبناء أفكاره وأفعاله في مجالات الحياة العامة ، في ظل الصراع المحتدم ما بين الجماعات السلفية وغيرها وبين الجماعات السلفية فيما بينها ، و التنازع في قضايا خلافية قد يكون الكثير منها غير مهم و الإنجرار وراء الجماعات القبلية والسياسية و لعب دور في الفتنة الأهلية القائمة بل وفي بروزن بعض الجماعات الإرهابية أيضا … لا أعلم من سيتولى هذه المهمة الأهم بالنسبة لي من كل خلاف بين الجماعات الاسلامية والعلماء الشرعيين والمختصين في ظل حجم هذا الشرخ والخلاف والاقتتال .

التدوينة من سيصلح الخطاب الديني في المجتمع الليبي؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “من سيصلح الخطاب الديني في المجتمع الليبي؟”

إرسال تعليق