طرابلس اليوم

الخميس، 19 أكتوبر 2017

سبها مدينة الخوف

,

احميد اعويدات/ كاتب من الجنوب الليبي

أصبحت مدينة سبها أوكما عرفت بشرارة الثورة لنظام القذافي، غابة تتصارع لحكمها القبائل.

السيناريوهات التي شهدتها المدينة على مر السنوات السبع الماضية من حروب قبلية لم ترحم شيء، فأغلب المعالم في المدينة دمرت حتى من البنية التحتية المتهالكة في الأصل، مع كون المدينة قد أصبحت مركز جذب للعديد من الحركات الإفريقية المسلحة منذ اندلاع الثورة الليبية في العام 2011.

بعد سقوط نظام القذافي وما تبعه من انهيار كلي لأغلب المؤسسات الأمنية التي كانت تسيطر على الجنوب  ،عاشت المدينة الكثير من الحروب القبلية المسلحة، نتيجة عمليات النهب التي تعرضت لها الكثير من مخازن السلاح والذخيرة ومحاولة عدد من القبائل التفرّد بالحكم، حيث تشكلت أعداد كبيرة من المليشيات التي تستظل بالحاضنة الاجتماعية لقبائلها من أجل بسط السيطرة والنفوذ على أكبر رقعة ممكنة في المدينة والجنوب بشكل عام.

لم ينته الأمر على هذا المنوال فقط، بل أصبحت هذه المكونات العشائرية تمثل أذرعاً مسلحة لبسط سيطرة جهات ومدن معينة في هرم السلطة الهش، من أجل السيطرة على مؤسسات استراتيجية في الجنوب.

كل هذه الأحداث سببت شرخا كبيراً في النسيج الإجتماعي العشائري في الجنوب الليبي يكاد من المستحيل جبره، أودت حروبه بحياة المئات من الناس من مختلف الأعراق والفصائل بدون نسيان الدمار الذي طال أغلب المؤسسات الحكومية وأيضا الخاصة الخدمية من فنادق، وتوقف المدارس والجامعات عن الدراسة وانتشار الخطف والحرابة في أغلب الشوارع الرئيسية في المدينة.

يقول عميد جامعة سبها الدكتور مسعود الرقيق، إن الوضع الأمني الحالي وشبه الانعدام الكلي للخدمات ،خصوصا مع غلاء أسعار الوقود في الجنوب بشكل عام ساهم في إيقاف شريان الحياة  بأغلب كليات الجامعة، ناهيك عن اغتيال عميد كلية القانون في وقت سابق من العام.

أكمل الرقيق أن الاعتداءات المسلحة وأعمال السلب والخطف لعمداء الكلية وأساتذة الجامعة وأزمة المحروقات وغلاء أسعارها، قد جعلهم يضطرون إلي إيقاف الدراسة لأجل غير معلوم.

قليل من كثير، وهو ما تعيشه عاصمة الجنوب الآن،  التي أصبحت تُحْكم تحت قبضة العصابات والسيارات المعتمة التي عاثت فساداً وخراباً في كل شوارع المدينة، الأمر الذي أصبح مشهداً مرعباً يعيشه سكان المدينة، تكون محظوظاً إذا تُركت حياً بركبةٍ مصابة  أوعاهة مستديمة.

يقول أحد سكان المدينة “السنوسي المهدي ” إن الحالة التي تشهدها المدينة مربكة، فهي على قرن عفريت بحسب وصفه، يمكن للحرب القبلية أن تبدأ في أي لحظة إذا ما توفر قادح، حتى مع وجود أعيان العشائر والمدينة أيضاً فإن الحرب لن تتوقف بسهولة إذا ما وقعت.

يضيف السنوسي أن الكثير الآن لا يستطيعون التجول في بعض الأحياء  بحرية بسبب هذه النزاعات خوفاً من عمليات الانتقام والثأر  في أغلب شوارع المدينة التي بعضها تعتبر سكناً لقبيلة معينة دون سواها.

أغلب المبادرات التي دفع بها بين القبائل في الجنوب الليبي لم تدم طويلاً بل كانت مجرد هُدن هشة تم اختراقها في مرات عديدة، كما قال أحمد علي ناشط مدني، فمصالح أغلب المليشيات على اختلاف أسماءها قد تتضارب بسبب أعمال تجارة التهريب للمحروقات وتجارة البشر التي تمتهنها في أي وقت، بدون نسيان أماكن النفوذ كالمطارات والمعسكرات والشوارع الرئيسية في المدينة الأمر الذي قد ينشأ عنه إقتتال قبلي في أي لحظة لحماية مكتسبات كل قبيلة.

هذا المشهد هوالطاغي على سيناريوهات المدينة، فمع انعدام السيولة النقدية في المصارف ازداد نشاط عمليات الخطف والسرقة في شوارعها بشكل كبير، ليمكن لهذه العصابات توفير مصدر دخل لها الأمر الذي لم تستطع مديرية أمن المدينة التعامل معه، كما قال مصدر من داخل مديرية الأمن الوطني.

وأضاف نفس المصدر، أن عدم وجود أي دعم ملموس على أرض الواقع من قبل كل الإدارات في مختلف ربوع البلاد للمديرية سبّب لنا شللاً، خصوصا مع التسليح الثقيل لبعض هذه العصابات، وتشريع وجودها من قبل بعض الأطراف السياسية في البلاد لمحاولة إقصاءنا.

بالرغم من كل هذا يبقى الأمل لدى البعض في النواة العسكرية التي تم إنشاءها في قاعدة تمنهنت لإعادة الأمن الذي لم تشهده المدينة منذ سبع سنوات، ويتأملون أن الوضع سيتحسن بالرغم من ضبابية المشهد الحالي في المدينة، وعودة الحياة الطبيعية للمدينة كما كانت.

فهل يحدث هذا أم أنّ للحسابات السياسية رأي آخر؟

التدوينة سبها مدينة الخوف ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “سبها مدينة الخوف”

إرسال تعليق