تحاول المؤسسة الوطنية للنفط المضي قدما لزيادة صادراتها من النفط إلى أكثر من مليون برميل يوميا، بعد استئناف تصدير النفط بصورة طبيعية منذ منتصف شهر سبتمبر العام الماضي.
ويبلغ إنتاج النفط الحالي نحو 850 ألف برميل يوميا، وذلك بعد عودة ضخ النفط في عدد من الحقول النفطية ـ بعد توقفه منذ أواخر عام 2013 – باتجاه موانئ الزويتينة ورأس لانوف والسدرة.
وكانت ليبيا تصدر مليونا وستمائة ألف برميل يوميا قبل ثورة السابع عشر من فبراير من عام 2011، واستأنفت التصدير بعد ذلك ونجحت في الوصول إلى مليون وأربعمائة ألف برميل منتصف عام 2013، وهو أعلى مستوى تصل إليه المؤسسة بعد ثورة فبراير.
وفي أخر عام 2013، أوقف رئيس حرس المنشآت النفطية فرع الوسطى إبراهيم الجضران، تصدير النفط، وضخه من الحقول باتجاه الموانئ؛ بسبب ما انتشر آنذاك حول بيع النفط خارج العدادات، واستفادة بعض الأحزاب من عائداته.
واتهم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله إبراهيم الجضران بالتحايل، وبأنه يتحصل على مليون دينار من الدولة يوميا، وبأن جهاز حرس المنشآت حاد عن دوره وأصبح قبليا ويحمل توجهات جهوية.
بعد هذه التصريحات بأيام سيطرت القوات التابعة لمجلس النواب على الموانئ النفطية، وتحديدا في 11 سبتمر الماضي، وأعادت قوات حرس المنشآت الهجوم بغية استرجاع الموانئ ولكنها فشلت في ذلك، واستعادت قوات مجلس النواب الهلال النفطي كاملا من قوات حرس المنشآت – بعد سيطرتها عليه لثلاثة أعوام – وذلك في 18 من الشهر نفسه.
بداية الانفراج
بدأ أمل الليبيون في انفراج أزمة إغلاق الموانئ عندما أعلن حرس المنشآت النفطية الليبية فرع الوسطى، في سبتمبر العام الماضي، فتح الموانئ النفطية المغلقة وسيعمل مع المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني وأنه سيتخذ الترتيبات اللازمة لإعادة فتح الحقول المغلقة وضخ الخام من جديد.
وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط، في الأول أكتوبر عام 2016 أن إنتاج ليبيا من النفط الخام ارتفع إلى نحو 450 ألف برميل يوميا وأن جهودا تبذل لإعادة افتتاح صمام الرياينة بالمنطقة الغربية المغلق لأكثر من عامين.
وعندما هاجمت قوات عملية الكرامة قوات حرس المنشآت النفطية وأحكمت سيطرتها على المنطقة بالكامل، وسلمت الموانئ إلى المؤسسة الوطنية للنفط حينها قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله إن الموانئ ستصدر النفط بصورة طبيعية، وهذا ما أشاع مناخا من الرضا بين على عامة الشعب.
أمّا فيما يخص سعر الصرف وأزمة السيولة، فيأمل الليبيون أنه كلما زادت صادرات النفط زاد الأمل في ثأثير الإنتاج على انخفاض سعر صرف الدينار الليبي، وانتهاء أزمة السيولة، وحدث عكس ما توقعه خبراء اقتصاديون، بل ازداد الأمر سوءا وازداد الدينار الليبي تقهقرا أمام العملات الأجنبية الأخرى.
مخاوف الحرب والإغلاق
بعد أن انتهت أزمة أغلاق الموانئ وبدأت الحقول والموانئ في تصدير النفط تخوف الليبيون من نشوب حرب جديدة على الموانئ النفطية قد تسبب في إغلاق وتدمير الموانئ، وحدث ما تخوف منه الشعب الليبي ونشبت الحرب.
ففي منتصف مارس الماضي، تقدمت قوات سرايا الدفاع عن بنغازي إلى ميناء السدرة النفطي شرقي البلاد وسيطرت على مطار راس لانوف بعد اشتباكات مع قوات عملية الكرامة التي كانت تسيطر على الهلال النفطي.
وازدادت معها مخاوف المواطنين من تكرار السيناريو السابق وإغلاق الموانئ.
وازدادت المخاوف من حدوث كارثة قد تدمر الموانئ والحقول النفطية بعد هجوم آمر حرس المنشآت النفطية فرع الوسطي إبراهيم الجضران وسيطرته على مجمع مساكن رأس لانوف حيث ارتفعت وتيرة الاشتباكات في المنطقة مما اضطر قوات الكرامة إلى استعمال الطيران الحربي.
وأعلنت قوات الكرامة التي يقودها خليفة حفتر أنها تمكنت من صد هجوم قوات الجضران، وسيطرت على كامل الهلال النفطي مجددا واستمرار العمل بشكل طبيعي في الموانئ النفطية.
في حين تسبب قفل صمام الرياينة المرتبط بحقلي الفيل والشرارة في عرقلة خطط المؤسسة الوطنية للنفط الموضوعة لزيادة الإنتاج، ولكن سرعان ما توصلت المؤسسة مع مغلقي الصمام إلى تسوية وبدأ الضخ مجددا من حقلي الشرارة والفيل.
خسائر إغلاق الموانئ
أوضح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، أن الأضرار والخسائر من جراء تراجع الإنتاج بلغت 68.4 مليار دولار على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة، وأن أكثر من 70 بالمائة من ذلك الفاقد يرجع إلى حرس المنشآت النفطية.
وأكد رئيس المجلس الليبي للنفط والغاز خالد بن عثمان، في تصريحات صحفية، أن خسائر الإنتاج النفطي ما بعد ثورة فبراير عام 2011 وحتى بداية العام 2014 كانت فادحة، بعد التراجع الكبير للإنتاج الذي بلغ قبل تلك الفترة مليونا و650 ألف برميل، بعد مشكلة الهلال النفطي وإقفال الحقول النفطية.
وأضاف بن عثمان أن خسائر ليبيا من النفط في السبع السنوات الأخيرة بلغت 180 مليار دولار، وأن على الليبيين أن يحافظوا على النفط الذى تسبب إغلاقه في خسائر فادحة للدولة.
ونوه مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد من نقص في السيولة وارتفاع أسعار الصرف مقابل الدينار الليبي ترجع إلى إغلاق الموانئ النفطية، مشيرا إلى أن إغلاق الموانئ تسبب في خسائر بلغت 90 مليار دولار حتى مطلع 2015.
آمال ومطالب
تأمل شركات النفط الوطنية زيادة إنتاجها اليومي من النفط الخام ولكن تواجه هذه الآمال بقلة الإمكانيات والتمويل وعدم صرف الميزانية الكافية لهذه الشركات.
فقد صرح رئيس مجلس إدارة شركة الواحة للنفط الليبية أحمد عمار، بأن إنتاج الشركة اليومي شهد زيادة 100 ألف برميل من النفط الخام ليبلغ نحو 260 ألف برميل يوميا.
وأضاف عمار، أن شركة الواحة تستهدف زيادة الإنتاج إلى 375 ألف برميل يوميا بحلول نهاية العام القادم، ولكن “نواجه نقصا في التمويل وتحديات في إصلاح البنية التحتية المدمرة”. موضحا أن الشركة تخطط لزيادة إنتاج إلى 600 ألف برميل يوميا خلال السنوات الخمس القادمة.
أما شركة الخليج العربي ( التي تعد من أكبر الشركات المنتجة للنفط في ليبيا، ويتراوح إنتاجها الحالي ما بين 320 و 330 ألف برميل يوميا، بعدما تمكنت من تشغيل معظم الآبار النفطية الواقعة في نطاقها) فقد توقعت أن يصل إنتاجها نهاية العام الحالي إلى 350 ألف برميل يوميا، مضيفة أنها تمكنت من إتمام صيانة آخر حقل تابع لها، وهو حقل البيضاء، وقد أصبح جاهزا لضخ النفط نحو ميناء شركة الهروج برأس لانوف فور إعطاء الإذن لهم.
وتوقعت الشركة أن يعود العمل في باقي الشركات النفطية ما يرفع معدل الإنتاج إلى 900 ألف برميل مطلع العام القادم، وهذا يتطلب ضرورة تسييل الميزانية الخاصة بالشركات لتقوم بعملها كما يراد لها.
وقد اشتعلت النيران في ديسمبر من عام 2014 في سبعة خزانات بميناء السدرة النفطي؛ إثر إصابتها في الاشتباكات الدائرة بين فرع حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى٬ وقوات “عملية الشروق “، بعد إعلان الأخيرة انطلاق عملية لتحرير الموانئ النفطية من قبضة حرس المنشآت بقيادة إبراهيم الجضران.
وتظل هذه التكهنات التى تسعى إليها المؤسسة الوطنية للنفط تقابلها الكثر من المصاعب والمطبات من نقصا في التمويل وعدم استتباب الأمن وغيرها.
التدوينة مساعٍ لزيادة صادرات النفط الليبي رغم التحديات الاقتصادية والأمنية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.