صلاح الشلوي/ كاتب ليبي
لا يحتفي الله بذكر شيء وتعظيمه إلا لأنه ذي شأن، وإلا لما ذكره ولا عظمه، ومن بين تلك الأشياء التي احتفى بها وضرب لها الأمثال واستطرد القرآن في ذكرها وإعادة تلاوتها، والتربيع بمعاودتها إلا لأنها ذات شأن وأي شأن وهي مسألة مصارع الطغاة، وهي من أيام الله التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء والمرسلين من قبله بتذكير الناس بها لما لها من الخطورة في حياتها.
؛؛؛
ليس من فراغ أن تحتل قصة الفرعون وآزر والسامري وقارون وهامان كل تلك المساحة الشاسعة من دفتي المصحف، حتى أن بعض الأغبياء يظنه تكرار لا داعي له، وإلا فالقرآن قول فصل وما هو بالهزل، ومن هنا أمر موسى عليه السلام بتذكير بني إسرائيل بما فعله فيهم فرعون، وكيف نجاهم الله منه بخوارق العادات.
؛؛؛
في مثل هذا اليوم تم الخلاص النهائي من أبرز طاغية من الطغاة الذين عرفهم التاريخ الليبي المعاصر منذ دخول الإسلام إلى ليبيا، وكيف كانت الآثار المدمرة لسنوات حكمة الأربعين العجاف على البلد، قتلت القابليات المعنوية، وأهدرت كل المداخيل التي حققتها طفرة ارتفاع أسعار النفط في مطلع سبعينات القرن الماضى، وكرست الفوضى في المجتمع والدولة، فلم يترك وراءه لا مؤسسات ولا رجال دولة ممن يقدرون على صناعة السياسات العامة، بل بالغ في تنشئة الجلادين والجباة وحراس مقرات السلطة.
؛؛؛
وحتى عندما جرت الأحداث العفوية سراعا وأطاحت الثورة العنيفة في مواجهة عناده وإصراره على الولوغ في دماء الليبيين، ولا يلتفت إلى الخطاب الطفولي الذي يتحدث عن ثوار الناتو، أمام آلة الحرب العنيفة والعناصر المدربة على العنف الذين كان يربيهم في مقرات التدريب على القتل والسحل والإرهاب والعنف.
؛؛؛
فاليوم العشرين من أكتوبر تمثل يوم من أيام الخلاص الليبي، يجب أن يذكر فيه تلك الحقبة السوداء، ولتكون درس لمن بعده وعبرة، ولتكون بوصلة اجتماعية على خطورة الاستبداد على الفرد والمجتمع والدولة، وأن الحل لا يمكن أن يمر عبر حراب ونعال العسكر كي يطأوا بها رؤوس الناس ويسومونهم سوء العذاب.
؛؛؛
قد يتذاكى متذاكي بقوله وهل ما يجرى اليوم أفضل بالطبع أيها العبيط لا ولكن ما يجري اليوم ما هو إلا مخرج من مخرجات حالة التخلف التي رعاها نظام حكم الفرد على مدار اثنين وأربعين عاما في ليبيا، أهدر فيها قيمة الإنسان حتى جعله والعدم سواء بسواء، وكي يعالج كل ذلك سنحتاج كما احتاج غيرنا لعزئمة وإصرار على الخروج من مأزق الفوضى إلى الاستقرار، ورفض منطق الهوج الثوري الذي يريد أن يتحكم في الدولة باسم الثورة، فالثورة شارك فيها الشعب كله، والدولة ستعود لحضن الشعب أيضا وليس لحضن لص يسرقها باسم الثورة ودماء الشهداء مدعيا حرصة وخيفته عليها وهو الكذاب الأشر.
؛؛؛
نحمد الله أن نجانا من فرعون وعمله ونسأله أن يتم نعمته علينا وأن يتعقل كل الأطراف المعرقلة للتوافق، وتستهدي بالله وتعود لأحضان الدولة وتنبذ عنها خياراتها العديمة التي تكرس حالة الاحتراب والفوضى سواء بخطاب سياسي أو عسكري أو ديني.
التدوينة مصارع الطغاة ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.