بدأت سياسة الدعم السلعي بليبيا مع بداية عقد السبعينات من القرن الماضي مع صدور القانون رقم (68) لسنة 1971 بشأن إنشاء المؤسسة الوطنية للسلع التموينية كمؤسسة تابعة لوزارة الاقتصاد , تُعنى بتوفير السلع التموينية والمواد والمحاصيل الزراعية بما يحقق ثبات أسعارها وتوفرها بصورة منتظمة في السوق وبكميات تكفي لسد حاجات المستهلكين.
وقد خول القانون المذكور المؤسسة بفتح فروع ومكاتب لها في أية جهة في ليبيا , كما خولها باتخاذ وكلاء ومراسلين في الداخل والخارج وذلك وفقاً لقرارات مجلس الإدارة.وفي عام 2009 م صدر قرار اللجنة الشعبية العامة رقم (451) بشأن دمج المؤسسة الوطنية للسلع التموينية في صندوق موازنة الأسعار وذلك بغية تحقيق الأهداف التالية:
– العمل على موازنة أسعار السلع والخدمات الأساسية.
– دراسة واقتراح الوسائل التي تساعد على تحديد الأسعار المناسبة للسلع والخدمات.
– متابعة الأسعار الدولية والمحلية وتوفير التقارير عليها.
– الاحتفاظ بمخزون مناسب من السلع الأساسية المعرضة للتقلبات الحادة في أسعارها.
– تحقيق الأسعار المناسبة للسلع والخدمات الأساسية وتوفيرها بتكلفة مناسبة للمواطنين.
– توفير السلع والخدمات في السوق المحلي وبما يتناسب مع مستوى دخول الأفراد.
إن الوضع الاقتصادي الذي اتسم به الاقتصاد الليبي خلال الأربعة عقود الماضية هو سيطرة القطاع النفطي على الهيكل الاقتصادي والذي جعل من الاقتصاد الليبي اقتصاد أحادي الجانب ويعتمد بشكل كبير على القطاع النفطي في تمويل الانفاق العام ناهيك عن جمود الدخول (سياسة الأجور الثابتة في القطاع العام) والزيادة المستمرة في الأسعار جعلت من سياسة الدعم السلعي ضرورة ملحة في ظل تلك الظروف بل وأصبح حجمها يتوقف على ايدولوجية الدولة والدعم الذي تراه مناسباً وقد اتخذت سياسة دعم الأسعار في ليبيا نوعيين أساسيين هما:
1- دعم أسعار السلع الغذائية الأساسية حيث يحتل هذا الدعم أهمية كبيرة في موازنة الدولة وذلك بهدف المحافظة على المستوى العام لأسعار السلع الضرورية والمحافظة على الدخول الحقيقية للأفراد , وكانت الدولة مضطرة لذلك بسبب سياسة تجميد الأجور في القطاع العام والتي انعكست على القطاع الخاص أيضا.
وبحسب ماذكره صندوق موازنة الأسعار أن الدعم السلعي قد ارتفع من 357 مليون دينار ليبي عام 2002 إلى 1,046 مليون دينار ليبي في سنة 2010 م , أي إن الدعم السلعي ارتفع خلال تلك الفترة بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 12.7% مع العلم بأن معدل النمو السنوي المركب للسكان في ليبيا بلغ 1.6% ويعزى هذا الارتفاع في الدعم السلعي إلى الارتفاع في الأسعار العالمية. ولكن ما يلفت الانتباه هو أن مجموعة المواد الغذائية تشكل ما نسبته 36.6% من سلة أسعار المستهلك وفقاً لبيانات الهيئة العامة للمعلومات والتوثيق .
بيد أن الوزن النسبي للمواد الغذائية المدعومة بالنسبة إلى سلة المواد الغذائية لأسعار المستهلك لا تشكل سوى 1.6% من السلة , الأمر الذي يعني أن السلع الغذائية المدعومة في الحقيقة ليست ذات أهمية كبيرة للمستهلك وإنما الأمر يكمن في أن الدعم السلعي لمجموعة المواد الغذائية في الحقيقة ما هو إلا دعم وهمي أي بمعني توفر هذه السلع في الحقيقة ليس ذو أثر حقيقي على المستوى المعيشي للفرد خصوصاً إذا كانت السلعة المدعومة لها بدائل متوفرة في السوق المحلي وتتمتع بجودة تفوق جودتها في أغلب الأحيان , هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإن إجمالي الوزن السلعي لمجموعة السلع المدعومة في سلة أسعار المستهلك لا تشكل سوى 15.9% من السلة.
2- دعم أسعار المنتج المحلي سواء كان صناعيا أم زراعيا بغية تحفيز وتحسين إنتاجه من خلال رزمة من الإجراءات تتخذها الدولة بهدف زيادة الإنتاج وتمكين المنتجين أو المزارعين من تحقيق عوائد تساهم في تطوير وتوسيع تلك الأنشطة ولعل أهم احد هذه الأنواع من هذا الدعم هو دعم أسعار الطاقة كدعم أسعار المشتقات النفطية حيث تباع بأقل من أسعارها العالمية وكذلك دعم أسعار وحدات الطاقة الكهربائية فعلى سبيل المثال يقوم المصرف الزراعي بتقديم القروض الزراعية للفلاحين بسعر فائدة مدعوم كما أن أسعار المدخلات الزراعية هي الأخرى مدعومة , وفي معرض التدليل على ذلك يتبين أن إجمالي دعم المشتقات النفطية قد ارتفع من 972 مليون دينار ليبي في عام 2002 إلى 10,153 مليون دينار ليبي في عام 2010 أي بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 30 % تقريباً .
يمكن القول أن الدعم المقدم من قبل الحكومة الليبية ودعم الرعاية الصحية قد ارتفع من 1,329 مليون دينار ليبي عام 2002 إلى 11,199 مليون دينار ليبي في عام 2010 أي بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 27% تقريباً .
التدوينة سياسات الدعم السلعي 2 ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.