طرابلس اليوم

الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

ما يزال من المبكر جدا الاحتفال بسرت

,

المرصد الليبي للإعلام

بين الكاتب طارق مغريسي، في تحليل على موقع “فورن بوليسي” أن الليبيين نجحوا تقريبا في تحقيق فوز طال انتظاره على تنظيم “الدولة” (داعش)، فلعدة أشهر، ضيقت الكتائب المسلحة الخناق على مقاتلي التنظيم في مدينة سرت الساحلية، وتم حصار الجهاديين في مساحة أقل من كيلومتر مربع، لكن رغم ذلك ليس هناك شعور بالسعادة الغامرة.

وأبرز الكاتب أن السبب بسيط، وهو أن الانتصار في سرت لن يكون له تأثير إيجابي كبير على فراغ السلطة في البلاد، فعندما سيطر التنظيم في يونيو 2015 على سرت، أمل المراقبون أن يوحد تهديد الأخير الكتائب المتحاربة، لكن الأمر لم يجر بتلك الطريقة، بدلا من ذلك، حاولت مراكز القوة المختلفة استغلال هذا التهديد من أجل المضي قدما في أجنداتها الخاصة.

غياب

ويعرف كل طرف في ليبيا أن مجرد دعم القتال ضد التنظيم، سيساعد في حشد الدعم الدولي وتعزيز مطالبهم الشرعية، حتى الآن، لم يثبت أي منهم أنه مستعد للمشاركة في حشد الموارد وقواته لمكافحة تهديد يعتبرونه ثانويا، بالنسبة لخصوماتهم المحلية، في الوقت نفسه، كانت القوى الغربية حريصة جدا على مواجهة التهديد، حتى أنها تجاهلت مصالحها طويلة المدى في ليبيا، وفقا لما أرسته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، وكان الهدف منها دمج المصالح الغربية المختلفة في سياسة متماسكة لمكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، فيما يتم إقناع السياسيين الليبيين بدعم إقامة حكومة وطنية حقيقية.

ومن المفارقات أن على الرغم من أن بعض الدول التي دعمت البعثة الأممية -مثل فرنسا والولايات المتحدة – خلقت عقبات تعترض عملها، إلا أنها قد تعاونت بصفة فردية مع الجماعات المسلحة الليبية لتحقيق أهداف خاصة بمكافحة الإرهاب، ومن خلال تشكيل تحالفات مع أشخاص مثل قائد الجيش الوطني الليبي (المعين من قبل مجلس النواب)، خليفة حفتر وغيره، ساهمت في تمكينهم من مواصلة النشاط، خارج نطاق جهود الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار وتوحيد البلاد، وقوضت عمل البعثة عن طريق إزالة حافز كبير للتعاون.

ونظرا لهذه الظروف، يمثل تحرير سرت معجزة، وكان أفضل بكثير لو كان هذا النجاح نتاج سياسة مدروسة بعناية من قبل جميع الأطراف، وبدلا من ذلك، تم إطلاق العملية من قبل تحالف من الكتائب المسلحة، شعر بأنه مهدد على أراضيه، وكانت إستراتيجيته لتطويق المدينة وتشديد الخناق على التنظيم ناجحة في البداية، لكن سرعان ما تعرض لخسائر فادحة، واستغرق الأمر شهرا قبل أن تستطيع الحكومة تنسيق ضربات جوية أمريكية، ودعم طبي وإنساني إيطالي، ودعم الخطوط الأمامية من قبل بريطانيا.

تهديدات

ورغم أن العملية على وشك النجاح، ما يزال من المبكر جدا الاحتفال، وفيما اخترقت القوات الليبية معقل الجهاديين، ما تزال البيئة التي ولدتهم خصبة، فالدولة ما تزال غير فعالة، والاقتصاد فاشل، وتعاني البلاد من العنف وعدم الاستقرار، ما يجعل ليبيا أرضا خصبة لعديد التهديدات، بالنسبة لجيرانها والمنطقة المحيطة بها، كما أن خسارة سرت لا تعني القضاء على التنظيم في ليبيا، لأن له العديد من الخلايا في جميع أنحاء البلاد، وحاول ترهيب المقاتلين من سرت طوال المعركة حتى يتمكنوا من العودة في يوم آخر، وإذا لم يخسر تنظيم “الدولة” في سرت، من المرجح أن يعود إلى نمط تقليدي عبر استهداف المراكز السكانية وأكاديميات الشرطة ومقرات الكتائب المسلحة، وستسمح الفوضى بزرع الفتنة، والبحث عن تحالفات مع الجماعات الجهادية المحلية أو الإقليمية، حتى تستعيد مرة أخرى القدرة على السيطرة على الأرض.

يذكر أن الجهاديين ليسوا الوحيدين الذين سيستفيدون من حالة الفوضى العامة، هناك أيضا أولئك الذين يعيشون في اقتصاد الظل في ليبيا، فالتهريب متجذر في ليبيا، وقد وقع التركيز حتى وقت قريب على تصدير السلع المحلية المدعومة مثل البنزين والسكر إلى البلدان المجاورة، ولكن الاقتصاد التقليدي ما يزال مشلولا، وانتشر الاتجار بالبشر وتجارة الأسلحة بشكل كبير.

وبين الكاتب أن تحرير مدينة سرت هو تطور مرحب به بلا شك في بلد لا يعرف الكثير من الأخبار الايجابية، لكن يجب الحذر من الفرح المفرط ، فحتى مع احتدام المعركة في سرت، تستعد الفصائل الليبية لما تراه معركة حاسمة في الحرب، للمطالبة بسيطرتها على البلاد، فقد نرى في المستقبل القريب تطورا للصراع الداخلي إلى حرب شاملة بين تحالفين اثنين لديهما مدفعية ثقيلة وقوة جوية تحت تصرفهما.

ومن  أجل احتواء هذا التهديد، يجب على المجتمع الدولي أن يلتف حول بعثة الأمم المتحدة، وأن يعمل للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلط، وعلى المستوى المحلي، هذا يعني المشاركة مع قادة المجتمع والقبائل وقادة الكتائب والفصائل والمؤسسات الرئيسية مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، وعلى المستوى الدولي، يعني هذا تعزيز حظر الأسلحة وضمان أن تكون الأمم المتحدة القناة الدبلوماسية الدولية مع ليبيا، ما يتطلب إرادة سياسية للتوفيق بين المصالح المتنافسة لروسيا ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والقوى الإقليمية، مثل مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة وتركيا، وحتى يتمكن المجتمع الدولي من صياغة سياسة شاملة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، قد يساهم تحرير سرت في انزلاق البلاد إلى حرب أهلية لا نهاية لها.

التدوينة ما يزال من المبكر جدا الاحتفال بسرت ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ما يزال من المبكر جدا الاحتفال بسرت”

إرسال تعليق