طرابلس اليوم

الاثنين، 28 ديسمبر 2015

في الحوار الليبي

,

رمضان بن طاهر

وردني تساؤل من صديق يقول : “هل يمكن إقناع الأطراف المتصارعة التي تسببت في حدوث الأزمة الليبية الراهنة بالذهاب إلي مائدة الحوار “الليبي الليبي” الذي يدعو له البعض بحثا عن تسوية سلمية لصراع مأساوي لا يملك أحد من أطرافه القدرة علي حسمه بقوة السلاح؟”

وجهة نظري الشخصية كالتالي :

الدعوة إلى الحوار “الليبي الليبي ” من قبل بعض الأطراف قد تكون مريحة من الناحية النفسية ومفيدة للتعبئة والحشد الجماهيري الذي يرفض التدخل الأجنبي على خلفية التاريخ الاستعماري القديم للمنطقة العربية ، لكن هذه الدعوة على المستوى الواقعي من غير الممكن تحقيقها ، فمن الصعب الجمع بين المصالح المتعارضة والمتناقضة لأطراف الصراع ، وهو أمر سيجعل من المجتمع الدولي شريك أساسي في أي تسوية سياسية قادمة ، وهذا في حد ذاته يمثل إشكالا كبيرا يجعلنا رهن التغيرات والتقلبات التي ما تحدث غالبا في دائرة المصالح الدولية وانعكاسها سلبا أو إيجابا على ليبيا !!

الصراع المحلي الآن يجري على أرضية تقليدية ” قبلية وجهوية ودينية ” وهذا يكشف عن حالة من حالات الحرب الأهلية .

الصراع على أرضية تقليدية ، لا مشروع له إلا إشباع الغريزة وأدواته غالبا ما تقوم على تبادل الاتهامات وادعاء البطولات الزائفة وأحيانا قد تجد من يحاول تلميع الطرف الذي كان بالأمس خصمه اللدود ، لمجرد توافق في مصالح مؤقتة وسرعان ما تزول وتعود حملة الشتائم والتخوين والسباب المتبادلة وهكذا..الخ .

السياسة بمفهومها الحديث تتطلب معرفة بمتغيرات العالم الحديث والمعاصر والتفكير بمشاريع و أفكار واضحة المعالم ودعم الحلول الوسط على قاعدة فن الممكن .

على المستوى العملي لا يوجد طرف من أطراف الصراع له مشروع عقلاني واضح المعالم يجمع الشتات الليبي بحيث يشعر كل طرف سياسي أنه ممثل بداخله .

غياب المشروع الوطني وانعدام الرؤية جعل السياسة تمارس من خلال منطق الفتن وهذا المناخ فتح المجال ليتصدر المشهد مجموعة من الحمقى والجهلة لإذكاء هذه الفتن ، مما يقوض كل محاولة للخروج من المأزق الراهن ، وهكذا واقع ؛ بالضرورة يقود إلى تدخل المجتمع الدولي لفض الاشتباك بين أطراف الصراع .

المجتمع الدولي الآن يحاول الاتجاه لصياغة حكومة جديدة ويعمل على جمع أكبر قدر من المؤيدين لها وقد تقبل شرائح وفئات واسعة من الليبيين بهذا الحل لغياب البدائل !!. السؤال هنا :

ما هي تقديرات الأطراف المحلية المؤيدة لهذا الخيار في ظل وجود من يرفض هذا التوجه ؟

ما يمكن قوله ان ليبيا ستدخل في مرحلة استفهامات جديدة لا يمكن التنبؤ بتفاصيلها وتظل المآلات مفتوحة على كل الاحتمالات .

أما من يرفض هذا التوجه بحجة الاستعمار والتدخل الخارجي عليه أن يقدم البديل المقنع !! فالاستعمار الحقيقي يبدأ من الفشل والانقسام الداخلي، أما التمسح بالأخلاق والوطنية وتخوين الخصوم إفلاس فكري وسياسي يعمق من حالة التفكك والانقسام .

نحن بحاجة إلى مشروع حقيقي يتجاوز حالة الاستقطاب و البغاء السياسي القائم على أرضية قبلية وجهوية ودينية . مشروع يرتقي بنا من حالة التفكير الغريزي إلى منطق التفكير العقلاني. مشروع يضمن المشاركة الفاعلة لليبيين ويحظى بدعم دولي واسع النطاق لكي نستطيع من خلاله الانتقال إلى خطوة متقدمة لرسم خريطة تنموية لمستقبل هذا البلد.

التدوينة في الحوار الليبي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “في الحوار الليبي”

إرسال تعليق