عربي 21
عرض مجلس النواب الليبي المنعقد في مدينة طبرق شرق ليبيا بإلغائها للمادة الثامنة من الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، الاتفاق كله إلى إمكانية الانهيار.
البرلمان الليبي وافق على كل بنود الاتفاق وألغى المادة الثامنة من الأحكام الإضافية المتعلقة بشغور المناصب العسكرية والأمنية والمدنية العليا بعد عدم اتفاق مجلس رئاسة وزراء حكومة الوفاق على شاغليها، وذلك بجلسته التي عقدت في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي.
حفتر عقدة الاتفاق
محللون ومهتمون بالشأن السياسي الليبي قالوا إن المادة الثامنة التي جردت قائد عام جيش مجلس النواب من أية صلاحيات عسكرية، ومن أي مستقبل سياسي في المشهد الليبي باعتباره أكثر الشخصيات الليبية المتصدرة جدلا على الساحة الليبية.
وبحسب هؤلاء لا يعاني حفتر من رفض شعبي في أغلب مدن غرب ليبيا سواء من العسكريين أو السياسيين بها، بل تصدعت شعبيته حتى بين حلفائه وأنصاره في شرق ليبيا بعدما اتهمه الناطق باسم عملية الكرامة محمد الحجازي بنهب أموال وقتل وتعذيب خارج دائرة القانون، وذلك في الكلمة التي ألقاها في 21 يناير/كانون الثاني الماضي.
فمدينة درنة شرق ليبيا لا تخضع لنفوذ حفتر، وكذلك هناك انقسام بين قبائل الشرق بشأن عملية الكرامة وجدواها في مدن كانت موالية في السابق لحفتر كالبيضاء وطبرق، كما أن أكبر قوة عسكرية بمدينة اجدابيا غرب بنغازي بقيادة إبراهيم الجضران وهي جهاز حرس المنشآت النفطية الفرع الأوسط الذي وصف حفتر وتنظيم الدولة بأنهما وجهان لعملة واحد في يناير/كانون الثاني الماضي، إضافة إلى أن الإعلان عن تكليف آمر الكتيبة 204 دبابات المهدي البرغثي بحقيبة وزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، زاد من عمق الشرخ بين أنصار اللواء المتقاعد، وقسم القبائل إلى مناوئة لحفتر وأخرى مؤيدة له.
ولا يسهل على مجلس النواب ورئاسته في طبرق أن يوقع ببساطة على اتفاق يخرج حفتر ويجرده من صلاحياته العسكرية، وهو الذي شرعن عملية الكرامة جعلها ضمن أذرعه العسكرية، بل وأسند إلى حفتر منصب قائد عام الجيش ورقاه إلى رتبة فريق أول في فبراير/ شباط من العام الماضي.
أعضاء بالحوار يهددون بتفخيخه
دعا رئيس فريق حوار المؤتمر الوطني العام الموقع على اتفاق الصخيرات صالح المخزوم أعضاء فريق الحوار ورئيس البعثة الأممية إلى اجتماع طارئ لبحث الإجراءات الكفيلة بمنع خرق نصوص الاتفاق من قبل مجلس النواب، وبشأن ما صدر من ردود أفعال على زيارة رئيس الحكومة فائز السراج لحفتر بمدينة المرج شرق ليبيا، تمثلت في تعليق وزير الدولة محمد عماري زايد لعضويته بالمجلس، ورفض نواب بالحكومة وأعضاء بالحوار لهذه الزيارة التي رأوا فيها تعرقل وتعطل دخول الحكومة غلى العاصمة طرابلس.
وأشار المخزوم في كتابه إلى أن مثل هذه التصرفات سواء من البرلمان أو من رئيس الحكومة يعد خرقا للتوافق ولنصوص ومواد الاتفاق السياسي، وتعريضه للانهيار.
وفي ذات السياق وقع عشرة أعضاء بالحوار السياسي على بيان حملوا فيه البرلمان بطبرق مسؤولية تعريض الاتفاق للخرق والانتهاك، إذا ما أقدم على تعديل نص المادة الثامنة من الأحكام الإضافية.
الموقعون ذهبوا إلى أبعد من ذلك، مؤكدين أن دور البرلمان ينحصر فقط في حجب الثقة عن الحكومة بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وليس قبول التشكيلة الوزارية أو رفضها.
مواقف تنبأ بالتصعيد ضد محاولات مجلس النواب المساس بما يعتبره بعض أطراف الحوار أهم إنجاز لهم في وثيقة الاتفاق، وهو نص المادة الثامنة التي أخرجت حفتر من المستقبل السياسي والعسكري الليبي. وهو التزام سياسي رتبه المؤييون للحوار ومخرجاته برعاية أممية أما تيارات ثورية، لطالما طرحت سؤال مصير حفتر.
صعوبة المعادلة
من جهة يحاول مجلس النواب البقاء ضمن المعادلة السياسية الليبية، إذ أن شرعية وجوده وبقائه هو الاتفاق السياسي الليبي، الذي يمتنع تعديله أو إلغاء بعض مواده بإرادة منفردة من البرلمان، ومن ناحية أخرى يحاول الإبقاء على حفتر، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتجميد المادة الثامنة أو إلغاء العمل بها، أو تحوير نصها بما يحقق هدف بعض أعضاء مجلس النواب.
كما يقع البرلمان تحت ضغط المجتمع الدولي الذي لا تهمه مسألة بقاء حفتر أو مغادرته، قدر اهتمامه بإنجاز الاتفاق والحكومة كأحد أهم مخرجاته، للحصول على غطاء سياسي على أهم خطرين يواجهما في ليبيا بعد سورية والعراق، الأول “الإرهاب” متثملا بالجماعات التي صدر بحقها قرار من مجلس الأمن كتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، والثاني الهجرة غير الشرعية التي باتت ليبيا أحد أهم محطات العبور إلى أوروبا وخاصة إيطاليا واليونان ومالطا الأقرب للشواطئ الليبية.
حفتر من جديد
نواب بالبرلمان يقولون إن تعيين المهدي البرغثي كوزير للدفاع، شكل علامة فارقة في رفض البرلمان للتشكيلة الحكومية المقدمة من رئاسة مجلس الوزراء. مضيفين أن النائب بمجلس رئاسة الحكومة علي القطراني فشل في تعيين وزير دفاع موال لحفتر، بينما نجح النائب فتحي المجبري في تكليف البرغثي، إذ أن المجبري لديه تحالفات في شرق ليبيا مع مناوئين لحفتر، خاصة فيما يعرف في منطقة برقة البيضاء، التي تمتد من اجدابيا وحتى سرت وسط ليبيا.
الموالين لحفتر من أعضاء مجلس النواب يعللون رفض التشكيلة الوزارية بأنها كبيرة في العدد إذ بلغت اثنين وثلاثين حقيبة، وأنهم يسعون لتشكيل حكومة مصغرة لا تتجاوز الخمسة عشرة حقيبة.
مصادر مقربة من مجلس رئاسة وزراء حكومة التوافق قالت لعربي 21 إنه من المحتمل ألا يمس بالحقائب السيادية الخمس في التشكلية الوزراية ” الدفاع، الخارجية، الداخلية، العدل، المالية” إذ أنها جاءت بناء على تفاهمات سياسية بين المؤيدين لعملية الكرامة، والمؤيدين لعملية فجر ليبيا المعارضة لحفتر، إضافة إلى أنها لا تخلو من الجغرافيا، فوزعت بين أقاليم ليبيا الثلاثة الشرقية والغربية والجنوبية.
تصدعات كثيرة تشهدها الحكومة لم تتشكل ملامحها بعد، وخلافات حادة على تعديل الاتفاق السياسي، تتوسطه مصالح بعض الأطراف بانهيار الحكومة والاتفاق تحاول أن تتموضع في صدارة ليبيا.
التدوينة إمكانية انهيار الاتفاق السياسي الليبي وحكومة الوفاق ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.