طرابلس اليوم

الأربعاء، 29 يونيو 2016

مغالطات في الاقتصاد الليبي

,

صقر الجيباني

هناك مغالطة اقتصادية شائعة بين الناس وهي الاعتقاد بأن تعداد سكان ليبيا أقل من ستة ملايين نسمة أمرٌ جيد وفي صالح الاقتصاد الوطني .

وهذا مفهوم مغلوط من الناحية الاقتصادية فتعداد السكان القليل ليس مؤشرا على أن البلد سيكون غنيا إذا ما توفرت لديه موارد اقتصادية وبدأ بعملية تنموية شاملة، أو سيكون عامل قوي للاقتصاد، بل بالعكس سينتج عنه نقص في العمالة الماهرة وغير الماهرة، الذهنية واليدوية، وهذه احدى أهم المشاكل والسمات التي يتسم بها الاقتصاد الوطني .

قبل الثورة كانت ليبيا تستقبل أكثر من مليون عامل مصري (هذا الرسمي ) وإذا ما حسبنا معه العمالة المتسلّلة ممكن أن يصل العدد إلى 1.5 مليون عامل، وأكثر من خمس وثلاثون ألف عامل صيني وآلاف العمال الأتراك وعمال آخرين من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة .

هذا العدد الكبير من العمالة الوافدة سيضغط على ميزان المدفوعات الليبي لأن كل تحويلات هذه العمالة إلى خارج ليبيا ستكون بالعملة الصعبة .

وبحسب النظرية الاقتصادية فإن تكاليف الإنتاج من أهم العوامل التي تؤثر في عملية الانتاج وسعر المنتج. ومعظم تكاليف الإنتاج تذهب إلى أجور العمال التي تشكل تقريبا 70% من تكاليف الإنتاج وبالتالي فإن نقص العمالة الوطنية وجلب العمالة الوافدة سيؤثر في التكاليف، ومن ثم الأسعار النهائية .

لنترك الاقتصاد الليبي البسيط والصغير الحجم ونلقي نظرة سريعة على الاقتصاد الصيني الضخم والعملاق والذي ينطلق بسرعة صاروخية لانتزاع مركز الصدارة في الاقتصاد العالمي من الاقتصاد الأمريكي. وهي بلد يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة.

سببين أساسيّين جعلا من منتجات الاقتصاد الصيني تغزو الأسواق العالمية :

الأول: العمالة الصينية الرخيصة والتي تعمل لساعات طويلة وبأجور زهيدة .

الثاني: تخفيض قيمة “اليوان الصيني” مقابل ” الدولار الأمريكي” مما جعل أسعار الصادرات الصينية اقل من صادرات البلدان الأخرى و أكثر تنافسية .

سؤال :

هل يمكن تطبيق هذين العاملين على الاقتصاد الليبي ؟

الإجابة لا بكل تأكيد. فالعمالة الرخيصة لم تتوفر للاقتصاد الصيني ما لم يكن هناك عدد هائل من المواطنين الصينيين (عرض العمل) الذين لديهم رغبة و قدرة على العمل و بأجور منخفضة، لإنتاج سلع ذات أسعار منخفضة .

أما تخفيض قيمة الدينار الليبي لتحفيز الصادرات فستكون سياسة نقدية عديمة الجدوى في الوقت الراهن بسبب انعدام مرونة عرض الصادرات الليبية واقتصارها على تصدير سلعة وحيدة تتمثل في النفط الخام والذي تتحكم في أسعاره الأسواق الدولية .


 

التدوينة مغالطات في الاقتصاد الليبي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “مغالطات في الاقتصاد الليبي”

إرسال تعليق