طرابلس اليوم

الأربعاء، 27 يوليو 2016

التغيير من الثورة إلى الانقلاب

,

صلاح الشلوي

عندما تنطلق حركة المجتمع وفق أي مبرر كان وبأي شكل كان، لا يمكن أن يحدث كل ذلك دون شيء اسمه الفاقد، فالفاقد هو حجم الاستهلاك أو الاستنزاف في موارد هذا المجتمع سواء تلك التي يطلق عليها اسم الموارد المعنوية أو التى تعرف بالموارد المادية. فلابد أن يفقد ذاك المجتمع جزء معلوم من موارده تلك.

أما ما يخص الأدوات التي قد يستخدمها في إحداث التغيير – الاجتماعسياسي- فهي تتراوح بين الأدوات الصلبة والأدوات الناعمة، وتعتمد سلامة الاستعمال على عدة عوامل أبرزها:

1- القيادة الفكرية

2- الرؤية السياسية الشاملة

3- الأرضية المشتركة

فالقيادة القادرة على إنتاج الافكار العملية اللازمة لإدارة عمليات التغيير للمحافظة عليها أن تتحول إلى حراك أهوج لا يلوى على أحد مسألة غاية في الأهمية، ولما نصارح أنفسنا نجد أن ثورة السابع عشر من فبراير انطلقت حين انطلقت بدون وجود قيادة فكرية تصنع لها الأفكار والرؤى والبدائل التي تحتاجها في كل منعطف وعندك كل محطة من محطات التغيير.

أما الرؤية السياسية الشاملة فهي الإطار النظري لمضمون وشكل الحالة التي تريد الثورة أن تصل إليها، وإسقاطات ذلك على الأدوات والمشاريع المطروحة.

ويأتي بعد ذلك أو تتويج للمسألتين السالفتين، بناء الأرضية التي يشعر الجميع أنها تصلح أن تكون مكانا للوقوف عليها دون شعور بالخوف أو الإقصاء أو التهميش، والخطر الذي يتهدد الأرضية المشتركة يمكن تشبيهه بنموذج ” المرايا المكسورة” فالنظر للمرأيا المسكورة يوهم الناظر أنه يرى شيئا ما، ولكن هناك عدة صورة وليس صورة واحدة، فمثلا يظهر فيها عدة صور لمفهوم الوطن والوطنية، يحدث بسبب ذلك المسارعة للتخوين والاتهام بنقض العهود، أما بخصوص الديمقراطية فستظهر لها هي الأخرى عدة صور وليس صورة واحدة، فكل كل صورة من تلك الصور لن تظهر المشاركة والتداول بل لن يظهر فيها سوى الاستبداد الديمقراطي، كما تحدث عن ذلك مرة في حديثة ولأول مرة في تاريخ العسكر أحد العسكر الانقلابيين عندنا، أما الشرعية فهي الأخرى ستظهر في مظهر التشظي والتعدد.

وهنا سيفسد كل شيء وتضيق نافذة الفرص التي قد تسمح بالإستقرار اللازم لإعادة بناء مؤسسة الدولة من جديد، لسبب بسيط يضاف لما سلف هو غياب الثقة بين أبناء المجتمع، والعجز النفسي عن العودة لبنائها مجددا بعمل شعار الشراكة الوطنية من أجل بناء الثقة.

وهنا أود أن أكون صريحا مع نفسي ومع كل من يتابع هذه الزاوية أننا ما زلنا بعيدين عما يمكن أن نطلق عليه” محاولة عملية وجادة لبناء الثقة” ولن يكون بمقدورنا أن نتعايش مع بعضنا البعض ما لم يكون هناك إطارا من المفاهيم والآليات والإجراءات المقنعة لكل واحد منا بحتمية التعايش لأي مشروع مجتمعي أو شخصي، وأخطر ما حدث في هذا الصدد أن تصدى بعض العجزه لتناول هذه المهمة بطريقة كرست هدم الثقة، وهم ما يزالون حتى اللحظة يحاولون في خطف الملف والعبث به بشعارات مفرغة من المنطق والعقلانية، ولا يهمهم من شيء سوى أن يقولوا لقد قلنا هذا من قبل وقدمنا أوراق وجمعنا أطراف هنا أو هناك، ولكن الذي يعرفهم عن كثب يدرك أن ما قاموا به هو العبث بعينه فلا أطراف ولا هم يحزنون، بل شلة من المرتزقة لا يمثلون أي قيمة اجتماعية أو فكرية في المجتمع الليبي، ثم يبرزوا أمام العدسات يتكلمون بكلام غير مفهوم.

في غياب الثقة لاشك أن هناك بدائل الكثير منها قد أدرج ضمن الاتفاق السياسي، على أمل أن تتوافر المناخات المناسبة للبدء في مشروع إعادة الثقة في قدرتنا على التعايش من جديد دون قلق أو خوف نفض العهد والعودة للتحاكم للسلاح والغدر مجددا.

التدوينة التغيير من الثورة إلى الانقلاب ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “التغيير من الثورة إلى الانقلاب”

إرسال تعليق