طرابلس اليوم

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

وأفل نجم الجضران وسطع نجم حفتر

,

المرصد الليبي للإعلام

ذكرت الكاتبة منية الغانمي، في تقدير موقف نشر على موقع “سي.آن.آن” أن بعد تمكن الجيش التابع لبرلمان طبرق بقيادة خليفة حفتر من السيطرة على منطقة الهلال النفطي، التي ظلت لسنوات تحت حماية وتصرف حرس المنشآت النفطية برئاسة إبراهيم الجضران، تبرز معطيات جديدة في ليبيا من شأنها تغيير موازين القوى والنفوذ، تهم خاصة مدى إنهاء حفتر سيطرة منافسه رئيس حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران على النفط، وتحث على البحث في أسباب العداوة بين الرجلين.

ويعلم الطرفان أن السيطرة على الموانئ النفطية تعد ورقة الربح التي تخول لهما كسب مزيد من النفوذ والقوة، وتضمن لهما البقاء في الساحة والمشاركة في صياغة المشهد في ليبيا، لكن أعادت التطورات الأخيرة في البلاد والمعطيات الجديدة، حفتر إلى القمة وسحبت البساط من تحت أقدام الجضران، الذي اختفى منذ دخول قوات حفتر إلى منطقة الهلال النفطي ونجاحها في السيطرة على المنشآت والحقول عن الأنظار.

عداوة

واستبعد عنصر في أحد الكتائب التابعة لجيش حفتر المتواجدة في منطقة الهلال النفطي، محمد العزومي، أن يكون الجضران بصدد تنظيم صفوفه لإعادة الهجوم، ومحاولة استعادة السيطرة على الحقول النفطية، خاصة بعد أن سلمت عدة عناصر تابعة لحرس المنشآت نفسها لقيادة جيش حفتر وانضوت تحته، مشيرا إلى أن أمره انتهى.

ولكن المتابع والتغطية المتواصلة للأحداث في ليبيا، يعلم أن المعارك والصراعات في هذا البلد لا تنتهي بسهولة، ولا تلعب في جولة واحدة، ما يعني احتمال رجوع الجضران في أي وقت للرد على هذه الهزيمة.

وبينت الكاتبة أنه إلى وقت ليس بالبعيد كان الرجلان صديقان ورفيقا حرب ضد قوات ما سمي حينها بـ “عملية الشروق”، التي أطلقتها قوات “فجر ليبيا” لتحرير الموانئ النفطية من سيطرة حرس المنشآت، واتحد الاثنان للدفاع عن النفط، كما كان الاثنان يدعمان الحكومة الليبية في الشرق ضد حكومة الغرب، إلا أن العداوة انطلقت بينهما، عندما هاجم تنظيم “الدولة” حرس المنشآت، ولم يدعم حفتر آنذاك الجضران، بعد أن رفض الأخير الانضواء تحت الجيش والخضوع لسلطته، زد على ذلك إعلان دعم الجضران وموالاته لحكومة الوفاق، التي لا يعترف بها حفتر، ويعتبرها غير شرعية.

وبعد توتر العلاقة بينهما، اعتبر الجضران في تصريحات عديدة أن حفتر أصبح عدوا بالنسبة له مثله مثل “داعش” ووصفه بالرجل المهووس بالسلطة، الذي يريد أن ينقلب على الديمقراطية، بينما أصبح حفتر ينظر إلى الجضران على أنه منافس شرس له، يسعى إلى إقصائه من المشهد، وإلى لعب دور رئيسي في مستقبل البلاد.

ولا أحد ينكر أن الرجلين احتلا مكانة مرموقة في ليبيا، حسب الكاتبة، فحفتر برز عندما نجح في تحرير الكثير من مناطق مدينة بنغازي من سيطرة  الجماعات المتشددة، وخلص أغلب أحيائها من مقاتلي هذه الجماعات في إطار “عملية الكرامة”، بينما سطع نجم الجضران، عندما نجح في وقف تقدم تنظيم “الدولة” باتجاه الهلال النفطي، ومنع سيطرته على المنشآت النفطية.

مصالح

وينتمي الجضران (33 عاما) إلى قبيلة المغاربة، وهي من أهم القبائل في الشرق الليبي وفي أجدابيا، وتقطن في المناطق المحيطة بالموانئ النفطية، ويعد من ضمن من تحركوا مبكرا لإسقاط نظام معمر القذافي في ثورة 17 فبراير 2011، كما أنه من دعاة إنشاء النظام الفيدرالي واقتسام السلطة والثروات بين الأقاليم في البلاد.

من جهته، ينتمي حفتر (67 سنة) إلى قبيلة الفرجان التابعة لمدينة سرت، انشق عن نظام القذافي في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، ثم عاد إلى ليبيا بعد انتفاضة فبراير 2011، وشارك في العمل السياسي والعسكري قبل أن يعين قائدا عاما للجيش سنة 2015، ليتم ترقيته هذا الشهر إلى رتبة مشير من قبل مجلس النواب في طبرق.

وأبرزت الكاتبة أن القبائل في ليبيا تمتلك نفوذا كبيرا، ليس اجتماعيا فحسب، بل  تلعب دورا أساسيا في السياسة، كما تعد طرفا قويا على الأرض، فمن يضمن ولاء القبائل، خاصة في طرابلس وبنغازي يضمن الحكم، ولهذا ركز كل من حفتر والجضران على ذلك من أجل الحصول على “الشرعية”، ونجح الاثنان في كسب عدة ولاءات قبلية، فتحت لهما الطريق لدعم حظوظهما في البقاء.

واستطاع الجضران في بداية مشواره أن يحظى بدعم قبلي غير مسبوق، خاصة من قبيلته، أثناء سيطرته على المناطق النفطية، وجعلت منه شخصا مهما في ليبيا وخارجها، لكن سرعان ما فقد الكثير من الشعبية داخل بلده، بعد تسببه في إيقاف تصدير النفط، فتنصلت منه القبائل وأدارت ظهرها له، لتعلن وقوفها بجانب قوات حفتر ومشروعه.

وكان الجضران وراء عملية إيقاف تصدير النفط التي كبدت البلاد في السنوات الأخيرة خسائر كبيرة بالمليارات، كما اشترط على حكومة الوفاق الوطني إعادة فتح بعض الحقول النفطية شرط الحصول على حصة من المال لقواته، وبسبب هذه القرارات والمواقف خسر شعبيته ووجهت له تهم بتحوله إلى عقبة أمام الاستفادة من عائدات النفط، وبخدمة مصالحه الشخصية على حساب مصلحة البلاد.

وسمح هذا لحفتر بسحب ولاء قبيلة المغاربة التي ينتمي إليها الجضران  لصالحه، كما استفاد من الدعوة التي وجهتها لعناصر حرس المنشآت بعدم مواجهة جيش حفتر، وتمكن من ضم العديد منهم إلى جيشه، بعد إعلانهم الانشقاق عن الجضران، وفتحت هذه المكاسب الطريق أمام حفتر للتقدم في منطقة الهلال النفطي وإزاحة قوات الجضران، ليصبح الرجل الأقوى الآن في الشرق وفي ليبيا، ويعيد بذلك خلط الأوراق من جديد، بعد تغير موازين القوى على الأرض.

التدوينة وأفل نجم الجضران وسطع نجم حفتر ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “وأفل نجم الجضران وسطع نجم حفتر”

إرسال تعليق