طرابلس اليوم

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

ماذا بعد سيطرة حفتر على الهلال النفطي الليبي

,

المرصد الليبي للإعلام

بين الكاتبان كلاودياغازيني وإسكندر العمراني، في تحليل على موقع “انترناشيونال كرايزس غروب” أن سيطرة قائد الجيش الوطني الليبي (المعين من قبل مجلس النواب)، خليفة حفتر على الهلال النفطي في سبتمبر الماضي، سمحت باستئناف الصادرات النفطية من المنصات ،وبإصلاح المنشآت المتضررة، حيث تدفع عائدات هذه المبيعات، التي تقوم بها المؤسسة الوطنية للنفط ومقرها طرابلس- إلى مصرف ليبيا المركزي.

وتعترف كلتا المؤسستان، اللتان سعى المجتمع الدولي منذ بداية الصراع إلى الدفاع عن وحدتهما ، بالمجلس الرئاسي وتعملان معه، وقد حاولت الحكومة الليبية في الشرق الداعمة لحفتر، تأسيس فرعين خاصين بها للمؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، إلا أن حفتر نفسه تعامل حتى الآن مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط ومقره طرابلس.

أزمة

حاليا، وحتى بعد توقف هجوم 7 ديسمبر الجاري، -الذي استهدف الموانئ النفطية-، فإنه أخل أصلا بالتوازن الدقيق، الذي سمح للمؤسسة الوطنية للنفط بالتعاون مع قوات حفتر في الهلال النفطي، والتعاون مع المجلس الرئاسي أيضا، وبوسع حفتر الادعاء بأن المجلس سمح باستخدام أموال الدولة لتمويل الهجوم، ومن ثم وقف التعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط، وقد يلجأ أيضا إلى وقف التصدير مرة أخرى.

وبين الكاتبان أن حفتر لم يقم بمثل هذا التحرك حتى الآن، لكن يبدو أن استمرار تعاونه مشروط بعدم قيام مصرف ليبيا المركزي بدفع الأموال للمجلس الرئاسي من خلال إجراءات خاصة، ما يطلب المجلس وداعموه في المجتمع الدولي من المصرف المركزي فعله، في الوقت الحاضر، مثل هذه الإجراءات مجمدة بسبب الخلافات السياسية بين الكيانات السياسية الليبية المتنافسة –ما قد يكون أحد أسباب حدوث عملية 7 ديسمبر في المقام الأول.

وإذا أقدم حفتر بالفعل على تقليص الصادرات، سيفرض هذا قيودا جديدة كبيرة على الاقتصاد الليبي الذي يعاني أصلا، فقد أدت خسارة الصادرات النفطية بسبب إغلاق الموانئ (عندما كان يسيطر عليها إبراهيم الجضران) وبنى تحتية حيوية للنفط والغاز في أمكنة أخرى على مدى السنوات الثلاث الماضية إلى تقليص إنتاج النفط بشكل كبير، ليصل إلى دون 400 ألف برميل يوميا لمعظم عام 2016، مقابل 1.8 مليون برميل يوميا قبل الثورة، ومنذ فرض حفتر سيطرته على الحقول، بدأ الإنتاج بالانتعاش، ووصل إلى 600 ألف برميل يوميا في نوفمبر الماضي، وأدى انخفاض إنتاج النفط، وانخفاض الأسعار والصادرات إلى عجز مالي قدر بـ 56% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015، والمتوقع أن يبقى هو نفسه لعام 2016.

وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، يمكن أن تفلس ليبيا مع حلول نهاية عام 2017، حيث تقدر احتياطيات ليبيا من العملة الأجنبية أقل من 40 مليار دولار حاليا، مقارنة بـ 75 مليار في مارس 2015، وهو آخر رقم معلن رسميا، وحتى لو عاد الإنتاج، طبقا للسيناريو المتفائل للمؤسسة الوطنية للنفط، إلى 1 مليون برميل يوميا بسعر 50 دولارا للبرميل، فإن البلاد بالكاد ستتعافى، إنها تعاني أصلا من أزمة سيولة حادة، مع لجوء المصارف التجارية إلى تقليص السحوبات النقدية، ويضطر الليبيون للوقوف لساعات كي يسحبوا 300 دولار يوميا كحد أقصى؛ وتمر أسابيع أحيانا دون وجود سيولة نقدية في المصارف، ويباع الدولار الأمريكي بأربعة أضعاف سعره الرسمي في السوق السوداء ويرتفع التضخم باستمرار، لأن معظم السلع الغذائية والاستهلاكية مستوردة.

معالجة

وأبرز الكاتبان أنه لم يتم إيلاء ما يكفي من الاهتمام لمعالجة انقسام المؤسسات الاقتصادية الليبية الرئيسية، حيث لم ينهه الاتفاق السياسي الليبي الموقع في ديسمبر 2015، وانهارت العلاقة التي طرأ عليها التحسن بين المحافظين المتنافسين لمصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، ومقره طرابلس، وعلي الحبري، ومقره البيضاء في الشرق مطلع يونيو، عندما سمح الحبري بتوزيع الأوراق النقدية التي طبعت في روسيا، ولم يفعل المجلس الرئاسي شيئا يذكر لمعالجة هذه القضية، وفي شهر نوفمبر الماضي، تدخل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومسؤولون دوليون بشكل شخصي لتحسين العلاقات المتدهورة على نحو متزايد بين الكبير والمجلس الرئاسي.

وعلى نحو مماثل، فإن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله ومقره طرابلس، ونظيره ناجي المغربي ومقره بنغازي، واللذان كانا قد اتفقا على العمل معا هذا الصيف، لم يتواصلا منذ أكتوبر الماضي، حيث يواجه صنع الله مشاكله الخاصة في التعامل مع المجلس.

واعتبر الكاتبان أن في هذا السياق السياسي الفوضوي، من الجوهري تحقيق استقرار اقتصادي ومنع المزيد من تدمير المنشآت النفطية والغازية، وحتى في ظل غياب تسوية سياسية شاملة ثمة خطوات مهمة يمكن اتخاذها.

أولا، على المجلس الرئاسي وداعميه الدوليين أن يقوموا على نحو عاجل بمنع أي تصعيد إضافي في خليج سرت، يتمثل أحد سبل فعل ذلك بإطلاق المجلس الرئاسي لتحقيق في هجوم 7 ديسمبر الجاري بهدف تحديد المسؤول عن تنظيم محاولة الهجوم على منصات النفط، ويمكن لمثل هذه الخطوات أن تساعد على تخفيف حدة التوتر، وإعادة فرض سلطة المجلس والتوصل إلى إجماع مع ضمان عودة التدفقات المالية إليه.

ثانيا، في ما يتعلق بالاعتبارات الاقتصادية، على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يعيد فرض حظره الصارم، الوارد في قرار مجلس الأمن رقم 2146 على بيع النفط خارج القنوات القانونية، وينبغي أن يصر على المبدأ القائل بوجوب أن تسمح القوات العسكرية التي تسيطر على منشآت النفط والغاز بوصول المؤسسة الوطنية للنفط، دون عوائق، إلى مثل تلك المنشآت وتشغيلها، ومن شأن الالتزام بهذا المبدأ أن يقلص التوتر المتنامي لدى المجلس الرئاسي حيال وضعه المالي الصعب، والمساعدة في منع احتمال حدوث كارثة اقتصادية في العام القادم.

ثالثا، على الأمم المتحدة وداعمي العملية الدبلوماسية في ليبيا، الآن أكثر من أي وقت آخر، دراسة ضرورة وجود مسار اقتصادي جدي يشجع الفصائل المختلفة، حتى لو استغرقت وقتا للتوصل إلى تسوية سياسية، على اتخاذ إجراءات مؤقتة لمعالجة التحديات الاقتصادية العاجلة.

عسكريا، أبرز الكاتبان أن الصراع في ليبيا اتسم، بالمقارنة مع سياقه الإقليمي، بأنه متدنيا نسبيا، لكن إبقاءه على هذا النحو، وتعزيز هزيمة تنظيم “الدولة” في سرت والمتطرفين في أماكن أخرى، وتسوية الصراع في النهاية، يتطلب معالجة الانقسامات السياسية، وهي عملية تبين أنها محبطة جدا، وواجهت العديد من العقبات خلال العام الماضي، وينبغي لوسيلة جديدة لإنعاش الأمل بالتوصل إلى تسوية سياسية، أن تبدأ بمعالجة المشاكل الاقتصادية التي تلوح في الأفق، قبل أن تصبح أكثر خطورة، والتوصل إلى تسويات اقتصادية تساعد في حل المشاكل العاجلة.

التدوينة ماذا بعد سيطرة حفتر على الهلال النفطي الليبي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ماذا بعد سيطرة حفتر على الهلال النفطي الليبي”

إرسال تعليق