طرابلس اليوم

الخميس، 29 ديسمبر 2016

المسار الليبي والنفوذ المتنامي لحفتر

,

بين الكاتبان جايسون باك وريهانيون سميث، في تحليل على موقع “ذي ميدل ايست آي”، أنه بعد سنوات من الصراع، يبدو أن قائد الجيش الوطني الليبي (المعين من قبل مجلس النواب)، خليفة حفتر يسعى للاستفادة من سيطرته على منطقة الهلال النفطي في ليبيا، وتوسعه الإقليمي، وتحويل ذلك إلى انتصار عسكري على الأرض، وزيادة الدعم على الصعيد الدولي.

هذا وقد أعلن الجيش الوطني الليبي يوم 14 ديسمبر الجاري، عزمه تحرير طرابلس من الكتائب وسيطرة “الإسلاميين”، بعد ذلك بيومين، حشد التعزيزات العسكرية في القاعدة الجوية جنوب الزاوية، الميناء الرئيسي للنفط غرب ليبيا، كما تصاعد التوتر في طرابلس لعدة أسابيع بين الكتائب التي تدعم حكومة الوفاق الوطني، وتلك التي تسعى للإطاحة بها.

وفي أوائل ديسمبر الجاري، اندلعت اشتباكات في أنحاء العاصمة، وتزايدت هذه الاشتباكات بين الكتائب، منذ أعلنت قوات “البنيان المرصوص” من مصراتة انتصارها على مقاتلي تنظيم “الدولة” في سرت يوم 5 ديسمبر الجاري، مع حشد بعض الفصائل من مصراتة لدعم القوى المناهضة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وقد وصل الوضع الآن إلى نقطة غليان، خاصة وأن المدينة تعاني من نقص مزمن في السيولة والطاقة والمياه، وأصبح عجز الحكومة واضحا أكثر من أي وقت مضى.

هذا ومن غير المرجح أن يتحرك حفتر إلى طرابلس أو موانئ النفط الغربية، لأن حلفاءه هناك ضعفاء جدا، كما ستكون تداعيات الصراع قاسية جدا، لكن بإمكانه استخدام هذه الخطوة في طرابلس للإشارة إلى قوته المتنامية، مقابل أعدائه على الأرض وحلفاءه المحتملين على المستويين الإقليمي والدولي، وقد يمكنه ذلك من الحصول على نفوذ سياسي، ليتم إشراكه في المفاوضات بشكل أكبر.

إستراتيجية

واعتبر الكاتبان أن إستراتيجية حفتر هذه ناجحة، فروسيا تنظر إليه حاليا على أنه “رجلها” في ليبيا، وعلى غرار الرئيس السوري بشار الأسد، يتبنى حفتر الخطاب المناهض للإرهاب، ومستعد لاستخدام القوة لتحقيق أهدافه، ففي الأسابيع الأخيرة، قام حفتر وحلفاؤه السياسيون بعدة زيارات إلى موسكو للتفاوض بشأن صفقات شراء الأسلحة، كما كانت مصر ثابتة أيضا في دعمها لحفتر، وعلى الرغم من أن القاهرة دعمت رسميا الاتفاق السياسي الليبي، إلا أنها استضافت مؤخرا عملية تفاوض بديلة، بهدف إيجاد وسيلة لإشراك حفتر وتضمينه في هذا الاتفاق، عبر إعادة التفاوض عليه أو توفير بديل له.

وتعتبر الأمم المتحدة ومعظم الدول الغربية أن الاتفاق السياسي الليبي هو الحل الوحيد لأزمة ليبيا، ومع ذلك، صرح مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا أن الاتفاق ليس “جامدا”، مبينا أنه قد يتم منح حفتر بعض السلطة في سياق إعادة التفاوض، وبين الكاتب أن من الصعب تصور كيف يمكن تجنب ذلك، نظرا للنفوذ الكبير لحفتر حاليا، على خلفية المكاسب الإقليمية والإستراتيجية التي حصل عليها.

وفي شرق ليبيا، نمت شعبيته لأن هياكله العسكرية وفرت نوعا من الاستقرار، كما يحقق الجيش الوطني الليبي أيضا العديد من المكاسب البطيئة، ولكن الثابتة ضد الجهاديين، ولحفتر طبعا العديد من المعارضين، معظمهم غرب ليبيا، وأيضا في الشرق، لكنه يقدم نفسه على أنه بديل موثوق فيه للنظام السياسي الحالي، وهي صورة تلقى صدى متزايدا، خصوصا بسبب عدم الرضا من حكومة الوفاق الوطني والحرب بين الكتائب وانهيار الدينار الليبي.

وفي الموانئ النفطية شرق ليبيا، تفاوض حفتر على اتفاقات مع القبائل المحلية، ما سمحت في نهاية المطاف لقواته بالسيطرة عليها، وعبر السماح للنفط بالتدفق وتوفير الأمن في الموانئ، أصبح لحفتر نفوذا سياسيا كبيرا بين الليبيين، فضلا عن المجتمع الدولي، ما عزز موقفه التفاوضي في إطار أي تسوية سياسية جديدة.

تقارب

ورغم عداوة غرب ليبيا لحفتر، يبدو أنه يسعى إلى تطبيق نفس التكتيكات لزيادة نفوذه، فعلى الرغم من أن منافسيه يعلمون أن قواته ضعيفة عسكريا في الغرب، إلا أنهم لا يشكون في أن يكون له دور أساسي في أي اتفاق سياسي جديد، ونتيجة لهذا، يبدو أنه يجري التفاوض بصفة غير رسمية بين حلفاء حفتر في الزنتان وفصائل مصراتة وطرابلس، حول فتح خط أنابيب سيستفيد منه كل الأطراف، وليس من الواضح ما شروط هذا الاتفاق، ومع ذلك، من المرجح أن أن يكون حفتر والزنتان قد اتفقا على إعادة فتح خط الأنابيب، وعدم إثارة الصراع في المنطقة، مقابل منحهم مناصب رئيسية، في إطار أي اتفاق سياسي جديد.

واعتبر الكاتبان أن الصراع في طرابلس أو حولها لا يفيد أيا من هذه الأطراف، وقد عانت مصراتة بالفعل خسائر فادحة خلال القتال ضد تنظيم “الدولة” في سرت، فيما سيزيد الصراع في طرابلس من سوء المشاكل الاقتصادية في العاصمة، هذا وما يزال الجيش الوطني الليبي متورطا في محاربة الجماعات الجهادية في كل من بنغازي ودرنة، ولا يبدو أن له رغبة في التورط في صراع آخر.

وفي هذا الإطار، بين الكاتب أنه لا يجوز تفسير حشد قوات الجيش الوطني الليبي أكثر من كونه تذكيرا دفاعيا، بأن كتائب الزنتان تسمح بتدفق النفط، شرط أن يكون لها دور في المشهد السياسي الجديد، وأضاف أن هناك الكثير من العوامل المختلفة في ليبيا لمعرفة ما إذا كان هذا التقارب الواضح بين الزنتان ومصراتة سيستمر، ويبدو أن الصراع غرب ليبيا ليس في مصلحة أحد، ولكن لا يمكن استبعاده.

وما يبدو أكيدا أكثر، أن النفوذ المتنامي لحفتر، يعني أن حلفاءه سيتدخلون في العملية السياسية الدولية ، وقد يكون ترامب هو الشخص المناسب لفعل ذلك.

التدوينة المسار الليبي والنفوذ المتنامي لحفتر ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “المسار الليبي والنفوذ المتنامي لحفتر”

إرسال تعليق