طرابلس اليوم

الجمعة، 23 ديسمبر 2016

أزمة ليبيا الاقتصادية بين عقد الثمانينات وحاليا

,

صقر الجيباني/ محلل اقتصادي

اجتاحت ليبيا في عقد الثمانينيات من القرن الماضي أزمة اقتصادية خانقة، فباستثناء العام 1980 الذي حققت فيه الميزانية العامة فائضا بسبب الطفرة السعرية للنفط إبان اندلاع الحرب العراقية الإيرانية (كلاهما مُصدّر رئيسي للنفط وعضوفاعل بمنظمة أوبك)، فإن باقي سنوات الثمانينيات كانت الميزانية العامة تعاني من عجوزات مالية وتدنت احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية بشكل كبير.

اجتمعت عديد من العوامل التي شكلت هذا الوضع السئ منها الاقتصادية والسياسية ومنها السيكولوجية أيضاً لشخصية القذافي، يمكن تلخيصها في الاتي :

1– انهيار أسعار النفط بداية من العام 1982 واستمرار وتيرة الانخفاض إلى أن وصلت إلى القاع في أغسطس /آب العام 1986 حين وصلت إلى مستوى أقل من 10 دولار للبرميل .

2- شخصية القذافي العدوانية والتي ناصبت العداء لأشقائه العرب وجيرانه الأفارقة في تلك الحقبة واثارة مشاكل سياسية وأمنية مع الغرب بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص انتهت بالضربة الجوية الأمريكية على باب العزيزية في إبريل /نيسان 1986.

3- تمويل نظام القذافي بالمال والسلاح حركات التمرّد والتحرّر في أصقاع شتى من المعمورة وتورّط الجيش الليبي في حرب تشاد وما استنزفته تلك الحرب من انفاق عسكري وتمويل حربي على حساب الانفاق التنموي، وتدخل ليبيا كطرف داعم لأحد الاطراف على حساب الأخرى في الحرب الأهلية اللبنانية والحرب العراقية الإيرانية .

((حجم المبالغ التي أنفقها القذافي على تلك المغامرات والحروب في وقت كانت فيه التنمية الاقتصادية متوقفة تماماً في ليبيا ودول خليجية تخطو بخطوات حثيثة نحوالنهوض التنموي لم يُكشف عنها حتى الآن )).

4- فشل التوجه الإشتراكي الذي أقحمه القذافي على النظام الإقتصادي في ليبيا بعد العجز في تمويل القطاع العام المحتكر للنشاط الإقتصادي بسبب انهيار اسعار النفط العالمية .ووقوع نظام القذافي في مأزق حرج ! فهومن ناحية حارب الرأسمالية واقتصاد السوق وألغى القطاع الخاص ، ومن ناحية أخرى فشل نظامه الاشتراكي في الإستمرار بعد فقدانه لمصدر التمويل الرئيس ( عائدات النفط) بعد أن شهدت تلك الحقبة تراجعات حادة في اسعار النفط العالمية .

نتج عن العوامل المذكورة أعلاه جملة من المشاكل الاقتصادية فتم إقرار وتنفيذ حزمة من السياسات الاقتصادية التقشفية لمواجهة التدني الكبير في أسعار النفط، من بين تلك السياسات إلغاء وتجميد أغلب مشاريع التنمية وتوقف التوظيف في القطاع الحكومي وجمدت الرواتب الحكومية وطبقت سياسة القيود الكمية فاختفت الكثير من السلع وخلت الأسواق من البضائع باستثناء بعض السلع التموينية الضرورية، وكان الازدحام والطوابير أمام “الأسواق الشعبية” و” الشركات الأهلية “من الظواهر المعتادة في تلك الحقبة وظهرت السوق الموازية للعملة الأجنبية وازدهرت أنشطة التهريب للسلع والمحروقات المدعومة.

تختلف الأزمتان (أزمة الثمانينيات والأزمة الحالية ) من حيث الظروف الأمنية والسياسية ولكنهما يتشابهان في أهم وأخطر عرض من أعراض الأزمة بالنسبة للاقتصاد الوطني وهو شح النقد الأجنبي نتيجة انهيار أسعار النفط العالمية في كلا الأزمتين إضافة إلى توقف الصادرات النفطية لثلاث سنوات في الأزمة الحالية .

كما يتشابهان في الهدر في النفقات البعيدة عن الإستثمار والتنمية، ففي الثمانينيات كان الانفاق موجهاً نحوتمويل حروب عبثية وحركات انفصالية، أما الهدر في الأزمة الحالية فتتمثل أهم بنوده في المبالغة في المصروفات التسييرية وتوحش الفساد والحرب الأهلية.

الســـــــــؤال المــطــــروح.

هل يمكن تطبيق نفس المنهجية والسياسات الاقتصادية التي استخدمت في الثمانينيات على الأزمة الاقتصادية الراهنة لإنقاذ الوضع الإقتصادي والتخفيف من آثار الأزمة ؟؟ أم أن آلية التنفيذ اختلفت؟

التدوينة أزمة ليبيا الاقتصادية بين عقد الثمانينات وحاليا ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “أزمة ليبيا الاقتصادية بين عقد الثمانينات وحاليا”

إرسال تعليق