طرابلس اليوم

الثلاثاء، 24 أبريل 2018

غياب حفتر.. فرصة ذهبية للمصالحة وإنهاء الانقسام

,

أبوبكر بلال/ كاتب ليبي

شكل غياب الجنرال المتقاعد خليفة حفتر عن المشهد السياسي الليبي ـ أيا كان سبب هذا الغياب ـ فرصة كبيرة للمصالحة الوطنية الشاملة وتوحيد المؤسسات الليبية المنقسمة منذ عام 2014م، والتي لم تفلح جهود متعددة في تحقيقها.

هذه الفرصة التي تلوح الآن في الأفق والتي تحاول العديد من الأطراف التقاطها واستثمارها هي في حقيقة الأمر لا تتمثل في غياب شخص حفتر، وإنما تتمثل في تعثر المشروع الإقليمي والدولي الذي يقف خلفه والذي فوجئ بغياب هذه الشخصية التي كان يعتمد عليها في قيادة هذا المشروع العسكري، مما جعلها ترتبك في اختيار خلفٍ له يُعَوَّلُ عليه في الوقت التي تتكتم فيه عن الوضع الصحي الحقيقي لحفتر.

ومنذ أن غاب حفتر عن المشهد السياسي فقد بدا واضحا أن إرادة كثيرين من أبناء الوطن ـ لا سيما في المنطقة الشرقية التي كان حفتر يبسط سيطرته عليها ـ قد تحررت من ضغوطات كثيرة كانت تمنعها من تحقيق المصالحة الوطنية ولملمة شتات الوطن، فبمجرد الإعلان عن غياب حفتر اتجهت عائلات وبيوتات كثير من بعض القبائل إلى التوافد على مدينة درنة ـ خاصة من تلك التي تعيش على تخومها ـ وإبداء حسن النية في تدشين مصالحة وطنية مع المدينة وأهلها وإعلانها عن رفضها للحصار الذي فرض عليها والامتعاض منه وتصريحها بأنها كانت غير موافقة عليه.

ويبدو أن الارتباك الذي بدا جليا على المشروع العسكري المفجوع بغياب قائده قد لحق أيضا ببعض المؤسسات الإعلامية التي تؤيده لا سيما التي يصلنا أثيرها من خارج البلاد فبالإضافة إلى تناقضها فيما يخص الأخبار عن صحة حفتر فإنه قد لوحظ انخفاض تأجيجها الإعلامي وحدة خطابها وقَلَّتْ نسبة كراهيتها وتحريضها.

وعلى صعيد الأجسام السياسية فإن سلوكها فيما يتعلق بالحوار والاتفاق السياسي فإنه قد اختلف كلية عن سلوكها السابق لا سيما سلوك البرلمان الذي كان يرزح تحت وطأة قوات عملية الكرامة التي بدورها تراقب تصرفاته وتحركاته المتعلقة خاصة بالاتفاق السياسي والتصويت عليه وتعديل بعض مواده التي تمس قائد المشروع الغائب، يُعِينُها في ذلك نُوَّاب محسوبون عليها وبعض الشخصيات مارسوا أعمالا بلطجية ضد البرلمان فسُمُّوا بنشطاء سياسيين أو نشطاء مجتمع مدني.

ترجم هذا السلوك اللقاء الذي جرى بالعاصمة المغربية الرباط بين رئيس البرلمان عقيلة صالح والرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة خالد المشري ولقاء عقيلة صالح بنواب من مدينة مصراتة في البرلمان والأعلى للدولة، اتفقوا خلاله على الخروج بنتيجة مرضية لتعديل الاتفاق السياسي ومصالحة وطنية شاملة، وقد سبق اللقاءين تصريحات إيجابية عبرت عن قرب انعقاد اللقاءين فضلا عن إيجابيته.

كل ما حدث من لقاءات وتقارب بين الطرفين من هنا وهناك بعد تعثر المشروع العسكري بسبب غياب زعيمه يمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة يتفق فيها الجميع على جملة من الثوابت قد تمثلت في أقوالهم وأفعالهم قبل أن توثق، وبعد أن تخلص بعضهم من الإملاءات التي كانت تملى والضغوطات التي مورست عليهم، ومن هذه الثوابت التي أكد عليها الجميع في لقاءاتهم الماضية ترك السلاح جانبا وحل الخلافات عن طريق الحوار ورفض عسكرة الدولة تحت أي حجة كانت.

ليس ذلك فحسب فالتصدع الذي أنتجه الخلاف في التعامل مع من أراد عسكرة الدولة في تيار الثورة خاصة بعد الاتفاق السياسي الذي وقع في مدينة الصخيرات المغربية، يمكن له أن يُرْأَبَ بعد أن غاب السبب الرئيسي في نشوب الاختلاف، مع التغاضي عن الأسباب الفرعية الأخرى.

التدوينة غياب حفتر.. فرصة ذهبية للمصالحة وإنهاء الانقسام ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “غياب حفتر.. فرصة ذهبية للمصالحة وإنهاء الانقسام”

إرسال تعليق