طرابلس اليوم

السبت، 21 أبريل 2018

جدلية حفتر حيًا و ميتًا

,

عبد الفتاح الشلوي/ عضو المؤتمر الوطني العام سابقا

خليفة حفتر وهو يغالب المرض ويصارع الموت شغل اهتمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية، بعضها قالت إنه يمر بوعكة صحية عابرة، وأخرى نقلت عن مصادرها الخاصة أنه أصيب بجلطة دماغية نُقل على إثرها للمملكة الأردنية لتلقي العلاج بمستشفياتها، والتي لم تتمكن من التعامل مع حالتة الصحية الحرجة كما وصفتها تلك المصادر، الأمر الذي تطلب نقله إلى إحدى الدول الأوربية المتقدمة، أو التي بإمكانها التعامل مع وضعه الصحي فكانت فرنسا خيارًا .

جاء ذلك عبر بعض وسائل إعلام يتصادم مشروع حفتر مع توجهاتها وتناصبه ويناصبها العداء، وكذلك بعض القنوات التي تتخذ من المنطقة الرمادية منطلقًا وملاذًا، غير أن لكل مشروع مناصريه، وله مؤيدوه، فقد نفت الخبر القنوات التي تبارك وتدعم مشروع خليفة حفتر، وأشارت إلى أنه يقوم بزيارات خارجية من أجل الحصول على السلاح، وزيادة الدعم الدولي لعملية مشروع الكرامة ومحاربة الإرهاب، واعتبرت خبر مرض المشير فرية مُدعاة تروج لها القنوات التي تدعم الإرهاب وتحارب مشروع الكرامة .

على الجانب الآخر جاء خبر مرض حفتر مفاجئًا لأنصاره، وتم تكذيب الخبر على مستوى الشارع، بل إن البعض غرد على شبكات التواصل الاجتماعي وكأنما الرجل ليس من طبيعة البشر لا يمرض ولا يموت، وبالمقابل سار الطرف المعارض في اتجاه تأكيد الخبر، فأصبح يتأرجح بين الوعكة الصحية والموت السريري والوفاة، ووصل الأمر إلى أن طغت الأنباء التي تفيد بتدهور حالة حفتر الصحية، وتراجع معسكره الإعلامي خطوة أو خطوتين للخلف أمام تأكيدات بعض  القنوات، وتقديم بعض الدلائل من خلال مراسليها، وبعض المصادر الأخرى، خاصة قناة  النبأ، التي ما انفكت تقدم الدليل تلو الدليل على صحة معلوماتها، كونها أول قناة فضائية تعلن عن تدهور الحالة الصحية للمشير خليفة حفتر، وكان لها السبق الصحفي بالخصوص، وتبعتها قناة ليبيا الأحرار، وأخريات، لكن الخبر تناقلته وسائل إعلام عالمية خاصة قناة الجزيرة، وفرنسا 24 والعربية، فانتقل بذلك من الدعاية إلى الواقع، ولهذا جنح مؤيدوا المشير للتلميح بخضوعه لفحوصات طبية دورية، انتقلت بعدها للحديث عن تعرضه لوعكة صحية وأنه في طريق العودة للوطن، ليس هذا فحسب وإنما نفى الناطق الرسمي باسم عملية الكرامة العميد أحمد المسماري الأنباء التي تتحدث عن مرض حفتر، وفي لقاء ثانٍ تجاهل الأمر بشكل كلي، زاد من تلك الشكوك، والغريب في هذا الموضوع أن القائد الأعلى لقوات جيش حفتر رئيس مجلس النواب أنكر علمه بالحالة الصحية لقائده العام، وذهب أنه لا يعلم مكان تواجده ! ! !

أصبح التنافس بين مؤيدي حفتر معارضيه يشتدد يومًا بعد الآخر، بل ساعة بعد الساعة، الأول يسعى للتأكيد على دحض الخبر، والثاني يعمل ليل نهار لأجل تأكيدها، وبينهما ساءت الحالة السياسية بالبلد، واحتار الليبيون بينهما، إلى أن دخل المبعوث الأممي إلى ليبيا على الخط وأعلن أنه أجرى اتصالًا مع حفتر لمدة عشر دقائق، وناقش معه مستجدات الأمور والأوضاع السياسية بليبيا، وهنا تنفس مؤيدوه الصعداء، وطالت الربكة معارضيه، فالحديث جاء على لسان سياسي يمثل المنظمة الدولية، إلى أن أوردت قناة النبأ خبرًا مفاده أن غسان سلامة طلب من القناة رفع الخبر من على شاشتها، والأخيرة ترفض .

أما على الجانبين العسكري والسياسي فلم يكن أقل وطأً مما كان عليه الجانب الإعلامي، فمسألة البحث عن البديل فرضت نفسها بقوة بالداخل وبالخارج، فالرجل القوي المدعوم من قوى خارجية، ويحظى بدعم داخلي كبير بإقليم برقة خاصة، ليس من السهل إيجاد البديل بمثل هذه السهولة، خاصةً وإليه ينسب تكوين الجيش هناك، وولادة عملية الكرامة على يديه، والحرب التي خاضها بمدينة بنغازي، واستعادته للموانئ النفطية، وليس بخافٍ على أحد أن حفتر كانت له الكلمة العسكرية بحكم رتبته ومنصبه، وله الكلمة السياسية بحكم سياسة الأمر الواقع، فمجلس النواب ليس بإمكانه التعليق على قرارته، ولا استدعائه ولا مساءلته  .

ومن خلال ما سبق وقع مجلس النواب بحيرة، وتخبط رئيسه بمأزق وهو القائد الأعلى، ذلك أن كثيرا من الأعين الداخلية ترى نفسها الوريث الشرعي لهذا المنصب، وأنها بحكم صلة القربى أو ما قدموا بالعمل الميداني هي الأولى بذلك، ناهيك عن أطماع الدول الداعمة لمشروع حفتر، وفي مقدمتها الإمارات ومصر، كل ذلك زاد من ضبابية المشهد، وجعل الأبواب مفتوحة على كل التوقعات، سواء نزولًا عند قانون التراتبية العسكرية وبه يكون اللواء عبد الرزاق الناظوري هو الأحق بالمنصب، أو أن تكون عملية التوريث هى الاستحقاق الأكبر (وإن كانت بدعة بالجانب العسكري) وعندها سيكون ذوو حفتر أصحاب المنصب، أو من يعمل تحت توجهاتهم وإن كان الأعلى رتبةً، غير أن محاولة الإغتيال التي تعرض لها الناظوري أضفت للمشهد منعرجات وتساؤولات وبعض المخفيات .

وفي نهاية الأمر أضحى حفتر شخصية جدلية مذ انخرط بانقلاب سبتمبر، إلى هزيمته بحرب تشاد وتخلي القذافي عنه أسيرًا، والتحاقه بالمعارضة الليبية بالخارج، وانشقاقه عن الجبهة الوطنية لتحرير ليبيا زمن القذافي، ومشاركته بثورة فبراير، والانقلاب عليها، وتبنيه عملية الكرامة، إلى أن حلت به الحالة المرضية دون أن نتبين من حقيقة وضعه الصحي حتى هذه اللحظة، غير أن قادم الأيام  ستكشف المستور .

التدوينة جدلية حفتر حيًا و ميتًا ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “جدلية حفتر حيًا و ميتًا”

إرسال تعليق