عبد القادر الاجطل/ صحفي وكاتب ليبي
المعرفة قصر بابه السؤال، والسؤال الجيد مدخل جيد للتعمق في فهم الظواهر، والفهم نتيجة لحسن التعامل مع المعلومات.
ولقد غزت المعلومات كل وسائل الاتصال التي نستخدمها وعبرها وصلت إلى عقولنا، والفرق بين من يعرف ومن لا يعرف صار مرتبطا بالزمن، فدخولك على محركات البحث للسؤال عن معلومة، هو النقطة صفر التي تمثل نقطة الانطلاق للإبحار في عالم من البيانات والمعلومات اللامتناهية.
ومع إتاحة الفرصة أمام الجميع تقريبا للبحث عن المعلومات صار الفرق في الاهتمام والمثابرة ثم وبدرجة أكبر فإن ما يفرق بين الناس في نهاية المطاف هو تحليل وفهم المعلومات وتحويلها إلى معرفة.
قليل من الناس في البلاد “النامية” يهتم بالمعلومات النافعة وأقل منه من يحول هذه البيانات والمعلومات التي يتحصل عليها بعد البحث إلى معرفة تنفعه وتعود بالفائدة على مجتمعه.
وقد رفع الاتحاد الدولي للاتصالات شعارا خلال العام الماضي عن “البيانات الضخمة لإحداث تأثير ضخم” وهو شعار صحيح غير أن هذا التأثير الذي ينبغي أن يترتب على تحليل البيانات الكبيرة على حياة الناس العامة وعلى التنمية بشكل خاص لا بد له من جهات مختصة تتولى هذا الأمر على المستوى الوطني أما على الصعيد الشخصي فالحديث ذو شجون إذ أن ما تكشفه التقارير يشير إلى أن استخدام الناس عندنا للإنترنت ليس موجها نحو اكتساب المعرفة وبالتالي إحداث الأثر الإيجابي على حياتهم بقدر ما يتجهون نحو إمضاء الأوقات دونما طائل والانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي.
وقد كشف تقرير صادر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن من بين 191 مليون يستخدمون الإنترنت في البلاد العربية هناك 130 مليون يستخدمون فيسبوك وهو ما يؤشر إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما عندنا.
ولعل المتابع لموقع فيسبوك يعلم أنه ليس مصدرا معتبرا للبيانات والمعلومات التي يمكن تحويلها إلى معرفة نافعة بقدر ما يمكن أن يكون مكانا للعلاقات بمختلف أنواعها.
الاتحاد الدولي للاتصالات أكد في إصداره السنوي الأخير لبيانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية أن أكثر من 4.3 مليار من الناس في العالم يشتركون في خدمة الإنترنت من بينهم 830 مليون شابا في 104 بلد من بلدان العالم وتصل نسبة الشباب المستخدم للإنترنت في الدول النامية إلى 35% وهو ما أتوقع أن يكون أكبر في بلادنا حيث الغالبية العظمى للسكان هي من فئة الشباب.
الأمين العام للاتحاد هولين تشاو قال بالمناسبة: “إن الاتصال الرقمي يلعب دورا حاسما في تحسين حياة الناس لأنه يفتح الباب أمام معرفة غير مسبوقة وفرص عمل وفرص مالية للمليارات من الناس في جميع أنحاء العالم”.
اقتناء الهواتف النقالة والحواسيب المحمولة وبقية الأجهزة المشابهة أصبح أمرا مألوفا ومن خلاله يتمكن الجميع تقريبا من استخدام الإنترنت.
فهل استفاد الطالب في مدرسته وجامعته والمعلم في فصله وقاعة محاضراته والباحث في مركز أبحاثه والطبيب في عيادته والمهندس في معمله والخبير في دراساته والمحلل في تعاطيه مع الشأن الذي يختص فيه والإعلامي والتاجر والسياسي وبقية الناس من هذه الوسائل الحديثة في التوصل إلى مزيد من المعرفة التي تنفعهم في مجال تخصصهم.
وهل استفاد المسؤولون في بلادنا عامة من ذلك على الوجه المطلوب كما يحصل في الدول التي سبقتنا في هذه المجالات أم أنهم لا يختلفون عن غيرهم من الناس الذين لا يتحملون مسؤوليات عامة مثلهم.
إن جهل بعض المسؤولين بالاستخدامات الممكنة للتقنيات الحديثة المتاحة عبر الإنترنت في مجال عملهم يفوت عديد الفرص على المصالح التي يتولون المسؤولية فيها ويجعلهم يخسرون الكثير من الوقت والجهد في غير طائل ويحرمهم ويحرم من يعملون معهم من المعطيات الحديثة والأساليب الجديدة التي تنتهجها الدول المتقدمة تقنيا في خدمة المواطنين وإدارة الشأن العام في دولهم.
فإذا علمنا أن التقنيات الرقمية غيرت طبيعة الأسواق وتسببت في ظهور صناعات جديدة وسرعت من وتيرة البحث العلمي وحسنت الرعاية الصحية.
وتوفر الأدوات الإلكترونية المرتبطة بالتقنية الرقمية وشبكة الإنترنت للحكومات وسائل تقديم الخدمات للناس بشكل أفضل وأرخص وأسرع وأدق وربما أكثر شفافية وأقل فسادا وذلك مناسب لبلادنا لاستدراك ما وقعت فيه المؤسسات من انقسام أدى إلى تراجع تقديم الخدمات للمواطنين على كل الصعد.
وهو ما حدث في عديد الدول عبر بطاقات الهوية الرقمية التي تسهل التصويت والتسوق وتسديد الفواتير والضرائب …
وأمام المسؤول الراغب في خدمة مواطنيه والدولة الحريصة على مواطنيها ما لا يحصى من المجالات والتطبيقات والمعارف التي تسهل الحياة وتتجاوز العوائق إذا خرجنا من نفق الفساد والأنانية وتجاهل الشعور بالمسؤولية.
التدوينة هل تختصر التقنية الأوقات لاستدراك نقص المؤسسات؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.