عبد المجيد العويتي/ كاتب ليبي
جاء في الحديث النبوي الذي رواه الفاروق عمر ابن الخطاب مما سمعه عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه )) .
أستغرب من قياس بعض المتابعين للشأن الليبي من فئة الاسلاميين في تعاملهم مع النصوص الدينية وإسقاطها على مآلات ومنحنيات الحالة الليبية ، فيقرأونها بتمعن في خلوة روحانية تخال حينها أنهم فهموها كما لم يفهمها السلف الصالح ، ومن ثم يسقطونها من حساباتهم بتغاضٍ مباشر أو غير مباشر حينما يحل وجوب استخدامها لأغراض سياسية تخدم المصلحة الوطنية بل وترضي الله عز وجل أمام حاجة ملحة لإنهاء كل ما يقف أمام حلحلة الأزمة الليبية وعلى رأسها رأب الصدع و تقليل رواد المعسكرين من المتنابزين بالألقاب والأحداث لرد الشحناء والبغضاء عنهم ، وكلنا يعلم أن أساس تعميق الصراع ناجم من العراك الكلامي والمقالي وعبر الشاشات ، حيث تستخدم في جميعها أعلى وأقوى وأرقى عبارات التخوين والوعيد .
فكان لزاماً على كل وطني غيور ومسلم خلوق أن يتقدم على هذه الأمواج المتلاطمة ويدعوا كل عاقل في كل صف أن يعيد النظر في حسابات تبعيته إليها ، لا سيما عملية الكرامة التي قامت على نقيض ما تبطن ، فتتبعها الغارقون من المواطنين علها تحمل حلاً وهو المتعلق بأي قشة ، فما أن بانت عوراتها وفضحت دواخلها حتى انسلخ عنها حتى المقربون ، فما بالك بالبعيدين الذي يحتاجون لمساعدتهم على قرارهم المكنون بخواطرهم ، القائل بأنها عملية ما أريد منها إلا الانقلاب على الحكم وتجريد الحلم من الليبيين في دولة مدنية مصونة بالأخلاق ومصانة بالقانون ، فحبذ حينها العاقلون أن يسبقوا من كان له السبق عليهم في هذا الانجاز البياني المختلف عما يقال على منابر السخط والوعيد .
في المعسكرين توجد شخصنة للقيادة وفي كليهما تجد التقديس للأسماء (( مع الاحتفاظ بفارق التقدير بينهما )) وفي كلا الحالتين لن تستطيع أن تبرح متراً إن لم تجد فتوى دينية أو أمراً عسكرياً يحفظك من المتلاسنين في معسكرك .
مهما بلغ الأمر بشخص في رفعة سياسية أو دينية أو مكانة بين قوم أو جاه بين علية ، ومهما بلغت من أرائه سقف التوفيق ، فإنه يبقى مجرد الإسم حينما يوصف بوصفه الحقيقي وهو (( الإنسان )) ، حيث تتعاظم فرص الخطأ والزلة والنسيان وعدم التوفيق في الرأي ، فتبقى حينها شعرة بين تقديره لمحاولاته ومبادراته وبين تقديسه مع بيان زلاته وأخطائه ، والثورة الليبية نبعت من فكرة بسيطة مفادها أن تقديس الأشخاص عهد ولى مع من ولى هرباً من بنادق وصيحات الثوار ، وأن لا مكان للتقديس في ليبيا بعد اليوم ، وأن ذرى الاحترام لأي جهد لا يكون بأكثر من التقدير .
التدوينة بين التقدير والتقديس .. شعرة ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.