طرابلس اليوم

الاثنين، 25 مارس 2019

إلى جانب من تقف روسيا في ليبيا؟

,

موقع المونيتور الأمريكي

الكاتب: كيريل سيمينوف

يوم 17 آذار/ مارس الجاري، وصل رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، إلى موسكو بناء على دعوة من مجلس الاتحاد، وهو المجلس الأعلى في برلمان الاتحاد الروسي. وتمحورت هذه الزيارة حول مناقشة العلاقات الثنائية وسبل معالجة الأزمة السياسية المستمرة في ليبيا.

وقد حظي المشري باستقبال رئيسة المجلس فالنتينا ماتفيينكو، كما أجرى محادثات مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، الذي يشغل منصب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول إفريقيا. وعلى ضوء هذه المحادثات، أصدرت وزارة الخارجية بيانًا صحفيًا أشارت فيه إلى دعم روسيا لعقد مؤتمر لجميع الأطراف الليبية تحت رعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة.

وخلال حديثه مع موقع “ليبيا أوبزرفر”، نفى رئيس لجنة الاتصال الروسية الخاصة بتسوية الأزمة الليبية لدى وزارة الخارجية ومجلس الدوما، ليف دينغوف، دعم  روسيا للمشير خليفة حفتر. والجدير بالذكر أن حفتر يضطلع برئاسة ما يسمى “القوات المسلحة الليبية” فضلا عن أنه يترأس مجلس النواب الليبي في طبرق، مع العلم أنه خصم قديم للمشري.

حيال هذا الشأن، صرح دينغوف بأن “روسيا تفضل أي طرف قادر على التأثير إيجابا على التطورات الليبية في حين تمتلئ الأراضي الليبية بالعديد من الأطراف المعارضة. بالنسبة لنا، نحن نعمل لمساعدة ليبيا على الاتفاق على سياسة واحدة واستعادة السلام دون التدخل في شؤونها الداخلية”.

إن الزيارة التي قام بها المشري، بصفته رئيسًا للهيئة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها والمكلفة بإسداء المشورة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، تعتبر دليلًا على أن روسيا تحتفظ بسياسة متوازنة بشأن ليبيا. وبالعودة إلى شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أفاد موقع “المونيتور” بأن روسيا كانت تتخلى عن استراتيجيتها القائمة على الحفاظ على مسافة متساوية بينها وبين طرابلس وبين طبرق، مقابل توثيق علاقاتها مع حفتر الذي يعتبر حليفا للسلطة في طبرق.

تجسدت نتائج هذه الاستراتيجية خلال زيارة حفتر للعاصمة الروسية موسكو في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وإجراء محادثات مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال الفترة التي سبقت مؤتمر باليرمو حول ليبيا في نفس الشهر. ومنذ ذلك الحين، لم تنعقد اجتماعات مهمة بين المسؤولين الروس وخصوم حفتر المتمركزين في طرابلس، ومن شأن زيارة المشري إلى روسيا إظهار أن موسكو تتبع استراتيجية مرنة في نهجها لحل النزاع الليبي.

لا يخفى على أحد أن حفتر والمشري عدوّان منذ فترة طويلة، إذ أن مجلس النواب الليبي بقيادة حفتر لا يعترف بسلطة المجلس الأعلى للدولة عليه، على الرغم من اضطلاع هذا المجلس بدوره بموجب الاتفاق السياسي الليبي. وخلال معظم فترات مسيرته السياسية، كان المشري عضوا في جماعة الإخوان المسلمين الليبية وحزب العدالة والبناء التابع لها، وهو ما قابله معارضة حفتر لها وتعبيره عن التزامه بالقضاء عليها في ليبيا.

ومن جهته، استقال المشري من الجماعة في مطلع السنة الحالية، لكنه صرح بأنه لا يزال يحترمها ويدافع عن دورها في المجتمع الليبي. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا صنفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية داخل حدودها.

في الواقع، تأتي زيارة المشري إلى موسكو وسط عمليات ناجحة قامت بها القوات المسلحة الليبية الخاضعة لسيطرة حفتر في منطقة فزان جنوب غرب البلاد، لتسمح لطبرق بالسيطرة على حقلي الفيل والشرارة النفطيين، والذي يعتبر الأكبر في غرب البلاد.

علاوة على ذلك، أحكم الجيش الليبي قبضته على النقاط الرئيسية للطرق التجارية عبر الصحراء في مدن مثل غات ومرزق وسبها. وعززت هذه العمليات موقف حفتر ومكانته الرئيسية بشكل كبير على أرض الواقع، وهي نتيجة سعى لتحقيقها في محادثات أبوظبي في أواخر شهر فبراير/ شباط المنصرم أثناء لقائه مع رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج.

في الوقت ذاته، رفض المجلس العسكري في مصراته، أحد أكبر الفصائل العسكرية في غرب ليبيا، هذه الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في المحادثات التي جرت بين سراج وحفتر، وهو ما قاد أنصار المفتي الصادق الغرياني إلى اجتياح الشوارع للاحتجاج على هذه الاتفاقية. وبالتزامن مع هذه التوترات، عمل حفتر على الاستعداد لشن هجوم على طرابلس.

في خضم هذه التطورات، سافر المشري إلى الدوحة مطلع الشهر الحالي لتأمين الدعم القطري لطرابلس. وكان حفتر قد سبقه بأداء زيارة إلى البلد الخليجي. وخلال تواجده في موسكو، طلب المشري بعض الضمانات حول الخطوط الحمراء لهجوم حفتر على طرابلس، الذي قد يتبع حملته الناجحة في منطقة فزان. وتشير مصادر دبلوماسية روسية إلى أنه من المرجح أن تكون القاهرة وأبو ظبي قد منحتا حفتر الضوء الأخضر لمباشرة عملية طرابلس. وعندما كان في موسكو، أشار المشري إلى الإمارات ومصر باعتبارهما يمثلان “التدخل الخارجي” الذي يعرقل حل النزاع في ليبيا بشكل رئيسي.

وعلى الرغم من النجاحات التي حققها حفتر في الآونة الأخيرة، إلا أنه يمكن لحملته على طرابلس أن تنجر عنها عواقب لا يمكن التنبؤ بها، بما في ذلك عودة البلاد إلى حرب أهلية جديدة طويلة المدى، والتي قد تكون “حرب الكل ضد الكل” على شاكلة نزاعات سنة 2014، فضلا عن العديد من الاحتمالات غير الواضحة. ووفقا للدبلوماسيين الغرب، حددت الولايات المتحدة خطًا أحمر لحفتر وأبلغته بأن عملية طرابلس غير مقبولة.

ومع أن روسيا تتوقع فوائد من دعمها لحفتر، إلا أن هذا الدعم لطالما كان محدودا بشكل ملحوظ. ويمكن القول إن موسكو تشعر بالقلق من جني الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وفرنسا مكاسب أكبر جراء تبوأ حفتر منصبا كبيرا في ليبيا نظرا لكونهم راهنوا عليه بشكل كبير واستثمروا في نجاحه أكثر من روسيا. ومن المؤكد أن موسكو ستستفيد من الحفاظ على موقع متوازن في ليبيا. وبهذه الطريقة، يمكن لموسكو استغلال العلاقات التي تمكنت من الحفاظ عليها مع جميع أطراف الصراع بشكل أكثر فعالية، ويشير ذلك إلى الجهات الفاعلة الأصغر، فضلا عن طرابلس وطبرق.

في هذا السياق، كانت زيارة المشري إلى موسكو ترتكز على جوانب اقتصادية، كما شملت محاورات حول البنوك المركزية الموازية في ليبيا. ومن جهته، صرح الباحث في الشأن الليبي في معهد كلينجينديل للعلاقات الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، جلال الحرشاوي، أنه “عندما انقسمت البلاد تقريبا سنة 2014، بقي محافظ البنك المركزي، والذي يعتبر أحد أبرز المسؤولين النافذين في البلاد، في طرابلس ورفض اتباع المعسكر المعادي للإسلاميين في الشرق. وانطلاقا من اعتقادهم بأن هذا الإصرار ناجم عن الولاء للإخوان المسلمين ومدينة مصراتة، عزم الفصيل الشرقي على إقالة المحافظ، الصديق الكبير”.

وصرح الحرشاوي قائلًا: “قبل سنة، بدأ المشري ولايته كرئيس جديد للمجلس الأعلى للدولة والممثل الفعلي للإخوان المسلمين في ليبيا. وعلى هذا النحو، ناقش المشري احتمال تنحية الكبير عن منصبه بشكل مفصل مع المعسكر الشرقي للبلاد. ويمكن القول إن فكرة الشرقيين التي طرحوها خلال السنة الماضية كانت رابحة فعلا، حيث كانت تقوم على دعوة المجلس الأعلى للدولة للسماح بإقالة الكبير مقابل قبول الشرق بتعيين نائب يميل إلى الإخوان في منصب محافظ البنك المركزي. وفي ظل تعنت الشرق ورفضه لها، لم ترى هذه الصفقة النور”.

أما فيما يتعلق بالتدخل الروسي، فقال الحرشاوي: “عندما تعلق الأمر بصراع البنك المركزي في ليبيا، كانت روسيا تعارض طرابلس وتؤيد حفتر منذ سنة 2016، كما أن روسيا منحت معسكر حفتر مبلغ 4 مليار دينار ليبي، وهو ما يعادل 3 مليار دولار آنذاك، من الأوراق النقدية. ومنذ سنة 2016 وحتى الآن، تلقى حفتر مبلغ 10 مليار دينار، أي ما يعادل 7.5 مليار دولار، من موسكو”.

وفيما يتعلق بطباعة روسيا للأوراق النقدية لصالح بنك طبرق المركزي، أفاد موقع “ليبيا أوبزرفر” أن المشري أخبر بوغدانوف بضرورة قطع موسكو لعلاقاتها مع المؤسسات الموازية في شرق ليبيا بالنظر إلى الضرر الذي لحق بالاقتصاد الليبي من خلال طباعة الأوراق النقدية بالدينار في روسيا”.

التدوينة إلى جانب من تقف روسيا في ليبيا؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “إلى جانب من تقف روسيا في ليبيا؟”

إرسال تعليق