طرابلس اليوم

الأربعاء، 30 يناير 2019

نقابة بلا رقابة ..فهل من استفاقة؟

,

أنس أبو شعالة/ محامي ليبي

نقابة المحامين كانت ملء السمع والبصر إبّان النظام السابق ذاك النظام الموصوف بالاستبداد والدكتاتورية وقمع الحريات ، يا لها من مفارقة عجيبة أن تكون أزهى أيام نقابة المحامين في عهد نظام دكتاتوري وهذه المفارقة بحاجة إلى تأمل وتدبر، نجد أن نقابتنا العتيدة حين أمجادها تقودها ثلة من الصفوة الذين آثروا على أنفسهم وأمنهم الشخصي في سبيل قضية العدالة والحرية وسيادة القانون وأستحضر في هذا المقام بعض النماذج المضيئة التي انطفئت النقابة بمغيبهم أو ربما تغييبهم عمداً أو جهلاً لقيمة أولئك السادة.

 

من سأذكره في هذا المقال أمثلة عايشت دورهم من خلال عملي مع الأستاذ النقيب عبدالسلام دقيمش الذي سأضطر لاستثناء ذكر مناقبه ومواقفه كون شهادتي فيه مجروحة فهوأستاذي ومعلمي ولن يكون تقييمي في حقه موضوعياً بالمطلق لفرط اعتزازي به أستاذاً وعلماً من أعلام القضاء والمحاماة فهو بالنسبة لي استثناء.

 

النقيب محمد العلاقي الشخصية القانونية الفذة التي تتسم بلباقة الدبلوماسي وخطابة الأديب وذكاء السياسي الذي يعرف كيف يوصل صوت النقابة بقوة ناعمة تحقق الهدف وتنتج الأثر دون تعريض نقابته لخطر التعسف والعدوان من قبل منظومة النظام القمعية حينها، العلاقي كان سفيراً متميزاً لوطنه في المحافل الحقوقية بالخارج له كاريزما تستقطب من حولها ويظهر في تلك المحافل أشجع من نظرائه الذين يتمتعون بهامش أكبر من الحرية مقارنةً ببلادنا كيف ذاك لا أستطيع الإجابة إنه السر الخاص بالعلاقي الذي تعجب به ولا تستطيع تقليده فهوحالة فريدة غير قابلة للإستنساخ.

 

الدكتور المناضل جمعة عتيقة، لم يكن نقيباً ولكنه عميد حمل لواء المواجهة الشجاعة لبطش النظام السابق فدفع ثمن فكره المنفى خارج الوطن سنين عدداً والغدر والخيانة حينما صدّق دعوات العفو والمصالحة وكان حبه لليبيا الطُّعم الذي اصطاد به النظام فريسته، رجع من منفاه والغربة ليستقبله الجلاّد بحجز حريته التي طالما دافع عنها لغيره فسلبوها منه شخصيا، ورغم حكم البراءة لبث في السجن ما لبثه يوسف سبعاً، قيدوا جسده وحرروا فكره وشدوا عضده فخرج بالصبر منتصراً على بطش المستبد وكان أيقونة للمحاماة ورمزاً للمحامين حتى ضاق صدر النظام بجرأة وشجاعة عتيقة فلم يتوانى عن إعادة اعتقاله في نهاية الألفينيات رغم كبر السن الا أن عتيقة اسم على مسمى فقد صار إصراره عتيقاً معتّقاً في سبيل حرية التفكير والأدب والثقافة وسيادة العدل والقانون فهوالشاعر والكاتب والسياسي والمحامي فهل لعاقل أن يتجاهل هذه القامة وتلك القيمة ؟! ما لكم كيف تحكمون .

 

المقام لا يتسع لذكر الكثير من الأساتذة الأفاضل كالأستاذ الفاضل محمد سالم دراه رحمه الله والأستاذ الحقوقي صلاح المرغني والأستاذ عمر الحباسي ولؤلؤة المحاماة الأستاذة المتميزة عزة كامل المقهور والكثير الكثير من الأفاضل الذين حملوا النقابة على عاتقهم بل أضاعوا فرص التكسب والغنى المادي لو منحوا بضع وقتهم للقضايا التقليدية ذات العائد المادي المجزي ولكنهم انشغلوا بالقضايا العامة قضايا الوطن والحرية والعدالة.

 

كان للمحامين دور متميز في ثورة فبراير واستكملوا مسيرة نضالهم دون تردد وبعد أن زالت العوائق وأصبحت الفرصة سانحة للريادة والصدارة أضاعت نقابتنا هذه الفرصة وما قدّرت أعلامها حق قدرهم وأصحاب النفوس العالية أمثال هؤلاء الأعلام لا يطلبون الولاية بل يُطلب منهم تولي شؤون نقابة المحامين التي تردى حالها وانهارت أحوالها حين قلبنا الهرم وجعلنا الأعلام في غير المقام اللائق بهم فما نقص منهم شيء ولكن النقابة من خسرت للأسف الشديد.

 

في ظل الفوضى الحاصلة في نقابة المحامين وطول المدة التي حملت فيها اللجنة التسييرية مشكورة أمانة إبقاء النقابة موجودة على الأقل مادياً حجراً ومكاتباً وكتباً فلا أقل من أن نستشعر أهمية تفعيل دور نقابتنا والانخراط في انتخابات عامة وشفافة وهذا الاستحقاق ليس بالهين ولا يستطيع أدائه الا من هوبه خبير، ولهذا فإنني أقترح الآتي :-

 

تكليف السادة النقباء السابقين وأعلام المحامين وهم معروفين أمثال :-

 

عبدالسلام علي دقيمش

جمعة أحمد عتيقة

محمد إبراهيم العلاقي

عبدالحفيظ غوقة

عمران بورويس

 

يصدر قرار من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين بتكليف هؤلاء الأفاضل بقيادة المرحلة الانتقالية والإشراف على شؤون النقابة في هذه المرحلة والقيام بكافة الإجراءات اللازمة لانعقاد الجمعية العمومية للمحامين وانتخاب مجلساً للنقابة العامة والنقابات الفرعية بشكل شفاف وديمقراطي .

 

ختاماً ..لا نغفل المسؤولية الجسيمة التي تحملها الصديق العزيز الأستاذ عبدالرؤوف قنبيج طيلة التسع سنوات الفائتة في رئاسة اللجنة التسييرية لنقابة محامي طرابلس وبعدها رئاسة اللجنة التسييرية للنقابة العامة للمحامين وإشفاقاً مني على هذا الرجل الذي لم يعد لبشر أن يحتمل العبأ الواقع عليه ، ولهذا أظن جازماً أنه سيتلقى هذا المقترح بصدر رحب وسعادة كبيرة كيف لا ومن بين الأفاضل المرشحين أستاذه ومعلمه النقيب محمد العلاقي فوجب علينا الإذعان لحقيقة بسيطة أن المهام الجسام لا يقوى على أدائها إلا ذوي الخبرة من الأعلام.

 

ما سطرته أعلاه بوح وخواطر ومشاركة لزملائي بأفكاري التي لا أزكيها ولا أعصمها من الخطأ ويبقى مجرد رأي مطروح على الكافة والهدف هو رفعة نقابتنا واستعادتها لمكانتها المعهودة فهل من مجيب؟

التدوينة نقابة بلا رقابة ..فهل من استفاقة؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “نقابة بلا رقابة ..فهل من استفاقة؟”

إرسال تعليق