طرابلس اليوم

الأربعاء، 23 يناير 2019

مستقبل ليبيا النفطي يعتمد على إنتاج حقل الشرارة

,

الموقع: أويل برايس

الكاتبة: تسفيتانا باراسكوفا

يبدو أن معاناة ليبيا مستمرة لعودة إنتاجها من النفط الخام إلى مستوياته المعهودة، قبل أن تؤدي ثورة 2011 إلى الإطاحة بمعمر القذافي، وانقسام البلاد إلى شقّين متناحرين بين الشرق والغرب، واستمرار النزاع من أجل السيطرة على صناعة النفط الحيوية.

 

خلال هذا الأسبوع، أعلن الجيش الليبي شنّ عملية عسكرية من شأنها أن تحدد مصير إنتاج وتصدير النفط في ليبيا لأشهر وربما لسنوات قادمة. وإلى الآن، لا زالت نتائج هذه العملية غامضة؛ فإما أن تؤدي إلى انتعاش هذا القطاع أو إلى استمرار انتكاسته. وبالكاد مر يوم واحد منذ أن منحت منظمة الأوبك ليبيا إعفاء من خفض إنتاجها من النفط في مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حتى استولت ميليشيا مسلحة، تدعي انتمائها إلى حرس المنشآت النفطية، على حقل الشرارة، وأوقفت الإنتاج في أكبر الحقول النفطية في البلاد، وطالبت بفدية مقابل إعادة فتحه.

وبعد مرور أكثر من شهر على هذه الحادثة، لا تزال عمليات الإنتاج متوقفة في هذا الحقل. وفي هذا الصدد، صرحت المؤسسة الوطنية للنفط المعترف بها دوليًا، والتي ترفض الخضوع لمطالب فدية، أنه “لن يُستهل إنتاج النفط في حقل الشرارة إلا بعد وضع الإجراءات الأمنية البديلة اللازمة”.

 

وأوردت المؤسسة الوطنية للنفط خلال الشهر الماضي أن إغلاق حقل الشرارة النفطي سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاج تصل إلى 315 ألف برميل يوميا، كما سيؤثر ذلك على إنتاج حقل الفيل، الذي سيتسبب في خسارة تقدر بحوالي 73 ألف برميل يوميا بسبب اعتماده على إمدادات الكهرباء من حقل الشرارة، مشيرة إلى أن “32.5 مليون دولار هي التكلفة الاجمالية اليومية المنجرة عن هذا الإغلاق الذي لم يكن له أي داع”.

 

وفي تطور جديد جدّ خلال هذا الأسبوع، أكدت القوات الموالية للرجل القوي الجنرال خليفة حفتر أنها شرعت في شن عملية عسكرية لتأمين المواقع والمنشآت النفطية في جنوب ليبيا، المكان الذي يقع فيه حقل الشرارة. وتجدر الإشارة إلى أن حفتر يقود الجيش الوطني الليبي الذي قام بتشكيله، فضلا عن إحدى القواعد المتمركزة في مدينة بنغازي في شرق البلاد. ويعتبر الجيش الوطني الليبي الخصم الرئيسي للحكومة الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة، ومقرها في العاصمة طرابلس.

 

من جهة أخرى، تُحكم قوات خليفة حفتر سيطرتها بالفعل على الموانئ النفطية الأربعة، التي تعرف “بالهلال النفطي” في الشرق، فضلا عن الحقول النفطية الرئيسية في تلك المنطقة. علاوة على ذلك، لن تتمكن هذه القوات بعد السيطرة على حقل الشرارة، من السيطرة على أكبر حقل نفط في البلاد القادر على ضخ 340 ألف برميل يوميا فحسب، وإنما سيفتح المجال أمام الحكومة الشرقية للتحكم في صناعة النفط بأكملها.

وقد يعمّق هذا الصراع الانقسامات بين الشرق والمؤسسات الموجودة في غرب البلاد والعاصمة طرابلس، مما يزيد من تعقيد جهود الأمم المتحدة لتوحيد البلاد الذي مزقه التناحر على السلطة. من جهة أخرى، من المرجح كذلك أن يعارض خصوم الجنرال حفتر مساعي الجنرال الشرقي للسيطرة على حقل الشرارة، مما سيزيد من زعزعة الوضع الأمني في ليبيا بشكل عام وتقويض أمن الحقل النفطي الرئيسي فيها. في الوقت الراهن، ليس من المؤكد ما سيقدم خليفة حفتر على القيام به في حال قامت قواته بتأمين حقل شرارة النفطي.

من الواضح، أن هذه العملية العسكرية تعدّ من أكثر الخيارات تطرفا التي ستضمن استئناف إنتاج النفط الليبي وإمداده للعالم في الوقت الذي تحاول فيه منظمة الأوبك وحلفاؤها تفادي “تخمة” محتملة في الإمدادات من خلال وضع خطة لخفض الإنتاج التي دخلت حيّز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/ يناير.

وفي حال نجح حفتر في تأمين حقل شرارة النفطي، وحرص على استمرار إنتاج النفط في حقل الفيل، الذي يعتمد عليه حقل الشرارة، وتسليمه إلى المؤسسة الوطنية للنفط المعترف بها دوليًا، سيؤدي ذلك إلى استقرار إنتاج النفط في ليبيا. أما إذا ما سلم حفتر حقل الشرارة إلى المؤسسة الوطنية النفط غير المعترف بها دوليا، تماما مثلما سلم موانئ النفط الشرقية في صيف الماضي إلى هذه المؤسسة، فقد ينجر عن ذلك المزيد من الحصارات وانقطاع الإمدادات.

ففي شهر حزيران/ يونيو من السنة الماضية، استعاد حفتر الموانئ في الهلال النفطي شرق ليبيا من الجماعات المسلحة بعد أسبوع كامل من القتال، من ثم سلمها إلى شركة نفط غير المعترف بها موجودة في الشرق. وقد أدى ذلك إلى إغلاق الميناء الذي تسبب بدوره في وقف تصدير 850 ألف برميل يومياً من النفط الليبي، وهو ما يعادل تقريباً الإنتاج الليبي، من الموانئ الأربعة لأكثر من أسبوعين.

لكن بعد مرور بضعة أسابيع، وافق حفتر على تسليم السيطرة على الموانئ إلى المؤسسة الوطنية للنفط. ونتيجة لذلك، بدأ الإنتاج في الانتعاش تدريجيا من مستوى منخفض بلغ 664 ألف برميل يوميا في شهر حزيران/ يوليو ليصل إلى 1.1 مليون برميل يوميا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. غير أن إنتاج ليبيا وصادراتها النفطية قد تعطلت بشدة منذ أوائل شهر كانون الأول / ديسمبر نتيجة إغلاق الميناء بسبب سوء الأحوال الجوية فضلا عن الحوادث الأمنية والقضايا المتعلقة بحقل الشرارة النفطي.

ونتيجة لذلك، انخفض إنتاج ليبيا من النفط الخام خلال شهر كانون الأول / ديسمبر بحوالي 172 ألف برميل يومياً من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ليصبح 928 ألف برميل يومياً بعد أن كان 1.1 مليون برميل في اليوم، وذلك وفقاً للتقرير الشهري لسوق النفط، الذي أصدرته منظمة الأوبك هذا الأسبوع. وتجدر الإشارة إلى أن الانخفاض في الإنتاج الليبي من النفط خلال الشهر الماضي، كان ثاني أكبر انخفاض بين منتجي أوبك بعد السعودية، التي خفضت إنتاجها بمقدار 468 ألف برميل يوميا منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ليصبح 10.553 مليون برميل يوميا في شهر كانون الأول/ ديسمبر.

في حين خفضت المملكة العربية السعودية التي تُعدّ “قدوة يحتذى بها”، إنتاج نفطها كجزء من صفقة أوبك بلس الجديدة، شهدت ليبيا التي كانت مستثناة من قرار التخفيض، انخفاضا كبيرا في إنتاجها بسبب الوضع الأمني غير المستقر. وفي الحقيقة، ستكون الأسابيع القليلة القادمة حاسمة فيما يتعلق بالإنتاج الليبي للنفط خلال الأشهر المقبلة. وفي حال سيطر حفتر على أكبر حقل نفطي، فسيسلمه إما إلى المؤسسة الوطنية للنفط أو إلى المؤسسة الوطنية للنفط الموازية، مما قد يعمق الانقسامات وربما يتسبب في وقف إمدادات النفط الليبية لفترة أطول.

التدوينة مستقبل ليبيا النفطي يعتمد على إنتاج حقل الشرارة ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “مستقبل ليبيا النفطي يعتمد على إنتاج حقل الشرارة”

إرسال تعليق