طرابلس اليوم

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018

لا يسمعون حسيسها

,

أنس أبوشعالة/ مدون ليبي

 

من الملاحظ للعيان أن العاصمة طرابلس تمر بحالة من الهدوء ” النسبي ” من الناحية الأمنية قياساً بأحداث الأشهر الفائتة ، ومن المؤسف أن المجلس الرئاسي يستشعر الإرتياح و تخلصه من الضغط الحاصل عليه في الأشهر الماضية المؤدي فيما يشاع حينها إلى تشكيل مجلس رئاسي ثلاثي الأعضاء ورئيساً للحكومة.

 

وقد اعتمد في تخفيف حدة الضغط عليه بمناورات رشيقة دقت اسفيناً في تحالفات خصومه واستنصاراً بدعم الغرب المشغول حالياً بما هو أكثر أهمية في قائمة أولوياته فرأى استمرار الرئاسي سداً للفراغ ليس إيماناً به ولا بقدرته، وإنما لتميزه عن البدائل المطروحة وفقاً للمثل الشعبي ” في الهم ما تختار “

 

إلا أن هذا الهدوء في حقيقته ينذر بعاصفة نارية ستجتاح البلاد عموماً والعاصمة خصوصاً لأسباب منطقية ليست من قبيل الوحي أو التنبؤ بالغيب؛ أولها استنفاد كل الشرعيات المفترضة لأسباب وجودها واستمرارها فلا مجلس النواب صار ممثلاً شرعياً للشعب ولا لمجلس الدولة أي دور حقيقي سوى نيل حصة من الوجود الإعلامي دون أي اختصاص ملموس ولا أدوات مؤثرة، ناهيك عن المجلس الرئاسي منفرط العقد الذي أضحى يتكئ على الدعم الدولي دون سواه وفقدانه القدرة على الإصلاح أو التقويم كيف لا، والإعوجاج مبدأه في كيانه وسند شرعيته التي انصهرت بمضي المدة دون وجود أي مؤشرات جدية لمرحلة جديدة تتجدد فيها الشرعية وتكتسب من خلالها مؤسسات الدولة المشروعية القانونية .

 

وحيث أن أم المصائب في بلادنا هي انفصام القوة عن السلطة فأضحت الأخيرة رهينة للأولى و خاضعة لإملاءاتها الأمر الذي يجعل من صراع تلك القوى على الظفر بنصيب الأسد في معادلة الهيمنة و السيطرة على السلطة السياسية الحالية أو الإضطلاع بمركز متقدم كقوة على الأرض لتحصد أكبر قدر من الأهمية في أي تسوية مقبلة و هذا لن يتأتى إلا بهزة ” عرجون ” لا يسمعون حسيسها أرباب السلطة المتكئين على أرائك طريق السكة وغيرها من مجالس السلطان المنتشرة في كل مكان .

 

حِينَئِذٍ ،، فإن المسؤولية الوطنية تقتضي على الجميع تجنيب البلاد والعباد ويلات صراع مسلح جديد قد لا يكون الأخير طالما كانت الحلول المطروحة غير واقعية و ترقيعية.

 

ولا أعتقد أن البعثة الأممية بمقدورها فرض حل للأزمة بقدر قدرتها على التكيف مع الأزمة وإدارتها كمايسترو يدير جوقة العازفين ولا يملك تغيير المعزوفة التي قوامها النار والدمار على كل الأصعدة الإنسانية والاقتصادية والسياسية حتى ينخر هذا الصراع جسد الدولة الذي فتكت به تلك النزاعات التي ستؤدي قريباً إذا استمر هذا الحال إلى انهيار كبير لن يكون بمقدور أحد السيطرة عليه إلا إذا كان المخطط المرسوم الوصول الى تلك المرحلة لغاية في نفس مجهول يدرك ما يفعل ولا نستدرك الطريق قبل أن نهلك.

 

المصدر: صفحة الكاتب على فيسبوك

التدوينة لا يسمعون حسيسها ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “لا يسمعون حسيسها”

إرسال تعليق