طرابلس اليوم

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

بعد الضربات الموجعة.. سفير الإمارات يعمل على تشكيل جبهة بقيادة محسن مرزوق

,

عائد عميرة/ كاتب تونسي

ضربات موجعة، الواحدة تلوى الأخرى، تلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة في أرض تونس على يد التونسيين، ضربات حتمت على السلطات الإماراتية التحرك بما لها من قوة للملمة أوراقها في تونس الثورة، علها تنقذ صورتها وتفلح في القيام بدورها المشبوه في مهد الربيع العربي، غير مكترثة بسيادة الدول ولا القانون الدولي.

لملمة الأوراق

في خضم الأزمة القائمة بين تونس ودولة “آل زايد”، والحديث عن توتر العلاقات بين الطرفين ووصولها إلى منزلق خطير لم تصل إليه سابقًا، مع إصرار الإمارات على إهانة تونس والتونسيين والرد القاسي الذي وجه لها، مربكًا بعض حساباتها، تحدث العديد من المتابعين للشأن السياسي في تونس عن محاولات إماراتية “خبيثة” لترصيص صفوفها عن طريق رجالها هناك لاستعادة مكانتها.

المكلف بالشؤون السياسية بحركة نداء تونس برهان بسيس، تحدث عن هذا الأمر مؤخرًا وإن لم يصرح به لفظًا، فقد كتب، السبت الماضي، تدوينة على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، جاء فيها: “سفير دولة أجنبية قدم إلينا في نداء تونس ليعرض وساطته بين النداء وحزب تونسي آخر، لتوحيد العائلة التقدمية العصرية”.

مصادر مطلعة في حزب النداء، أكدت لنون بوست، أن السفير الذي تحدث عنه برهان بسيس هو السفير الإماراتي سالم عيسى القطام الزعابي، والحزب التونسي الذي عرض السفير الوساطة بينه وبين النداء، هو حزب “مشروع تونس” لصاحبه محسن مرزوق، أحد بيادق الإمارات في البلاد.

كلام بسيس جاء ليؤكد التقارير التي تحدثت عن عرض السفير الإماراتي على المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي في أثناء لقاء جمع الاثنين في الـ15 من ديسمبر/كانون الأول الحاليّ، الوساطة بين الحزبين وفض النزاعات والخلافات العالقة بينهما وتوحيدهما للسيطرة على السلطة وإقصاء حركة النهضة الإسلامية من الحكم.

إقصاء النهضة من الحكم

نتيجة فشل مراهنتها على “النداء” و”المشروع” كل على حدة، أرادت سلطات دولة الإمارات التي تأسست حديثًا، أن توحد الطرفين وتجمع بينهما، وتعمل من خلالهما على ضرب التجربة التونسية وإرباك الوضع العام في البلاد بما يتماشى مع سياسة الإمارات في المنطقة وسعيها إلى إجهاض الثورات العربية.

ويسعى صانع القرار الإماراتي بمساعدة حلفائه في مهد الربيع العربي إلى حث حزب حركة نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحاكم في البلاد على فك تحالفه بحزب حركة النهضة الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية، لإرباك الوضع في البلاد ودفعه إلى عدم الاستقرار والفوضى، حتى تفشل تجربة الانتقال الديمقراطي التي تعرفها البلاد منذ يناير 2011.

ومعروف أن أغلب أعضاء “مشروع تونس” وقياداته كانوا ينتمون لحزب “نداء تونس”، قبل أن ينفصل محسن مرزوق عن الحزب في ديسمبر/كانون الأول 2015، ويعلن تأسيس حزبه الجديد في مارس/ آذار، ويؤكد رفضه العمل مع حركة النهضة واصطفافه إلى قوى الثورة المضادة وأجنداتها التخريبية في البلاد والمنطقة العربية بقيادة دولة الإمارات.

ويسعى “أبناء زايد” إلى استغلال حالة التوتر بين بعض قيادات نداء تونس وحركة النهضة التي جاءت نتيجة فوز المدون المستقل ياسين العياري في الانتخابات الجزئية المقامة في دائرة ألمانيا، وفشل مرشح “النداء” في الحفاظ على مقعد الحزب هناك، حيث حمّل بعض قيادات الحزب حركة النهضة مسؤولية ذلك.

وتزامنت تحركات السفير الإماراتي، مع شن محسن مرزوق هجومًا لاذعًا في وجه التوافق القائم بين حركة النهضة ونداء تونس، داعيًا هذا الأخير إلى فك الارتباط بشريكه وإعادة خلط الأوراق لإقصاء النهضة وإبعادها عن الساحة السياسية في البلاد.

في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير موسع لها، إن القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان الذي يحظى في كل تحركاته بدعم سخي ورعاية كريمة من صديقه الحميم ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، قد نسج علاقات مع قيادات من النظام السابق في تونس ومن اليسار “الاستئصالي” المعارض لحركة النهضة الإسلامية، ومن بينهم رفيق الشلي مسؤول سابق في الداخلية خلال حكم زين العابدين بن علي ورئيس حزب مشروع تونس، ومحسن مرزوق المستشار السابق للرئيس الباجي قايد السبسي، وحسب الصحيفة الفرنسية فإن “الهدف هو الضغط على حزب السبسي لفك تحالفه مع حكومة النهضة”.

عداء متواصل للتجربة التونسية

لا يخفى على أحد، أن اسم دولة الإمارات العربية المتحدة ارتبط بالثورة المضادة وأجندتها التخريبية ومعاداتها للتجربة الديمقراطية التونسية وسعيها إلى إفشال الانتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد، إذ تكن الإمارات حسب التونسيين لمهد الربيع العربي كل البغض والعداء.

يعمل النظام الرسمي الإماراتي الذي استعبد شعبه لسنوات على الإطاحة بهذا الحلم العربي بشتى الوسائل وإن كلفه ذلك حرق الأخضر واليابس

هذا البغض والعداء اتخذ أوجه عدة، فمن رعاية رموز النظام السابق إلى خلق وجوه جديدة مرورًا بتمويل احتجاجات تهدف إلى بث الفوضى والعنف وصولًا إلى الإشراف على تحالفات سياسية بهدف تغيير المشهد السياسي وإرباك الانتقال الديمقراطي الذي تتباهى به تونس بين الدول وإن كان مساره يشهد بين الفينة والأخرى بعض الارتباك والتراجع.

ولا يهم دولة الإمارات العربية المتحدة ممن تتقرب، المهم أن تنجح في إفشال ثورة تونس ومنع وصولها إليهم مهما كلفها ذلك، فيوم خرج شعب تونس إلى الشوارع والميادين يهتف بأعلى صوته، فاتحًا صدره للرصاص غير آبه بنظام قمعي جثم على القلوب والأرواح ردحًا من السنين، “الشعب يريد إسقاط النظام”، كان النظام الرسمي الإماراتي الذي استعبد شعبه لسنوات يسعى للإطاحة بهذا الحلم العربي بشتى الوسائل وإن كلفه ذلك حرق الأخضر واليابس.

عدم اكتراث بسيادة الدول ولا القانون الدولي

تحركات سفير الإمارات وبعض بيادقها كمحمد دحلان في تونس، تؤكد استهانة هذه الدولة المشكلة من اتحاد مجموعة من الإمارات فوق رمال الصحراء حول الخليج العربي بسيادة الدول والقانون الدولي الذي يمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وينص إعلان مبادئ القانون الدولي الصادر في 24 من أكتوبر/تشرين الأول 1970، عن الجمعية العامة للأمم المتحدة على أنه “ليس لدولة أو مجموعة من الدول الحق في التدخل المباشر أو غير المباشر ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى بما يتنافى مع مواثيق الأمم المتحدة”، ويعتبر ذلك إن تم إما عبر التدخل العسكري أو التهديد الموجه ضد مكونات الدولة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو أي تدخل آخر، مخالفًا للقانون الدولي.

ويعرف عن دولة الإمارات تدخلها في الشؤون الداخلية للعديد من الدول، حيث عملت هذه الإمارات على الإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي في مصر من خلال دعم الانقلاب العسكري لعبد الفتاح السيسي، ودعمت قوات الثورة المضادة في ليبيا بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تلاحق قواته قضائيًا بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب، كما دعمت وما زالت انفصال اليمن من خلال الحوثيين تارة لقهر حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وتارة من خلال قوات انفصاليي عدن.

نون بوست

التدوينة بعد الضربات الموجعة.. سفير الإمارات يعمل على تشكيل جبهة بقيادة محسن مرزوق ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “بعد الضربات الموجعة.. سفير الإمارات يعمل على تشكيل جبهة بقيادة محسن مرزوق”

إرسال تعليق