طرابلس اليوم

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

خلفيات المطالبة بعودة الملكية إلى ليبيا …

,

عماد المدولي/ كاتب وصحفي ليبي

في الحقيقة لم أتعجب -كما فعل كثيرون- من مؤتمر برقة الذي عقد تحت قبة البرلمان في مدينة البيضاء و طالب فيه الحاضرون بعودة الملكية وتفعيل دستور الاستقلال فوراً.

وأكد  الحاضرون الذين كانوا ممثلين عن أغلب القبائل والمكونات الاجتماعية في المنطقة الشرقية أن الأمير “محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي” هو الوريث الشرعي دستوريا ليكون ملكا على البلاد، مطالبين بضرورة مباشرة مسؤولياته والاضطلاع بمهامه طبقا لنصوص مواد الدستور، على أن تخضع كل المؤسسات المدنية والعسكرية لدستور المملكة، وهي ذات النقاط التي طالب بها مؤتمر غريان في نهاية أكتوبر الماضي.

بدا الأمر غير مفهوم لدى البعض كون المؤتمر عقد في مدينة البيضاء وهي إحدى أكبر المدن الداعمة لعملية الكرامة و قائدها “خليفة حفتر” – الذي يطمح مؤيدوه إلى تفويضه لحكم البلاد – لكنني اعتقد أنه تسلسل طبيعي للأحداث الأخيرة التي أوضحت لكل من أراد أن يعقل أن الكرامة تحولت – إن لم يكن هو هدفها منذ البداية –  إلى مشروع شخصي للوصول إلى السلطة.

كل الحقائق التي ظهرت على السطح الآن وكل هذه الخلافات والانشقاقات وتفكك التحالفات تثبت كل يوم أن الهدف لم يكن يوماً هو محاربة الإرهاب.

زيادة الفرقة والتشتت الاجتماعي في البلاد والدمار العمراني بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي – منذ اندلاع عملية الكرامة –  قد يكون وراء إعادة الحسابات التي نشهدها في هذه الفترة بما فيها كل التوجهات لإيجاد حلول للأزمة بعيداً عن وهم الحسم العسكري الذي سيطر على تفكير وتحركات الكثيرين في الفترة الماضية بالمنطقة الشرقية بالذات.

وبكل تأكيد يضاف إلى كل تلك الأسباب تعقد الحوار ووصوله إلى طريق شبه مسدود مع الفرقاء السياسيين، والتصرفات غير المسؤولة من البرلمان وعدم قدرته على عقد الجلسات وفشل المجلس الرئاسي في تحسين الوضع الإنساني والاقتصادي للمواطن أثبت أنه لا مجال للشك أن إيجاد حلول للوضع الحالي يجب أن تكون بعيداً عن كل متصدري المشهد الحالي.

حالات الفشل هذه  سواء كانت بسذاجة البعض أو بعمالتهم أو حتى  عبر المغامرات العسكرية الواهمة غذت وأنعشت  فكرة عودة الملكية وتفعيل دستور الاستقلال حتى تستقر الأوضاع من ثم  يستفتى على الدستور وشكل نظام الحكم.

وفي الحقيقة إن العودة إلى خيار الملكية في ليبيا ليس توجهاً جديداً، بل كان قائما منذ عام 2011 لكن هذا التوجه اصطدم بحلم تأسيس دولة ديمقراطية حديثة عبر الانتخابات، وهو أمر طيب ولكن ليس في دولة خرجت من حرب شبه أهلية و دون وجود حتى دستور أو قانون يحكم هذه الانتخابات .. !!

انقلاب القذافي عام 1969 عطل العمل بالدستور، وبعد زوال السبب المعطل من المفترض أن يعود شكل البلاد إلى ما كانت عليه ، أو أننا نعترف بأن ما قام به القذافي كان ثورة ….  وهو أمر غير صحيح بكل تأكيد.

لما لا تكون لدينا تجربة مماثلة لما حدث في إسبانيا عام 1975 ؟ ،  بعد وفاة الديكتاتور “فرانكو” الذي حكم إسبانيا بالحديد والنار وحولها من ملكية إلى جمهورية  قرابة 40 سنة ، رجعت الملكية إليها بعد وفاة “فرانكو”  بيومين فقط لتستعيد إسبانيا مكانتها الدولية العالمية من جديد…

عادت الملكية لإنجلترا بعد تسع سنوات من الحكم الجمهوري – 1649 -1658- لتبقى إلى يومنا هذا فترة الجمهورية فى بريطانيا تشعر كل البريطانيين بالخجل.

كل هذه التجارب التاريخية  أثبتت نجاحها واستقرت الأوضاع في هذه البلدان بشكل ممتاز، والحالة الليبية لا تختلف عنها كثيراً، لدينا دستور كتب بشكل مشرف من قبل الآباء المؤسسين ويتولى الأمير “محمد الحسن السنوسي” زمام الأمور ويتم انتخاب مجلس للشعب بشكل ديمقراطي حقيقي ، وبعد أن تستقر الأوضاع  يمكن القيام باستفتاء شعبي على دستور المملكة وعلى شكل الحكم ونكون حينها قد طوينا هذه الصفحة السوداء من تاريخ بلادنا.

التدوينة خلفيات المطالبة بعودة الملكية إلى ليبيا … ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “خلفيات المطالبة بعودة الملكية إلى ليبيا …”

إرسال تعليق