طرابلس اليوم

الأحد، 31 ديسمبر 2017

الحراك الشبابي في ليبيا: القصة منذ البداية…الجزء الأول

,

محمد تنتوش/ كاتب ليبي

إذا ما ذكرت سنتي 2012 و 2013 لأي شاب  كان أو لا زال مهتما بالحياة السياسية و المجتمع المدني فإنك ستسمع الكثير من القصص حول مدى فاعلية و حركية تلك الفترة من الزمن والمهارات وعن الإمكانيات التي اكتشفها الشباب في أنفسهم خلال تلك الفترة حتى أصبحت بالنسبة للكثيرين منهم نهجا حياتيا ومسيرة مهنية، كان الأمر طبيعيا خاصة مع الزخم والحماس الذي اكتسبه الناس خلال فترة أحداث 2011 وتفاعلهم معها ما بين مؤيد ومعارض، فالمشهد بالنسبة لي وأنا أراه بعد 6 سنوات كان يتعلق بتفاعل المجتمع مع الحياة السياسية و القضايا العامة بغض النظر عن موقفه منها أو حتى عن السلبيات التي نتجت عن بعض من خاض هذا التفاعل دون حمل مسؤولية أخلاقية، لكنه بالنهاية كان يعني الخوض في قضايا لم يكن يُسمح له الحديث عنها سابقا.

الجمعيات الأهلية والمؤسسات المدنية والتوعية المجتمعية كانت وجها جميلا من أوجه خروج الشباب إلى الواجهة، كذلك كانت الحملات الإنتخابية_مع تحفظي على الكثير من الممارسات التي كنا نقوم بها في إطار المنافسة الإنتخابية_ للمستقلين والأحزاب بالإضافة إلى المظاهرات والإعتصامات وغيرها، كلها كانت بالنسبة لي علامة إيجاب لأنها كانت تعني أن فئة مهمة من المجتمع لم تعد تكتفي بخطابات المسؤولين المبنية على المجاملات و التخدير المؤقت للشباب بل لم يعد يكفيها أن تعبر عن آرائها فقط بل تتجه نحو الفعل أيضا في ساحات أخرى غير ساحات الموت.

لعل أبرز الحركات التي قام بها الشباب خلال فترة التفاعل مع عمل “المؤتمر الوطني” هي حراك “لا للتمديد” الذي أطلقه الشباب للتعبير عن رغبتهم في رفض استمرار عمل المؤتمر الوطني نظرا لانتهاء مدة عمله حسب تقدير المشرفين على الحراك، الكثير من المهتمين و السياسيين كانوا يشعرون بالريبة من هذا الحراك نظرا لتقارب فترة إنطلاقها مع “حركة تمرد” المصرية التي تسبب عملها بالتمهيد شعبيا  للعسكر في مصر للقيام بانقلابهم في 30 يونيو 2013، لكن لا أحد يمكنه الإنكار أن حراك “لا للتمديد” وجد من المبررات الكثير لينطلق بتلك الطريقة ووجدت فيه فئة كبيرة من الشعب الليبي ما يتطابق مع خواطرها وأفكارها فيما يتعلق بآرائها في الأوضاع السياسية في ذلك الوقت خصوص وأن المؤتمر الوطني قد تأخر في إنجاز مهامه في المدة المقدرة لها بغض النظر عن  ما إذا كان مجموع تلك المدد مرتبطا بصلاحية عمل المؤتمر أم أن صلاحيته وشرعيته مرتبطة بإنجاز تلك المهام بغض النظر عن التقيد بالمدة. مآلات ونتائج حراك “لا للتمديد” لم تعجب الكثيرين بسبب ما آلت إليه الأمور بعد الدخول في مرحلة إنتقالية ثانية من خلال انتخابات مجلس النواب وما رافق ذلك من عمليات عسكرية في مناطق شاسعة من البلاد، لكن الأمر لم يكن مرتبطا بحراك “لا للتمديد”_بالرغم من أني كنت أفضل استمرار المؤتمر على الدخول الى مرحلة انتقالية ثانية_ لكن الحراك كان بالنهاية معبرا عن آراء الشارع و الانقسام والحروب التي رافقت انتخابات البرلمان إنما كانت لأسباب سياسية واجتماعية كامنة في المجتمع الليبي تسببت فيها الخصومات السياسية و طريقة العمل المؤتمر في أحيان كثيرة ولم تكن بسبب انطلاق حراك “لا للتمديد” الذي أرى من جهة ما إيجابية أنه كان انتصارا لحراك شبابي مطلبي واسع وكان يعني أن هذه الفئة لها القدرة على التغيير بشكل كبير.

توسعت في الحديث عن حراك “لا للتمديد” ربما لأنه كان أكثر حراك شبابي مطلبي نجح في تحقيق أهدافه ولو أنني لم أكن جزء منه ولو عاد بي الزمان لن أكون جزء منه أيضا، لكنه كان تجربة لها سلبياتها وإيجابياتها وهي تجربة جديرة بالدراسة و استخلاص العبر والدروس. الحراك ظل أيضا آخر حراك مطلبي ناجح لفترة من الزمن لكنه لم يكن التجربة الأخيرة.

حراك” شباب طرابلس” قام بدور كبير ومجهود جبار جدا في فترة قليلة وبمجهودات بسيطة من خلال تخفيف حدة آثار الحرب التي عانت منها طرابلس و المناطق المجاورة فانطلقت فرق الإغاثة في كل مناطق الحرب التي شملتها طرابلس لتوفر الغذاء والدواء والماء كما انطلقت التنسيقيات الطلابية و الحملات الكشفية لذات السبب، لكن المساحة التي كان يعمل بها حراك”شباب طرابلس” كانت أوسع لأنها كانت أيضا سياسية بطريقة ما من خلال المظاهرات الرافضة للحرب بين الإخوة الليبيين ومحاولات التواصل مع أطراف النزاع للقيام بهدنة تمكن فرق المساعدات من الوصول إلى المجتاجين بطريق أكثر أمانا.

كان صوت الرصاص أقوى من صوت الشباب لفترة 3 سنوات أخرى منذ أحداث 2014 وحتى منتصف 2017 حيث توقفت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني و خلت الساحات من المتظاهرين إلا اللهم المناصرين لأطراف النزاع، وتعثرت كل محاولة لإعادة الإنبعاث من جديد لكن المحاولات لم تنجح، حتى أتى حراك ” أجل باش تعدل” الذي سأكمل معه قصة الحراك الشبابي في ليبيا في جزء ثاني إن شاء الله تعالى.

التدوينة الحراك الشبابي في ليبيا: القصة منذ البداية…الجزء الأول ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الحراك الشبابي في ليبيا: القصة منذ البداية…الجزء الأول”

إرسال تعليق