طرابلس اليوم

الخميس، 7 ديسمبر 2017

ما بين وهم الفضيلة والنهاية القادمة

,

احميد عويدات/ كاتب من الجنوب الليبي

ما بين أوهام السّامية العرقية والذات الفاضلة بُنِيَ هذا المجتمع الليبي الفاضل.

معضلة تجارة الرقيق التي بدأت منذ أيام قليلة وبلغ صداها أقاصي المعمورة ليست بمسألة جديدة علينا.

بل وجدنا لها الكثير من المسمّيات العرقية للاستعباد على مر الزمن، لا توجد قبيلة أو أسرة أو أي مكون ليبي يمكنه نفي هذا وإنكاره، فالمسألة متجذرة في ذواتنا، وقد يعتبرها البعض أيضاً من مميزات المكوّن الذي ينحدر منه.

نحن من قمنا ببناء هذا الوضع ودعمنا أركانه، نحن من استسغنا لغيرنا هذه الأسماء مفضلين به أنفسنا عن بقية البشر، وواضعين بقيتهم في مستوى الدونية. فلماذا الاستغراب وكل هذا الهرج وإنكار ما هوموجود لدينا؟

عيوب هذا المجتمع بدأت تظهر واضحة للعيان، بل لكافّة البشر على الأرض كذلك، الشروخ التي كانت تسترها عباءة الفضيلة خرجت للعيان لتبيّن هذا المجتمع المشوّه إنسانياً قبل أن ذلك التشوه الأخلاقي.

لا نعمّم على الكلّ بل الغالبية العظمى، تجارة الرقيق لم تكن لتلقى مجالاً لتزدهر لدينا هنا في الجنوب أو في ليبيا جمعاء، لولم تكن الحاضنة الاجتماعية لهذه المكونات التي تعيش وتتعايش في هذه المنطقة مشجعة عليها، ليس هذا وحسب بل لا تزال هذه الحاضنة تزرع ثقافة امتلاك البشر من ذوي اللون المختلف عنّا، لأسباب متعددة.

لا يمكن مكافحة انعدام الإنسانية لدى هكذا نوع من المجتمع بدون اجتثاث جذور السمّوالذي يحيط به الليبيون أنفسهم، كعرق صاف لا تشوبه شائبة.

المعاهدات والاتفاقيات وحتى القوانين في ديننا الذي ندّعي الانتماء له، ضربنا بها عرض الحائط فما بالك بقوانين هي أدنى ووضعها البشر .

صحة الواقع المنقول للعالم لم يعد يهّم، فالفكرة الأولى هي التي سيبنى عليها كل ما هوأتيٍ مستقبلاً.

لم يعد يهم إن كان جعل الجاليات الإفريقية مثلنا من دول الوسط تخاف عبور البلاد من أجل إيقاف أفواج المهاجرين، فقد تم فتح الباب على مصراعيه الآن للجميع للتدخّل بحجج الحماية الدولية للبشر وقوانين حقوق الإنسان الآن.

الأمر المثير للاستغراب كذلك، كان من ناحية المسؤولين العاجزين، الذين يجلسون على مفاصل الدولة، فلم يخرج أي أحد منهم لقول كلمة واحدة تنفي بلغة واثقة؛ أوحتى تبرّر ما حصل ولو كان ذلك تبريرا مرحليا، جلّ ما وجدناه هو تكالب الجميع على سنّ التقاعد من أجل إسكات جوع ملك ملوك النوّاب لدينا شرقا، أما غرباً فحدّث ولا حرج.

إن لم نصل الآن الى نقطة معينة نتفاهم فيها حول اختلافاتنا جمعاء، فإنّنا قريباً سنواجه العدم، الأمر الآن خرج من يدي الكل.

لا يوجد حل غير الالتفاف حول المبعوث الأممي وبرنامجه الذي قدّمه للجميع، هذا مايُدّفع إليه الليبيون الآن .

أركان الدولة بدأت فعلياً بالانهيار ومرحلة إعادة التعبئة التي ينتظر الجميع انتهاءها من أجل شن الحرب القادمة والتي يليها، لن تنتهي إلا بجعل البلاد تذهب الى ملفّ الوصاية المباشرة لإحدى الدول الخمس الكبرى، إلى أجل غير مسمّى، وهذا ما لا تراه النخبة القاصرة لدينا.

الدولة في ظلّ الظروف الحالية بسبب اقتصادها الريعي في الأساس أصبحت على حافّة الإفلاس، الناس بدأت تأكل بعضها البعض، لا تفويضات شعبية ولا أي هرطقيات قبليّة سترمّم لنا واقع هذه الحالة الضنكة.

لا عيب في أن يتمسّك من وقع في بئر بحبلٍ لينجو به، أيّا كان ممسكه من أجل النجاة.

ولا عيب في العودة إلى البداية فنحن لا نزال أطفال، وأمامنا من يمكنه الأخذ بيدينا الى برّ الأمان.

 

التدوينة ما بين وهم الفضيلة والنهاية القادمة ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ما بين وهم الفضيلة والنهاية القادمة”

إرسال تعليق