طرابلس اليوم

الاثنين، 19 فبراير 2018

من يقف خلف تفجيرات بنغازي؟

,

حمدي عبد الرحمن

خلت مدينة بنغازي الليبية من كل عنصر إسلامي متشددا كان أم معتدلا منذ أن أعلن قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد

خليفة حفتر في الخامس من يوليو من العام الماضي تحرير المدينة تحريرا كاملا غير منقوص ما يعني أن المدينة أصبحت بالكامل تحت سيطرة قواته بعد قتال استمر قرابة الثلاث سنوات.

غير أن مدينة بنغازي لم تلبث قليلا حتى شهدت أعنف تفجيرين في تاريخها استهدفا مسجدين من مساجدها، ففي الثالث والعشرين من هذا العام استهدف مسجد بيعة الرضوان بمنطقة السلماني بسيارتين مفخختين راح ضحيته أحد عشر قتيلا وأكثر من 25 جريحا، واستهدف في التاسع من فبراير الماضي مسجد سعد بن عبادة بمنطقة الماجوري بعبوة ناسفة قتل فيه شخصان أحدهما خطيب المسجد فيما خلف أكثر من مائة جريح.

والمتتبع لهذين التفجيرين الأولين في حجميهما ونوعيهما يدرك أنهما لم يقعا طيلة فترة الحرب في بنغازي بين قوات الكرامة وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي المتهمة من قبل الكرامة بالإرهاب والتطرف كما يدرك أن التفجيرين لم يقعا إلا بعد أن دب الخلاف داخل معسكر عملية الكرامة بين فريق يؤيد الاتفاق السياسي والحكومة المنبثقة عنه التي صار ممثلا لها في شرق البلاد النقيب فرج قعيم وكيل وزارة الداخلية، وبين فريق لا يعترف بالاتفاق ونتائجه مؤكدا عزمه استمرار العمليات العسكرية حتى تحرير كامل تراب الوطن وبسط السيطرة عليه يتزعمه خليفة حفتر.

سبقت التفجيرين الكبيرين شرارة المواجهة بين هذين الفريقين إثر استهداف النقيب فرج قعيم وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني بسيارتين مفخختين كانت الأولى منهما في الخامس من نوفمبر الماضي، ولم تمض خمسة أيام حتى استهدفته سيارة ثانية؛ مما دفع قعيم إلى الخروج عن صمته والتصريح بأن حفتر يقف وراء محاولتي اغتياله مهددا هذه المرة حفتر وقادته طالبا منهم الخروج من مدينة بنغازي وإخلائها من أجهزتهم الأمنية والعسكرية، وهو ما دفع نجل خليفة حفتر ” خالد ” إلى التحرك بكتيبته نحو قرية برسس القريبة من بنغازي، معقل النقيب فرج قعيم والسيطرة عليها وعلى المعدات العسكرية فيها واعتقال قعيم وإيداعه سجن منطقة الرجمة إحدى ضواحي بنغازي وهي مقر ما يعرف بالقيادة العامة للجيش الليبي.

علمت القوات المحسوبة على النقيب قعيم ومن يواليها من زعامات قبلية أن هذه الخطوة هي مقدمة لإقصائها وتهميشها من قبل قيادة عملية الكرامة بعد البلاء الذي أبلوه طيلة فترة الحرب، وأنهم لا محالة مستأصلون بسبب موالاتهم لرجل أراد أن يطردها من مدينة بنغازي مما دفع البعض إلى توجيه أصابع اتهامه إليها وأنها تقف وارء زعزعة الأمن والانفلات الأمني الذي شهدته مدينة بنغازي مؤخرا متوجا بالتفجيرين الأخيرين ومقدما له بسلسلة عمليات اغتيال نالت بعض الضباط في الجيش والشرطة.

التفجيران الذي شهدتهما مدينة بنغازي مؤخرا استهدفا شخصيات منتمية إلى الفكر السلفي المدخلي عرفت بفاعليتها في عملية الكرامة فقد استهدف الأول أحمد الفيتوري آمر سرية التحري والقبض فيما استهدف الثاني خالد القذافي إمام وخطيب مسجد سعد بن عبادة وهو شخصية بارزة في صفوف هذا التيار؛ الأمر الذي جعل البعض يذهب إلى اتهام ما يسمى بالقيادة العامة للجيش الليبي بتدبير التفجيرين خشية تغول التيار المدخلي في الأجهزة العسكرية والأمنية، وهو ما يؤكده حل الكتيبة البحرية التي يكثر في صفوفها عناصر تابعة لهذا التيار، وما يؤكده أيضا توجه دول إقليمية داعمة لعملية الكرامة إلى تحجيم التيار المدخلي واستبداله بعد أن قضت به غايتها.

لم يمض على التفجير الأول يوم واحد حتى أعدم الضابط المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية محمود الورفلي مجموعة من السجناء أمام مسجد بيعة الرضوان بمنطقة السلماني الذي استهدفه التفجير ما عده البعض تحديا لمحكمة الجنايات التي طالبت رئيسه حفتر بتسليمه أكثر من مرة.

الورفلي معروف بعلاقته الوطيدة مع التيار المدخلي ويبدو أنه متأثر بأفكاره فهو ما يلبث أن يظهر في أحد مشاهد الإعدامات وهو يردد نصوصا من القرآن والسنة ثم يؤولها التأويل الخاص بهذا التيار قبل أن ينفذ بساعده الأيمن حكم الموت في رؤوس معصوبة العينين جاثية على ركبها مصفوفة صفا واحدا، كما أن الورفلي سبق له أن حدثت خلافات بينه وبينه الضابط عون الفرجاني ابن عم المتقاعد حفتر ومدير مكتبه، بدا ذلك في مكالمة مسربة بينهما، واتسعت دائرة هذا الخلاف حتى توج بتسليم الورفلي نفسه للقيادة العامة بمنطقة الرجمة مما جعل أنصاره يخرجون في بنغازي مغلقين بعض الطرقات مسببين اضطرابا أمنيا في المدينة وهو ما جعل القيادة العامة تطلق سراحه، مما دفع البعض إلى تفسير ذلك أن الورفلي أراد بإعداماته الأخيرة الرد على ما يسمى بالقيادة العامة التي استهدفت مقربين منه وذلك بغرض توريطه معها فهي المسؤولة عن تصرفاته وأفعاله فهو على كل حال مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية والاستمرار في هذه الأفعال تحرج قيادته قبل أي أحد وربما تتسع الدائرة لتطالهم اتهامات محكمة الجنايات.

كل ذلك يحدث في ظل انقسام سياسي حاد لم تستطع حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات أن تنهيه مما يرجح لمثل هذه العمليات أن تستمر في ظل وجود مشروع سياسي آخر في شرق البلاد متخذا من هذه الأحداث الدامية ذريعة للوصول إلى الحكم.

التدوينة من يقف خلف تفجيرات بنغازي؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “من يقف خلف تفجيرات بنغازي؟”

إرسال تعليق